“سبتمبر نت”
تتقدم الحكومة الشرعية خطوة كبيرة الى الامام بإعلانها ميزانية للدولة للعام 2018م، لأول مرة منذ اندلاع الحرب التي شنتها المليشيا الانقلابية قبل ثلاث سنوات.
ترافق مع اعلان الموازنة اجراءات وتحركات كبيرة من قبل الحكومة ودول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لتلافي انهيار اقتصادي محتم توجت بوديعة سعودية بملياري دولار أمريكي منتصف يناير الجاري بعد تدهور العملة المحلية.
وتعمل الحكومة الشرعية خلال الفترة الماضية على وضع العديد من الخطط التي من شأنها تعمل على استيعاب الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار أمريكي في حساب البنك المركزي اليمني، بعد انهيار كبير للعملة المحلية، جراء العبث والنهب التي طال البنك المركزي اليمني من قبل المليشيا الانقلابية ونهب احتياطي البنك من النقد الأجنبي.
ويرى خبراء اقتصاديون ان اعلان الحكومة للموازنة العامة خطوة في الاتجاه الصحيح والتي من شأنها سوف تشكل اطارا واضحا لعملها خلال المرحلة المقبلة وتضمن انتظام دفع رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين المتوقفة رواتبهم منذ عام ونصف.
ميزانية محكومة بظروف الانقلاب
وعقب إيداع المملكة العربية السعودية مبلغ ملياري دولار أمريكي في حساب البنك المركزي اليمني، أقرت الحكومة الشرعية موازنة مالية لعام2018م، تبلغ نحو (978.203.500) تسعمائة وثمانية وسبعين مليار ومائتين وثلاثة مليون وخمسمائة ألف ريال، أي ما يعادل (3.9 مليارات دولار أمريكي )، ونفقات تقدر بـ (1.465.042.631) ترليون وأربعمائة وخمسة وستين مليار واثنين وأربعين مليون وستمائة وواحد وثلاثين ألف ريال، بما يعادل(5.86 مليارات دولار أمريكي).
الموازنة التي أعلنها رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أعدت بعجز مالي يبلغ 33%، وذلك بسعر صرف 250 ريالا مقابل دولار واحد، حيث وصفها رئيس الحكومة بموازنة تقشفية محكومة بظروف الانقلاب في البلاد وخضوع نصف السكان في اليمن وربع مساحة البلاد تقريبا تحت سلطة مليشيا الحوثي الإنقلابية.
تفعيل تدريجي للتجارة وتنشيط الموانئ
الإقتصاد اليمني كان وصل إلى مستوى كبير من الإنهيارات نتيجة العديد من الأسباب التي ساهمت في تدهوره أبرزها سيطرة مليشيا الحوثي الإنقلابية على احتياطيات المركزي اليمني (5 مليار دولار)، وتوقف الصادرات النفطية خصوصا وأن الاقتصاد اليمني يعتمد بأكثر من 70% على الإيرادات النفطية، علاوة على سيطرة مليشيا الحوثي على الكثير من المناطق الناشطة تجاريا مثل صنعاء والحديدة وسطوها على الكثير من محلات الصرافة.
ويؤكد خبراء في الاقتصاد انه بعد إيداع مبلغ ملياري دولار أمريكي في حساب البنك المركزي اليمني تقع على عاتقه اتخاذ الكثير من الإجراءات السريعة، أهمها تثبيت سعر صرف الريال أمام الدولار، وضبط السوق المحلية والوصول إلى الأسواق المالية في المناطق التجارية.
واضافوا انه على الحكومة تنشيط الموانئ الأخرى في حضرموت والمهرة عوضاً عن ميناء الحديدة (الخاضع لسيطرة المليشيا) كونه كان يتحكم بأكثر من 70% من حركة التجارة الخارجية مع اليمن.
ويرون أن إعادة تنشيط الموانئ والنقل، وأعمال التوسعة التي سوف تشهدها الموانئ والإصلاحات التي ستجري في البنية التحتية والخطوط في محافظات عدن، ولحج، وأبين، وتعز، والضالع، وشبوة، ومارب، والجوف، وحضرموت، والتي وعدت بها دول التحالف سوف تخلق فرص عمل كبيرة للألاف من أبناء هذه المحافظات.
واوضحوا ان من شأن ذلك سوف يعمل على إعادة تنشيط وتوسعة هذه الموانئ وإنعاش الإقتصاد الوطني، كما أن عملية الشحن والتفريغ للمواد الغذائية والبضائع في الموانئ والمطارات التي ستشهدها البلاد خلال الفترة المقبلة سوف تنعش حركة التجارة الداخلية جملة وتجزئة وتعود بإيرادات ضخمة إلى خزينة الدولة.
كما أن من شأن إعادة تفعيل الموانئ في اليمن سوف تعمل على زيادة قدرة اليمن على استقبال الواردات بمعدل 1.4 مليون طن متري شهرياً سواء من المساعدات، أو البضائع التجارية بما في ذلك المشتقات النفطية، بعد أن كان حجم الواردات اليمنية 1.1 مليون طن شهرياً في عام 2017.
وفي السياق سوف تسهل عملية إعادة التفعيل للموانئ وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى مستحقيها اينما كانوا، بعد جهود كبيرة قام بها التحالف منها زيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ، عبر تركيب رافعتين في ميناء المخا، ورافعة في ميناء عدن، ورافعة في ميناء المكلا، إضافة لمشاريع تشمل مولدات كهربائية، ومخازن ومعدات.
رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي وفي رسالة شكر وجهها إلى الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية سعودية، شكره فيها عن خطة العمليات الإنسانية الشاملة لليمن، والتي تستهدف المواطن اليمني في كل الأرض اليمنية والمتضمن تطوير ورفع جاهزية موانئ عدن والمخا والمكلا لاستقبال احتياجات الشعب اليمني من المشتقات النفطية والإغاثة الإنسانية والاحتياجات الغذائية والذي سيخلق آلاف من فرص العمل في مختلف القطاعات، فضلا عن إعادة تأهيل كثير من الطرقات وإطلاق برنامج الجسر الجوي لإيصال الإغاثة والمساعدات الإنسانية وفتح منافذ جديدة لتسهيل إيصال هذه الأعمال الإنسانية.
خطوات فاعلة
الثلاثاء، وفي أول اجتماع له في العام2018م الجاري، ناقش البنك المركزي اليمني برئاسة محافظ البنك منصر القعيطي، الآثار الإيجابية المترتبة عن الوديعة السعودية بحضور وزير المالية أحمد عبيد الفضلي.
وناقش الاجتماع متطلبات تنظيم سوق الصرف الأجنبي وأوجه إستخداماتها لرفد الإحتياطيات الخارجية ودعم مركز سعر صرف العملة، وذلك في إطار مواكبة الإستخدامات حيث سيتبنى البنك المركزي تنفيذ برنامج الحكومة لتوفير السلع الأساسية وتحسين مستوى العرض بالبنوك العاملة في عدن لتعزيز قدراتها في إدارة عملياتها.
الاجتماع تمخض عنه العديد من القرارات منها إصدار تعليمات للبنوك ومحلات الصرافة بجعل مقراتها في عدن، ومراكز لإدارة عملياتها المصرفية في السوق المحلية والتعاملات الخارجية وإتخاذ الإجراءات اللازمة بما يحقق ذلك.
وأعتبر المركزي اليمني أن الوديعة السعودية سوف تتيح له فرصاً حقيقة للوفاء بالالتزامات الناشئة من النقد الأجنبي نتيجة للمعاملات التجارية بين الإقتصاد المحلي والخارجي، كما أنها ستغطي الاحتياجات المعيشية لليمن وتنفيذ برامج الحكومة الهادفة لتوفير حاجات السوق المحلية من السلع والخدمات الأساسية للتغلب على المشكلات الناتجة عن استنفاذ مليشيا الحوثي الإنقلابية للاحتياطيات الخارجية للبنك.
تحديد سعر الصرف
الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار أمريكي، عملت على ايقاف التدهور الكبير للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، والتي كانت أخرها وصول سعر الريال اليمني إلى 515 مقابل الدولار الواحد، في حين وصل 115 ريال مقابل الريال السعودي منتصف يناير الجاري.
وعقب الوديعة السعودية تنفس الريال اليمني الصعداء بتراجعه إلى 400 ريال مقابل الدولار الأمريكي، و100 ريال مقابل الريال السعودي، فيما البنك المركزي حدد سعر الصرف 380 ريالا للدولار و90 للسعودي.
وأدت الوديعة السعودية إلى منع انهيار العملة اليمنية، وتضييق الفجوة الكبيرة بين أسعار صرف الريال اليمني في السوق السوداء والبنك المركزي، خاصة وأن العملة اليمنية تراجعت في أقل من نحو عام ونيف بنحو 50% امام العملات الاجنبية.
رفع الاستيعابية
التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن، أعلن الاثنين، إطلاق عملية إنسانية واغاثية جديدة شاملة في اليمن، تتضمن عددا من المبادرات تشمل تبرعا لجهود المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن ومشاريع لرفع الطاقة الاستيعابية للموانئ وبرامج لتخفيض كلفة النقل وتحسين البنية التحتية للطرق وإقامة جسر جوي بين الرياض ومدينة مأرب لإيصال المساعدات الانسانية.
وبتنسيق وتعاون للمملكة العربية السعودية مع شركائها من دول التحالف العربي أطلقت عمليات إنسانية شاملة في اليمن بإرسال كميات كبيرة من المساعدات الغذائية والإغاثة والطبية جواً وبراً وبحراً.
ودشن التحالف العربي جسر جوي الى مأرب، لتسيير رحلات جوية يومية لطائرات (سي 130) محمّلة بالمساعدات الإنسانية، وفتح معبر الخضراء الحدودي لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وتجهيز 17 ممراً برياً آمناً من 6 مواقع حدودية لضمان وصول المساعدات إلى المنظمات غير الحكومية التي تعمل في الداخل اليمني.
وذكر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في اجتماع وزراء خارجية دول الأعضاء في التحالف لدعم الشرعية في اليمن “ أن العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، ستسهم التحالف فيه بـ 1.5 مليار دولار كتمويل لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الانسانية في اليمن لعام 2018م”.
وأوضح الجبير أنه سيتم توزيع هذه المساعدات عبر وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وإيداع 2 مليار دولار في المصرف المركزي اليمني لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وإيداع 30 – 40 مليون دولار لتوسيع قدرة الموانئ اليمنية على استقبال الشحنات الإضافية، وتقديم 20 – 30 مليون دولار لتخفيض كلفة النقل البري.
اعادة التأهيل
ووقعت اليمن والسعودية في الرياض اليوم الاربعاء على مشروع إعادة تأهيل الطرق وتطوير بنيتها التحتية في اليمن كأول عقود للخطة الشاملة للعمليات الإنسانية في اليمن بتكلفة تبلغ 5 خمسة ملايين دولار امريكي وسيتم البدء بتنفيذه خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وزير الاشغال العامة والطرق الدكتور معين عبد الملك في المؤتمر الصحفي الذي عقد عقب التوقيع على المشروع قال، ان مشروع إعادة تأهيل الطرق وتطوير بنيتها التحتية في اليمن، يهدف الى تقليل تكلفة نقل البضائع والمساعدات الاغاثية والإنسانية الى كافة المحافظات دون استثناء وإيصال المساعدات الاغاثية والإنسانية الى كافة أبناء الشعب اليمني في مختلف المحافظات.
واكد ان اعادة تأهيل وإصلاح الطرق ستبدأ تمهيدا من وسط اليمن من طريق صنعاء وحتى ميناء عدن في العاصمة المؤقتة، وان هذه العملية سوف توفر فرص عمل واسعة في عدد من المدن عبر المقاولات والوظائف المباشرة.