يستمر رفض العاملين في جامعة صنعاء للقرار الصادر عن رئيس الجامعة أحمد دغار، المعين من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والذي قضى بفصل 117 من الأساتذة الأكاديميين ومساعديهم دفعة واحدة.
وقال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة، الدكتور فؤاد الصلاحي، وهو أحد المفصولين: “إن القرار يهدف إلى تدمير الجامعة وتجريف كوادرها وعقولها”، كما وصفه بـ”الجريمة، لا سيما في مجتمع غالبيته من الأميين، فضلا عن أنه غير قانوني”.
وأوضح الصلاحي أن لديه “قرارا بإجازة تفرغ علمي لسنتين، ووفقا لقانون الجامعات يمكنني أن أحصل على إجازة بدون راتب مدتها ثلاث سنوات، ورغم ذلك ما زلت على تواصل مع الجامعة وأشرف على طلاب الدراسات العليا وأتواصل معهم باستمرار، رغم أني مجاز قانوناً”. ولفت إلى أن إدراج اسمه ضمن كشف الأكاديميين المفصولين “له طابع سياسي بسبب كتاباتي وانتقادي للجماعة (الحوثيين) عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي”.
كما أوضح الأستاذ المشارك في كلية الطب والعلوم الصحية في جامعة صنعاء، الدكتور ناجي الحاج، أن إدارة الجامعة تجاهلت خطاباته لينتهي الأمر بفصله. وقال لـ”العربي الجديد”: “تركت اليمن بعد ثلاثة أشهر من الحرب، بعد إغلاق جامعة صنعاء نتيجة الضربات الجوية. وتقدمت بطلب استضافتي للتفرغ العلمي من جامعتي السابقة في ماليزيا، وعند وصولي إلى هناك، أرسلت للقسم والكلية طلب الموافقة على تفرغي العلمي”.
وأشار إلى أن لوائح الجامعة تسمح له بالحصول على فترة تفرغ علمي مدتها عام مع الراتب وتذاكر السفر، لكنه لم يحصل عليها وسافر على نفقته الخاصة. وتابع: “يمكنني بحسب اللائحة، التقدم بطلب تفرغ علمي لمدة لا تزيد عن ثلاثة أعوام دون راتب، وهو ما فعلته، إذ أرسلت بطلب الحصول على الموافقة، لكن الموضوع توقف في مجلس الكلية، وأصدر رئيس الجامعة آنذاك شوقي الصغير قراراً بمنع التفرغ العلمي براتب أو بدون راتب”.
وأوضح الحاج أن “البت في هذا الموضوع تأجل لأكثر من عام، وفي العام الثالث للحرب، وتحديدا في سبتمبر/ أيلول الماضي، تقدمنا بطلب الموافقة على التفرغ العلمي بدون راتب، إلا أن الطلب قوبل بالرفض مرة أخرى، بحجة منع إصدار قرارات التفرغ على الرغم من صدور بعض القرارات في كليتنا لحالات مُشابهة”. وبيّن أن الجامعة رفضت توفير تذاكر عودته إلى اليمن، بعد الإشارة إلى أن “مجلس الجامعة بصدد إصدار قرار فصل بحق عشرات المدرسين، واسمي بينهم”.
وطالب “الحكومة باستيعاب أعضاء هيئة التدريس والأكاديميين في جامعات المحافظات المحررة وإعطائهم حقوقهم. وأتمنى أن يكون للشرعية ممثلة بحكومة دكتور معين ووزير التعليم العالي، موقفاً إيجابياً تجاه كل الحالات التي فصلت منذ اجتياح الحوثي لليمن”.
مصدر في رئاسة الجامعة وصف قرار الفصل بالإجراء بـ”غير القانوني”. وأوضح المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، أن هذا الإجراء في ظل الوضع الذي يعيشه العاملون في الجامعة بسبب انقطاع المرتبات وعدم قدرة الكثيرين منهم على الذهاب إلى الجامعة، يعتبر إجراءً تعسفياً وغير مبرر.
وقال: “رئيس الجامعة المعين من قبل الحوثيين يعمل على مضايقة الأكاديميين المناوئين للجماعة، ويمارس ضدهم إجراءات غير قانونية لتنفيذ استراتيجية الجماعة في الاستيلاء على الجامعة وتعيين أشخاص موالين لهم عقائديا”، مؤكداً “استغلال الحوثيين للجامعة لنشر فكرهم ومعتقداتهم الطائفية واستقطاب طلاب للزج بهم في جبهات القتال التي أشعلوها في عموم البلاد”.
وأشار المصدر إلى أن “وضع الجامعة أصبح متردياً في ظل سيطرة الحوثيين، مع سوء الإدارة وعدم الاهتمام والاستحواذ على الإيرادات، وتسخيرها لأعمال وأنشطة طائفية ليست لها علاقة بالعمل الجامعي ولا التعليم”. ولفت إلى أن عدداً من الأكاديميين والموظفين “فروا من بطش جماعة الحوثي إلى محافظات أخرى أو إلى خارج اليمن بعدما أحكمت الجماعة سيطرتها على مؤسسات الدولة وسجن واختطاف المناوئين لها”.
وتداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي كشوفات، اطلع عليها “العربي الجديد”، أظهرت أسماء المفصولين من الأكاديميين بتاريخ الثاني من شهر ديسمبر الجاري.
وعملية الفصل ليست الأولى، إذ أقدمت الجامعة على فصل 66 من أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم من وظائفهم التعليمية في سبتمبر/أيلول 2016، ما أثار الجدل والاستياء في الأوساط الأكاديمية في حينه، واعتبره بعضهم قراراً تعسفياً أصدرته رئاسة الجامعة بحق عشرات العاملين بسبب مواقفهم السياسية ضد جماعة الحوثي. لكن رئاسة الجامعة نفت أن تكون دوافع القرار سياسية، مؤكدة “قانونيته وصوابيته”، مشددة على عدم فصل أي موظف في الجامعة بسبب موقفه السياسي.
وتبعت عملية الفصل آنذاك تعيينات جديدة لشخصيات موالية للحوثيين عقائديا. وسبق لموقع “العربي الجديد” أن نشر قرار رئيس الجامعة السابق، المعين من قبل جماعة الحوثي، فوزي الصغير، الذي أصدره في العاشر من سبتمبر/أيلول 2017، والقاضي بتعيين عمداء ونواب ومساعدين. كما استحدث ثلاثة مناصب غير منصوص عنها في قانون الجامعات ولائحته التنفيذية وهي مناصب مساعدين لنواب رئيس الجامعة ومستشار له لشؤون الإعلام. وقوبلت تلك الخطوات آنذاك برفض من قبل بعض الكليات، كان منها مجلس كلية الطب والعلوم الصحية الذي اعترض على تعيين نائب عميد للكلية، معتبرا أن ذلك مخالفة صريحة للقانون.
هذه الإجراءات تسببت في توقف العملية التعليمية في الجامعة لأكثر من مرة جراء إضراب نقابة هيئة التدريس في الجامعة ومساعديها الذين احتجوا على هذه الممارسات.
وبحسب وفد الحكومة اليمنية الشرعية في مشاورات السويد، فإن جماعة الحوثيين اختطفت 60 أكاديمياً منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر/ أيلول 2014.