بقلم إدموند فيتون- براون
السفير البريطاني لدى اليمن
في الأسبوع الماضي سلّم المبعوث الخاص للأمم المتحدة، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، لطرفيّ الحرب في اليمن خارطة الطريق المقترحة لأجل السلام، والتي هي ثمرة شهور من المفاوضات بين الأطراف اليمنية جرت تحت رعاية الأمم المتحدة خلال السنة الماضية. تعكس خارطة الطريق هذه مخاوف وتطلعات كلا الجانبين، وتسهّل التوصل لحل دائم للصراع الذي تدور رحاه منذ أكثر من سنتين، منذ أن استطاع الحوثيون وقوات موالية للرئيس السابق صالح الاستيلاء على مدينة صنعاء بالقوة من السلطات الشرعية.
بالطبع خارطة الطريق هذه ليست النسخة النهائية من الاتفاق. بل هي أداة تهدف إلى جسر الفجوة بين الأطراف. وكلا الطرفين بحاجة للتواصل البناء مع مبعوث الأمم المتحدة للتفاوض بشأن التفاصيل والتوصل لتسوية. ما من صراع يُسوّى بسهولة، وكافة الأطراف بحاجة لتقديم تنازلات صعبة.
لكن عليهم أن يفعلوا ذلك لأجل كافة اليمنيين. فقد أدى الصراع، حسب تقديرات الأمم المتحدة، إلى مقتل ما يصل إلى 10,000 يمني. وهناك ما يربو على 21 مليون بحاجة لمساعدات إنسانية، و7 ملايين يواجهون نقصا حادا بالمواد الغذائية. لا بد من وضع الاختلافات جانبا وإنهاء أهوال هذا الصراع وضمان مستقبل أفضل للشعب اليمني.
تستند خارطة الطريق إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، وهو الإطار المتفق عليه دوليا للتوصل إلى حل بالتفاوض. وهذا القرار لم يكن الهدف منه أبدا إعفاء حكومة الرئيس هادي من مسؤوليتها في التفاوض، أو النص على استسلام طرف للطرف الآخر.
تشير بنود خارطة الطريق إلى انسحاب ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح من المناطق التي احتلوها، بما فيها العاصمة صنعاء ومدينتي تعز والحُديدة. كما أن المطلوب منهم تسليم أسلحتهم الثقيلة.
وبالمقابل، يُعيَّن نائب رئيس يحظى بمصداقية وقبول وطني واسع ليتولى السلطة الرئاسية بالكامل ويشرف على تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة. وهذه الحكومة هي التي تتولى عملية الانتقال السياسي المتصَوَّرة لليمن منذ 2012، والتي تفضي إلى إجراء انتخابات ديموقراطية وصياغة دستور جديد يحدده الشعب اليمني. إلا أن هذا الانتقال السياسي لن يتحقق إلا إذا التزمت ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح بالتدابير الأمنية المشار إليها أعلاه، وأبدت استعدادها للتفاوض على تدابير حقيقية ويمكن التحقق من تطبيقها للانسحاب ونزع الأسلحة في سياق الاتفاق. فجهود فرض حكومة بقوة السلاح لن تؤدي سوى لصراع لا نهاية له.
يحظى مبعوث الأمم المتحدة وخارطة الطريق المقترحة بدعم تام من المجتمع الدولي. ومن بين المهام الأولى التي اضطلع بها وزير الخارجية، بوريس جونسون، دعوته لوزراء خارجية الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لحضور اجتماع في لندن لبحث أفضل السبل لدعم عملية الأمم المتحدة وتحقيق تقدم تجاه السلام في اليمن. وقد عقدت أربع اجتماعات للجنة الرباعية في أربعة أشهر، إلى جانب إجراء حوارات دورية مع شركاء في المنطقة، بما في ذلك مع أطراف يمنية. واتفق مجلس الأمن الدولي ومجلس التعاون الخليجي على أن تلك هي أفضل فرصة لإحلال السلام في اليمن، وتعهدوا بإعطاء دعمهم التام لجهود مبعوث الأمم المتحدة في سبيل تحقيق السلام. إلا أن القرار الحقيقي يكمن في أيدي الأطراف اليمنية في الصراع. وإنني أحث الحكومة اليمنية والحوثيين والموالين لصالح لبذل كل الجهود الممكنة للعمل مع مبعوث الأمم المتحدة والاتفاق على سلام دائم. فالشعب اليمني يستحق أن ينعم بالسلام.
إن القائمة الطويلة من المطالبات التي قدمتها ميليشيا الحوثيين والموالون لصالح، إضافة لكل التنازلات التي عُرضت عليهم في خارطة الطريق، غير مقبولة بتاتا. لنكن واضحين: هذا ليس تواصلا بناء مع المبعوث الخاص، بل هو محاولة من الحوثيين والموالين لصالح لإخراج العملية التي ترعاها الأمم المتحدة عن مسارها وإذلال كل من يعارضهم. وسوف يُحمّل المجتمع الدولي والشعب اليمني كل من يعرقل السلام ويطيل أمد الصراع بكل تهوّر المسؤولية الكاملة عن هذا الصراع. لقد آن وقت الحوار والتفاوض والتراضي.
نقلا عن العربيه نت