تعز (اليمن) (رويترز) – يرقد الطفل غازي محمد الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام على سرير يعلوه الغبار في جناح بأحد المستشفيات في مدينة تعز اليمنية وقد خارت قواه فلم يكد يستطيع مراقبة الأطباء والممرضين وهم يفحصون جسده الهزيل.
ويزن الصبي 8.5 كيلوجرام فحسب أي أقل من ثلث متوسط الوزن لصبي في عمره. وهرب غازي من الجوع والفقر في قريته الجبلية العام الماضي ليجد المزيد من المعاناة في انتظاره في تعز، ثالث أكبر مدينة في البلاد.
وقال طبيبه أمين العسلي ”هذا يعطيك انطباعا إنه مثلا المساعدات الغذائية التي تأتي للشعب اليمني لن تصل لأهلها أو للمحتاجين لها، يعني توزيع عشوائي يعني هؤلاء لا يوجد لهم ما يأكلوه بالبيت، يعني وجبة واحدة“.
وبعد أن كانت القوى الغربية تمد التحالف الذي تقوده السعودية بالأسلحة والمعلومات في حربه ضد الحوثيين في اليمن منذ نحو ثلاث سنوات، تضغط هذه القوى الآن لإنهاء الصراع الذي قتل أكثر من عشرة آلاف شخص ووضع البلد على شفا المجاعة.
وشدد الغرب مواقفه بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وهو منتقد للسياسة السعودية، في قنصلية الرياض في اسطنبول يوم الثاني من أكتوبر تشرين الأول.
وأثار موته غضبا عالميا وسلط الضوء على الحملة التي تشنها السعودية على المعارضة وسياساتها الخارجية بما في ذلك دورها في حرب اليمن والتي انتقدتها جماعات حقوق الإنسان ومشرعون أمريكيون.
لكن الدعوات لإنهاء القتال جاءت بعد فوات الأوان بالنسبة لملايين المدنيين اليمنيين، ومنهم الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والجوع في الحرب المعقدة المتعددة الأطراف.
ويقول يوسف الصلوي وهو طبيب آخر ”هو (الطفل) يحتاج إلى رعاية كاملة بدءا بالمستشفى وبعدين بالمنزل“، مضيفا أن الأمر يتوقف على الوضع المادي للأسرة نظرا لأن سوء التغذية يمكن أن يصيب الأسرة بأكملها.
وفي تعز، يعاني الأطفال الذين يصارعون الموت في المستشفيات من الصدمات بسبب القصف المدفعي المستمر وإطلاق الصواريخ والمدافع المضادة للطائرات فيما تقاتل قوات الحكومة المدعومة من السعودية الحوثيين المتحالفين مع إيران في الشوارع المدمرة.
وتقول الأمم المتحدة إن من بين نحو 29 مليون يمني، يحتاج 22 مليونا إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وإن 18 مليونا تقريبا منهم يعانون من الجوع بينما يعاني 8.4 مليون من الجوع الشديد.
وقال ستيفن أندرسون مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في اليمن ”نأمل أن تعود المحادثات بشأن عملية السلام إلى مسارها. هذا يمنحنا الأمل، لكن من المهم للغاية للشعب اليمني أن يتوقف هذا الصراع في أسرع وقت ممكن“.
*هجوم على الحديدة
يأمل مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن جريفيث في حمل الطرفين المتحاربين على الجلوس على طاولة المفاوضات قبل نهاية العام.
وبعد السيطرة على ميناء عدن الجنوبي في 2015، لم يحقق التحالف مكاسب كبيرة تذكر. ورغم أنه يتمتع بالتفوق الجوي، فقد أثبت الحوثيون تفوقهم في حرب الشوارع.
ولا يزال الحوثيون يسيطرون على معظم المناطق المأهولة بما في ذلك العاصمة صنعاء وميناء الحديدة.
وجدد التحالف بقيادة السعودية والإمارات هجماته على الحديدة، وهي شريان حياة رئيسي لملايين اليمنيين بينما دعت واشنطن ولندن إلى وقف إطلاق النار.
وتخشى وكالات الإغاثة أن يعطل أي هجوم على الحديدة عملياتها ويعرض المزيد من المدنيين للخطر لأن الميناء لا يزال المصدر الأساسي لواردات الغذاء والمساعدات الإنسانية الضرورية.
واستؤنفت المعارك في الشوارع والضربات الجوية في وقت متأخر أمس الثلاثاء في الحديدة رغم هدوء المعارك في الوقت الذي زار فيه مسؤولون من الأمم المتحدة المدينة المطلة على البحر الأحمر لتقييم الأمن الغذائي.
وقال أحد السكان لرويترز إن الهدوء خيم على الحديدة يوم الأربعاء بعد اشتباكات عنيفة وضربات جوية هزت المدينة. وقال ”هذا أمر مفاجئ للغاية“.