تحتجز السلطات العراقية أو تسجن ما لا يقل عن 19 ألف شخص بتهم تتعلق بجماعة تنظيم داعش أو غيرها من الجرائم ذات الصلة بالإرهاب، وحكمت على أكثر من 3000 متهم بالإعدام، وفقا لتحليل أجرته وكالة “أسوشيتد برس”.
ويثير الحبس الجماعي وسرعة الإدانة القضائية المخاوف بشأن حالات إخفاق العدالة، والمخاوف من قيام المتطرفينالقابعين في السجون العامة بتجنيد وبناء شبكات إرهابية جديدة.
العد الذي أجرته “أسوشيتد برس” يستند جزئيا إلى تحليل لجدول بيانات أدرج فيه كافة الأشخاصالمسجونين في العراق والبالغ عددهم 27 ألفا و849 سجينا حتى أواخر يناير/كانون الثاني قدمه مسؤول عراقي طلب عدم الكشف عن هويته، كونه غير مخول التحدث لوسائل الإعلام. كما يعتقد بأن آلافا آخرين محتجزون لدى جهات أخرى، من ضمنها الشرطة الاتحادية والمخابرات العسكرية والقوات الكردية. ولا يمكن حصر أعداد هؤلاء بشكل دقيق.
وحددت الوكالة أن 8861 من السجناء المدرجين في جدول البيانات أدينوا بتهم تتعلق بالإرهاب منذ مطلع عام 2013، حيث من المرجح أن تكون الاعتقالات مرتبطة بجماعة تنظيم داعش، وفقا لمعلومات مسؤول في المخابرات في بغداد.
بالإضافة إلى ذلك، ثمة 11 ألف شخص آخرين محتجزون حاليا في فرع جهاز المخابرات في وزارة الداخلية، ويخضعون للاستجواب أو بانتظار المحاكمة، وفقا لمسؤول ثانٍ في المخابرات في بغداد. وتحدث كلا المسؤولين شريطة عدم الكشف عن هويتيهما كونهما غير مخولين التحدث لوسائل الإعلام.
من جهته، قال فاضل الغراوي، العضو في لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس النواب العراقي لـ”أسوشيتد برس”: “ثمة اكتظاظ كبير.. العراق بحاجة إلى عدد كبير من المحققين والقضاة لحل هذه القضية”.
وأضاف أن العديد من الإجراءات القانونية قد تأجلت، كون العراق يفتقر إلى الموارد اللازمة للتصدي لارتفاع حالات الاحتجاز.
وحذرت “هيومن رايتس ووتش” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من أن الاستخدام الواسع لقوانين مكافحة الإرهابيعني أن الأشخاص الذين لهم صلات ضعيفة بتنظيم داعش سيتعرضون للملاحقة القضائية إلى جانب أولئك الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة.
وقدرت المنظمة عدداً مماثلا من المعتقلين والسجناء بحوالي 20 ألفاً.
وفي هذا السياق، تقول بلقيس ويلي، الباحثة في مكتب “هيومن رايتس ووتش” في العراق: “بناءً على اجتماعاتي مع كبار المسؤولين الحكوميين، أشعر أنه لا أحد، ربما حتى رئيس الوزراء نفسه، يعرف العدد الكامل للمحتجزين”.
ودعا رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي سيترشح في الانتخابات المقبلة المقررة في مايو/أيار للبقاء في منصبه، مراراً إلى تسريع وتيرة إصدار أحكام الإعدام بحق أولئك المتهمين بالإرهاب.
أظهر جدول بيانات حللته “أسوشيتد برس”، أنه تم الحكم على 3130 سجينا بالإعدام لاتهامهم بالإرهاب منذ 2013.
ومنذ 2014، نفذت أحكام الإعدام بحق 250 مسلحا في تنظيم داعش، وفقاً لمسؤول استخباراتي عراقي، والذي قال إن حوالي 100 منهم أعدموا العام الماضي، ما يدل على تسارع وتيرة تنفيذ عمليات الإعدام.
في هذا السياق، حذرت الأمم المتحدة من أن عمليات الإعدام السريعة تعرض أشخاصا أبرياء للخطر.
يعكس العدد المتزايد من المعتقلين والسجناء طبيعة أكثر من أربع سنوات من القتال ضد تنظيم داعش، الذي تأسس لأول مرة عام 2013 وسيطر على نحو ثلث العراق وسوريا المجاورة في العام التالي.
وفي نهاية المطاف، هزمت القوات العراقية والكردية، بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، التنظيم وطردته إلى جانبي الحدود واستعادت كافة الأراضي بحلول نهاية العام الماضي.
وطوال فترة القتال، دفع العراق آلاف المشتبه بهم إلى محاكم مكافحة الإرهاب.
وغالبا ما تستغرق المحاكمات، التي حضر مراسلو “أسوشيتد برس” وممثلو جماعات حقوقية عددا منها، ما لا يزيد عن 30 دقيقة.
وأدين معظم المتهمين بموجب قانون الإرهاب العراقي، الذي انتقد على ناطق واسع لأنه فضفاض.
وردا على سؤال حول هذه العملية، قال سعد الحديثي، المتحدث باسم الحكومة العراقية: “الحكومة عازمة على أن يحصل كل مجرم وإرهابي على عقاب عادل”.
ويوجد أكبر تجمع لهؤلاء السجناء الذين لديهم قناعات مرتبطة بداعش في سجن الناصرية المركزي، على بعد 320 كيلومترا جنوب شرق بغداد، وهو مجمع أمني كبير يضم أكثر من 6000 شخص متهمين بارتكاب جرائم متصلة بالإرهاب.
والزنازين المصممة لاحتجاز اثنين من السجناء تحتجز الآن ستة أشخاص، وفقا لمسؤول بالسجن تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته تماشيا مع اللوائح. وقال المسؤول إن الاكتظاظ يجعل من الصعب فصل السجناء المتهمين بالإرهاب، مشيراً إلى أن عدم وجود عدد كاف من الحراس يعني أن أعضاء داعش يروجون علنا لأيديولوجيتهم داخل السجن.
وعلى الرغم من منع السجناء في الناصرية العام الماضي من إلقاء الخطب وتجنيد زملائهم السجناء، قال المسؤول إنه لا يزال يشهد سجناء ينشرون أفكاراً متطرفة.
في العنابر التي تضم مدانين مرتبطين بالإرهاب، مُنع كبار أعضاء داعش السجناء من مشاهدة التلفزيون.
ويتم تثبيت أجهزة تشويش على إشارات الهاتف المحمول في السجون التي تضم مشتبها بانتمائهم لداعش، لكن في الناصرية قال مسؤول السجن إن النزلاء يظلون على اتصال بالخارج.
وقد روى كيف أنه بعد أيام فقط من قيام أحد الحراس بتأديب أحد كبار أعضاء “داعش” في السجن، هدد الرجل عائلة الحارس سارداً أسماء وأعمار أولاده.