شكّلت سيطرة قوات الجيش اليمني (بدعم من التحالف العربي لدعم الشرعية) على أسلحة حوثية متقدمة (يتصدرها صاروخ زلزال 1، ومنصات إطلاق) في عدة مواقع بمحافظة صعدة مقر قيادة الميليشيات .، شكّلت خطوة ميدانية نوعية، كما أنها أعادت في الوقت نفسه الاعتبار للجهود القتالية التي تقودها السعودية (والتحالف) لدعم الحكومة الشرعية في اليمن.
في تقرير لموقع عاجل السعودي رصد منذ البداية، ارتباط تحرك المملكة (وحلفائها) لدعم اليمن، بطلب رسمي من الرئيس عبدربه منصور هادي، والحكومة اليمنية، مراعاة للسيادة اليمنية، التي انتهكتها إيران عبر دعم وتسليح ميليشيات الحوثي، التي بادرت بالانقلاب على الشرعية في اليمن، قبل التآمر على اليمنيين أنفسهم، والتمكين لطهران في البلاد.
وفي شهر مارس عام 2015 (موعد انطلاق عملية عاصفة الحزم) وجدت ميليشيات الحوثي الانقلابية نفسها أمام متغير ميداني جديد، بعدما كانت تتحكم بالقوة في نحو 90% من البلاد، غير أن الفترة منذ انطلاق العمليات حتى مطلع عام 2017، شهدت نجاحات مؤازرة للحكومة وقوات التحالف بعد استعادة نحو 85% من الأراضي التي سيطر عليها الانقلابيون.
وتشارك في العمليات طائرات مقاتله من مصر والمغرب والأردن والسودان والإمارات العربية المتحدة والكويت، والبحرين وقطر (قبل استبعادها من التحالف في يونيو 2017، بعد ثبوت دعمها للإرهاب)، فضلًا عن فتح الصومال مجالها الجوي والمياه الإقليمية والقواعد العسكرية للائتلاف لاستخدامها في عمليات التحالف.
وفي 21 إبريل 2015، أعلنت السعودية انتهاء عملية عاصفة الحزم، عقب تحقيق أهدافها، بعد تدمير معظم الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية التي تشكّل تهديدًا لأمن السعودية والدول المجاورة، بينما ظل الدعم الإيراني للميليشيات الحوثية (التابعة له) عبر ميناء الحديدة، والبحر الأحمر، تلعب دورًا في استمرار خطورة الحوثيين.
وأطلق التحالف لاحقًا عملية “إعادة الأمل”، التي تستهدف الجمع بين المواجهة العسكرية للتمرد، ودعم الجهود الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، قبل إطلاق عملية برية لتعقب فلول “الحوثي” اطلق عليها اسم “السهم الذهبي”، بغطاء بحري وجوي من التحالف، ودخلت القوات اليمنية التي تم تدريبها في السعودية عبر البحر مدعومة بمئات العربات المدرعة والدبابات التي قدمها التحالف.
كذلك، شكلت عمليات التحالف (بقيادة السعودية) خطوة مهمة، ليس فقط لخوض معركة مصير مع ميليشيات “الحوثي” ومواجهة تهديدات “جيوسياسية” على حدود المملكة؛ لكن للدفاع عن حركة التجارة العالمية، عبر العمل على دعم الاستقرار الأمني، وإزالة معوقات التبادل التجاري، وحماية الأمن القومي للمنطقة، ومن ثَمّ طمأنة المستثمرين والشركات الأجنبية، ما جعل الخطوة العسكرية السعودية (معركتي: عاصفة الحزم.. إعادة الأمل) تحظى بقبول دولي، في ظل تهديدات الانقلابيين لمضيق باب المندب، صاحب الأهمية التجارية الدولية.
ويحظى المضيق بأهميته خاصة؛ حيث تقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية كمية النفط التي تعبر يوميًّا من خلاله بنحو 3.4 مليون برميل (6% من تجارة النفط العالمية سنويًّا، ويعتبر المضيق بوابة عبور 8% من حركة التجارة العالمية، ما يعني أن أي تهديد سيرفع أسعار النفط عالميًّا، إلى جانب ارتفاع بوليصة التأمين على الناقلات، وتكاليف النقل في حال اللجوء لطريق بديل، لاسيما رأس الرجاء الصالح.
ونجحت العمليات الميدانية التي يعتمد خلالها التحالف على تحقيق أهداف عسكرية دقيقة، يجري تنفيذها لدعم الجيش اليمني على الأرض، في إخراج الحوثيين من عدن وأجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية لحج والضالع وشبوة وأبين، ثم خاضت القوات معارك ضارية فتعز والبيضاء، بدعم من قوات سعودية من الاتجاه الشمالي لليمن، استعادت السيطرة على أجزاء واسعة من محافظتي مأرب والجوف، وباتت تسيطر الآن على أجزاء واسعة من صعدة (مقر إدارة الميليشيات).
وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري (2018) نجح الجيش اليمني (مدعومًا بقوات التحالف) في استعادة أكثر من 700 موقع من الميليشيات الحوثية، بحسب ما أكد العقيد الركن تركي المالكي المتحدث باسم التحالف في مؤتمر صحافي منتصف أبريل 2018.
وشهدت العمليات العسكرية منعطفًا مهمًّا، تمثل في استهداف رئيس ما يسمى المجلس السياسي (الانقلابي)، صالح الصماد، الأمر الذي جاء كموجة كبرى ضربت الجماعة وأوجعتها، في الوقت الذي ما زالت فيه الميليشيات مصرة على استهداف السعودية بالصواريخ الباليستية التي تجاوزت 120 صاروخا دمرتها قوات الدفاع الجوي السعودي جميعها.
وجاءت العملية النوعية التي قتل خلالها الصماد وأكثر من 20 من القيادة البارز في جماعة الحوثي؛ لتؤكد تعهد التحالف بالرد القاسي، والمؤلم والموجع للميليشيات، التي راحت تصعد ميدانيًا ضد المملكة، عبر إطلاق الصواريخ باتجاه مناطق مدنية جنوب السعودية، وصواريخ أخرى تصدت لها الدفاعات الجوية السعودية قبل وصولها الرياض.
وشكّلت عملية استهداف “الصماد” قدرة الحكومة اليمنية والتحالف على الوصول لمعقل الجماعة في صعدة، ومقر وزارة الداخلية الذي استولت عليه الميليشيات، وتتخذ منه الميليشيات ملاذًا للتخطيط، بينما ترى مصادر عسكرية يمنية، أن التحالف استهدف قيادات الصف الأول مباشرة وضيق الخناق على تحركاتهم، في الوقت الذي حققت فيه القوات انتصارات في صعدة وحجة والبيضاء والساحل الغربي، وانطلقت قوات حراس الجمهورية في الساحل الغربي بقيادة طارق صالح نجل شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبد صالح لتحرير الساحل الغربي، وصولًا إلى مدينة الحديّدة.