حسين الوادعي :
أسوأ وظيفة اخترعها اليمنيون هي وظيفة مناضل.
لا يتقن المناضل أي شيء..
يكتب، ولا يتقن الكتابة.
يعمل في مكتب، ويغيب 30 يوما في الشهر.
يتزوج ويترك اولاده بدون مصروف وزوجته بلا حب ولا اهتمام.
قد يعمل في الصحافة بناء على توصية من الكفيل، ولكنه بعد 20 سنة يكتشف انه لا يعرف كتابة خبر او صياغة سؤال صحيح.
قد يصبح وزيرا او مديرا بتوصية ولكنه لا يعرف الطريق لمحل عمله.
المناضل في التوصيف اليمني كائن عابس، متشنج، بذيء، كاذب.
لا يقرأ، ويفهم في كل شيء من حفر المجاري حتى الفيزياء النووية.
اذا اختلفت معه فانت خائن، وإذا سلمت عليه من بعيد فانت مخبر، وإذا صححت له خطأ أفكاره فأنت مدفوع ومأجور لتحطيم عبقريته التي لا يجود بمثلها الزمان.
ليس المناضل في صيغته اليمنية مستقلا، فهو دائم تابع لزعيم او شيخ او حزب او كفيل يعيش مرتزقا على عطاياهم، ولا يكل من اتهام الآخرين بالعمالة والارتزاق.
تتحول القضايا العامة عند المناضل اليمني الى قضايا شخصية.
إذا رفضت بريطانيا او امريكا منحه فيزة زيارة تحول الى مناضل ضد الإمبريالية ومكافح ضد الاستعمار. وإذا اعتذرت منظمة عن توظيف ابنه الفاشل أصبحت كل المنظمات عميلة للمخابرات وفاسدة، وإذا اختلف مع صاحب بسطة على 50 ريال في قيمة كيلو البطاط طالب بمستبد فاشي يربي الشعب الجاهل الذي لا يتعامل معه على مستوى عظمته المفترضة.
لا يحتاج المناضل اليمني لنضال أو تضحية أو انجازات ليصبح مناضلا. كل ما يحتاجة إحساس نرجسي انه مركز العالم، وان الوطن والناس محظوظون جدا لانه يوجه لهم بعضا من لعناته واحتقاره.
هل هناك وظيفة يمنية أسوأ من وظيفة مناضل؟
نعم…
وظيفة “مناضلة”!!