تعتبر محافظة الحديدة الواقعة على بعد 226 كيلومتراً غرب العاصمة اليمنية صنعاء، من أهم المحافظات اليمنية الساحلية التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية باعتبارها تمتلك ثاني أهم ميناء باليمن بعد ميناء عدن، ويعتبر اهمايه ميناء الحديده للمليشيات الانقلابية باعتباره حلقة الوصل البحري مع إيران لتهريب الأسلحة والسيطرة على القوافل الإنسانية والإغاثية الواصلة لليمن عبره.
يحتوي ميناء الحديدة على 8 أرصفة، بطول إجمالي يتجاوز 1461 متراً، بالإضافة إلى رصيفين آخرين بطول 250 مترا في حوض الميناء، تم تخصيصهما لتفريغ ناقلات النفط. ويبلغ طول الممر الملاحي في الميناء أكثر من 10 أميال بحرية ويبلغ عرضه قرابة 200 متر، فيما يصل عمقه إلى 10 أمتار.
ويستطيع الميناءووفق جريده الاتحاد الامارتيه استقبال سفن بحمولة 31 ألف طن كحد أقصى، كما يوجد في الميناء 12 مستودعاً لتخزين البضائع المختلفة ويمتلك 15 لنشاً بحرياً بمواصفات ومقاييس مختلفة لغرض الإنقاذ البحري والقطر والإرشاد والمناورات البحرية.
أهمية الميناء جعلت القوات اليمنية تتجه لتحرير المحافظة وإحكام السيطرة على كافة المنافذ البحرية لقطع الإمدادات العسكرية على الانقلابيين التي يتم تهريبها من إيران، والتي تستولي على إيراداتها السنوية المقدرة بمئات المليارات.
تحرير ميناء الحديدة
تتسارع الانتصارات الميدانية والعسكرية التي تحرزها القوات اليمنية المشتركة والمسنودة من قوات التحالف العربي في الساحل الغربي وصولاً إلى مدينة الحديدة، هذه المدينة التي تحولت لنار تلتهم كل من يحاول المساس بأرضها. وفي تصريح لمحافظ الحديدة الدكتور الحسن طاهر لـ«الاتحاد» أشار إلى أن ميناء الحديدة الاستراتيجي يعتبر المنفذ الأهم لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى المليشيات الانقلابية في اليمن، وأن الانقلابيين اتخذوا من الميناء قاعدة عسكرية تستهدف خطوط الملاحة في البحر الأحمر، الأمر الذي يجعل من تحرير المحافظة بشكل عام عملية حتمية وضرورية من الناحية العسكرية والإستراتيجية، والتي ستساهم في إنهاء الحرب في البلاد بنسبة كبيرة وتحقق السلام في أرجاء اليمن.
وأكد المحافظ أن تحرير ميناء الحديدة يزيد من فرص تحقيق السلام المنشود في اليمن فالمليشيات الانقلابية كانت تسيطر على المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية، ولا تسمح بوصولها للأهالي، فهناك إحصائيات كبيرة كشفت عن ضحايا الجوع في مناطق كثيرة من تهامة، فالمساعدات كانت تخرج من الميناء صوب صنعاء وذمار والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما تسبب في تفشي الأمراض والمجاعة في محافظة الحديدة، والتي أطلقت فيما سبق نداءات إغاثة لما تعانيه من جوع وتردي في المستوى المعيشي.
كما أشار إلى أن تحرير ميناء الحديدة سيوقف إيرادات ضخمة كانت تجنيها ميليشيات الحوثي الإيرانية، والتي تستخدمها في تمويل حروبها الداخلية في مختلف المحافظات اليمنية، كما أن عملية التحرير ستعزز من إيقاف نشاط تهريب الأسلحة الإيرانية للجماعة الحوثية، وتساهم في تأمين مضيق باب المندب الحيوي من الهجمات الصاروخية والانتحارية على السفن التجارية والعسكرية التي تمر عبر البحر الأحمر.
تخفيف معاناة الأهالي
اعتبر وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية نبيل عبد الحفيظ أن تحرير ميناء الحديدة ليس فقط لدحر ميليشيات الحوثي عسكرياً بل بات مطلبا إنسانيا للتخفيف من معاناة الأهالي الذين يتجرعون ويلات المعاناة التي خلفتها الميليشيات منذ اجتياحها للمحافظة.
وأضاف الوكيل أن أبناء الحديدة ينشدون الخلاص من الميليشيات الحوثية الذين استغلوا ميناء المحافظة لأغراضهم الخاصة في تهريب الأسلحة ونهب المعونات والمساعدات الواصلة للميناء المخصصة للفقراء والأسر المحتاجة سواء في الحديدة أو المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
أهمية استراتيجية
تكمن أهمية ميناء الحديدة، كون معظم الواردات من السلع الغذائية والنفط واحتياجات اليمنيين تدخل عبره وبنسبة تصل إلى 80 بالمائة، كما أن الميناء يقع في محافظة تشهد كثافة بشرية كبيرة وقريبة من محافظات رئيسية على رأسها العاصمة صنعاء، حيث يتجاوز عدد سكانها 2.3 مليون نسمة. وخلال تاريخها الحديث شكلت مركزاً مؤثراً في سياسات البلاد الاقتصادية والسياسية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استعادة محافظة الحديدة ومينائها من قبل القوات اليمنية المشتركة المسنودة بإسناد من القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي يعد تطورا نوعيا سيفتح الطريق لتحرير باقي المحافظات الساحلية في شمال اليمن والعاصمة صنعاء والمحافظات الوسطى المحاذية لها بدءا من محافظات تعز وريمة وحجة والمحويت وإب.
ويؤكد المحللون أن تحرير المحافظة سيعمل على تأمين كافة المنافذ البحرية الهامة التي تتمتع بها البلاد بدءا من باب المندب وصولا إلى ميناء ميدي في محافظة حجة، وهذا سينعكس بدوره على تأمين الخطوط الملاحية الدولية المارة عبر خليج عدن باتجاه قناة السويس في مصر.
ويمثل التسريع بتحرير محافظة الحديدة عملاً ضروريا جدا حيث أنه سيسهم في فتح جبهة تقدم مؤثرة وقوية في اتجاه العاصمة اليمنية صنعاء، وفرض حصار على المليشيات الانقلابية وكل من يواليهم لإجبارهم على التسليم والانصياع للإرادة الشعبية الشرعية في اليمن، وتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بإنهاء الانقلاب المسلح على الشرعية الدستورية.
قطع الإمدادات العسكرية للانقلابيين
يرى عدد من المحللين السياسيين أن أهمية ميناء الحديدة للمليشيات خلال هذه الفترة يعد من أهم المناطق لهم باعتباره آخر الموانئ المتبقية بأيديهم، بعدما استعادت الشرعية اليمنية ميناءي المخا وميدي الاستراتيجيين، حيث يعتبر المنفذ البحري الوحيد الذي يمكن من خلاله توصيل المساعدات الغذائية والطبية لليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وبحسب تقديرات مراقبين عسكريين، فستتمكن القوات اليمنية المشتركة، من قطع غالبية خطوط الإمداد المتجهة إلى الشطر الشرقي من الساحل الغربي، إذا نجحت في التقدم للسيطرة على الحسينية والجراحي وبيت الفقيه وتأمينها من أي عمليات تسلل من قبل المليشيات الإجرامية، في حين ستبقى بعض الطرق الأخرى من شمال الحديدة مفتوحة، خصوصا التي تربطها مع عمران وحجة والمحويت، ولن تتوقف إلا مع تحرير المدينة ومواصلة التقدم للسيطرة على الطريق القادم من حجة وعمران.
ويرى المحلل السياسي علي الخلاقي، أن الحديدة باتت على موعد إطلاق عملية عسكرية واسعة لتحرير المدينة ومينائها الاستراتيجي الذي يعد الشريان الرئيسي المغذي بالأسلحة والأموال للانقلابيين، خصوصاً مع إهدار الحوثيين لكافة الفرص المتاحة والمقدمة من الشرعية والتحالف في تسليم المدينة والميناء.
وأكد أن الميليشيات لم يتبق لديها سوى الانسحاب من المناطق التي تتجمع فيها وتتخذ من المدنيين دروعاً بشرية لحماية أنفسها، موضحا أن الميليشيات تعيش مرحلة انكسارها الأخير خصوصا مع الهزائم المتلاحقة التي تتكبدها على طول الساحل الغربي. وأوضح أن التقدم المستمر للقوات في الساحل الغربي يؤكد أن العملية العسكرية تسير وفق خطط مدروسة لا تسبب أي أذى أو أضرار للمواطنين.