يبدو أن دعوات وقف الحرب في اليمن، والضغوط على السعودية والإمارات والحكومة اليمنية لوقفها تقف جميعها وراء اشتعال الحرب في معظم جبهات القتال الداخلية.
يوم الثلاثاء، قالت الأمم المتحدة إن 10 دول أعربت عن قلقها من تصاعد الأزمة الإنسانية في اليمن، جاء ذلك بعد دعوات من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في بيانات متعددة إلى وقف الحرب في اليمن، وبدء مشاورات نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وعقب الدعوات الغربية بدأت القوات المدعومة من الإمارات عملية عسكرية لتحرير مدينة الحديدة، وخلال أيام أصبحت المعارك على مشارف الأحياء السكنية للمدينة الساحلية غربي البلاد والتي تحوي ميناءً استراتيجياً تعبر من خلاله 79% من واردات البلاد الأساسية.
كما تقدمت القوات الحكومية في محافظة الضالع وحررت أجزاء واسعة من مديرية “دمت” الخاضعة للحوثيين، وباتت أقرب إلى التقدم نحو محافظة إب وسط البلاد. كما تقدمت القوات الحكومية في محافظة البيضاء المجاورة وسيطرت على سلاسل ومناطق عديدة.
ويرى مركز ستراتفور الأمريكي أن “من المحتمل أن يزيد الضغط الدولي ضد الحرب اليمنية من الضغوط على الرياض للإسراع في محاولة استعادة الميناء، حتى في الوقت الذي تزن فيه المملكة التكاليف الدبلوماسية للعمل مقابل المكاسب الاستراتيجية لخططها في اليمن”.
ويشير المركز إلى أن السعودية والقوات الحكومية اليمنية دفعت ب10 آلاف مقاتل جديد من أجل اجتياح المدينة الساحلية. وقال إن ذلك يمنح السعوديين بعض المرونة للمضي قدما، بما في ذلك الحفاظ على خيار الدفع العسكري باتجاه المدينة، قبل أن تقرر الولايات المتحدة خفض دعمها للمجهود الحربي.
وحسب صحيفة التايمز البريطانية فعدد القوات الحكومية يصل إلى 30 ألفاً، ويوم الاثنين وصلت قوة جديدة من 5 آلاف مقاتل.
مصاعب!
وتخشى منظمات دولية ومحلية من أن الانخراط بحرب وسط المدينة التي يفترض أن عدد سكانها قرابة 600 ألف يمني، قد يؤدي إلى خسائر إنسانية رهيبة كما قد تؤدي إلى إغلاق/أو/ توقف عمل ميناء الحديدة.
ويقول “ستراتفور” إن تلك الخسائر الناجمة عن ذلك قد تسرع الجهود التي تبذلها واشنطن وحلفاء آخرون لقطع الدعم.
ومن الاستراتيجيات الأخرى التي قد يدرسها السعوديون الموافقة على محادثات وقف إطلاق النار بقصد دفع الحوثيين إلى تخريب الاتفاق، ما يسمح للرياض بأن تعلق أي فشل على جماعة الحوثيين.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي رفض الحوثيون الذهاب إلى مشاورات في جنيف ترعاها الأمم المتحدة، بعد أن رفض التحالف أن تقلهم طائرة لسلطنة عمان وليس الأمم المتحدة. ويلمح ستراتفور إلى أن السعودية دفعت الحوثيين إلى هذا الخيار.
أما صحيفة “وول استريت جورنال” الأمريكية فترى أن مثل هذه النتائج مثل قضية رفض الحوثيين الوصول إلى جنيف تبلور المصاعب التي تواجه محاولات الوساطة من أجل السلام في اليمن. فقبل المبعوث الجديد “مارتن غريفيث”، ذهب مبعوثان أمميان وعادا بالفشل الذريع.
دعا “غريفيث” إلى مشاورات نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في السويد، وقالت جماعة الحوثي إنها لم تتلقى أي دعوة رسمية بعد.
هل سيوقف التحالف الحرب؟!
وإجابة على هذا التساؤل فإن مركز “ستراتفور” يعتقد أنه و”حتى في ظل موجة من معارضة الولايات المتحدة والعالمية، فلن تغير الرياض موقفها بسهولة في اليمن. حيث لا يعد التدخل السعودي هناك مدفوعا فقط برغبة المملكة في حرمان إيران من موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية، عبر حلفائها الحوثيين، ولكن أيضا بسبب العداوة التاريخية بين السعودية والحوثيين”. فقد خاضت الجماعة حرباً ضد السعودية خلال الحروب الست (2004-2009).
وربما تُغير أزمات دولية متعددة موقف السعودية.
ويشير آدم بارون الزميل بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “لكن حتى وإن وافق التحالف بقيادة السعودية على القيام بأكثر الخطوات الممكنة صعوبة وإنهاء ضرباته الجوية ومعاركه على الأرض بشكل فوري، فلن يُوقف ذلك الصراعَ بين الفصائل اليمنية الأخرى.”
وأضاف: “لا شك في أن تدخُّل التحالف قد زاد من حدة الصراع، لكنك إن نحيت كل ما يفعله التحالف جانباً، فسيظل الصراع مستمراً”
ويلفت جوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية إلى نقطة مهمة متعلقة بالنفوذ والأهداف الفرعية للتحالف في اليمن بما في ذلك وجود قواعد عسكريها لها في جنوب ووسط اليمن يجعل من المشاورات أمراً معقداً.
وقال هلترمان: “إن خطة السلام قد تبدأ بوقف إطلاق النار بمدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ثم وضع اتفاقات أخرى مثل وقف إطلاق القذائف الحوثية على السعودية ووقف الضربات الجوية السعودية، وبعد ذلك الانتقال إلى محادثاتٍ سياسية والاتفاق على وقف لإطلاق النار على نطاقٍ أوسع”.