روت زوجه ضابط في الحرس الجمهوري -نجت مؤخرًا مما وصفته بـ”جحيم الحوثيين”- وقائع مروعة ترتكبها الميليشيا الإرهابية الموالية لإيران، بحق النساء في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، مشيرة إلى حالات متنوعة من الاعتداءات البدنية والجنسية. قالت اليمنية -البالغة من العمر 28 عامًا لموقع ” عاجل” السعودي- إنها تعرضت لـ”أذى كبير” بعدما اقتحم الحوثيون منزلها في صنعاء بحثًا عن زوجها، الذي كان يعمل في حراسة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، قبل مقتل الأخير قبل حوالي 10 أيام ، إثر إعلانه فض تحالفه مع الحوثيين وفتحه صفحة جديدة مع دول الجوار.
وتواصلت “عاجل” مع (م. ن.) قبل يومين فقط من تحريرها مع أخريات، من محاولة حوثية لاستخدمهن كدروع بشرية في مواجهة رجال المقاومة الوطنية وقوات المؤتمر الشعبي بأحد المناطق الخاضعة لسيطرتهم، جنوب شرق العاصمة صنعاء.
وقالت (م. ن.) إنها لم تر زوجها منذ حوالي شهر. مضيفة أنه أبلغها في آخر لقاء بينهما بتلقيه أوامر من قيادة الحرس الجمهوري الذي ينتسب إليه (قوة موالية لصالح) بتوخي الحذر عند التعامل مع العناصر الحوثية، دون أن يفيدها بمزيد من التفاصيل.
وأضافت أنها فهمت مغزى هذه الأوامر في وقت لاحق، وتحديدًا مع بدء انتفاضة صنعاء ضد الحوثيين قبل أسبوعين، منوهة إلى أنها لم تتمكن من التواصل مع زوجها حتى الآن، كما أنها لا تعرف شيئًا عن مصيره، وإن كان البعض قد طمأنها بأنه كان متواجدًا في موقع بعيد عن منطقة الاشتباكات التي انتهت باقتحام منزل صالح، ومن ثم قتله.
وتابعت قائلة: “تابعت أخبار الاشتباكات التي دارت بين الحوثيين والحرس ولا أعرف حقًا هل كان زوجي هناك أم لا”. وأضافت: “بعدها… فرض الحوثيون حصارًا على منطقتنا ومنعونا من الخروج، أو التواصل مع أقاربنا “.
ويوم الجمعة الماضي، فوجئت (م. ن.) بقوة من الحوثيين مدعومة بمجموعة فتيات مسلحات يقتحمن منزلها بحثًا عن زوجها. وأضافت: “قاموا بتكسير أبواب الغرف وأفزعوا أبنائي الصغار، بينما قامت فتاة مرافقة لهم بسبي بألفاظ قبيحة وطالبتني بالإفصاح عن مكان زوجي، فلما أخبرتها بأني لا أعرف شيئًا، استدعت ثلاثة من زميلاتها اللائي قمن بتقييدي، لتنهال عليّ ركلًا وصفعًا أمام أبنائي الصغار”.
وتابعت قائلة: “أقسمت لها بكتاب الله أني لا أعرف شيئًا، فما كان منها إلا أن هددتني بتجريدي من ملابسي أمام أعين أبنائي إن لم أخبرها بمكان زوجي، فأكدت لها مجددًا أن آخر مرة رأيته فيها كانت قبل ثلاثة أسابيع، وبعدها انقطعت أخباره تمامًا، لكنها لم تصدقني”.
ولم تشأ الزوجة اليمنية أن تفصح عما فعلته المسلحة الحوثية معها بعد ذلك، مكتفية بالإشارة إلى أنها عاشت لحظات إذلال متعمد لا يمكن لها أن تنساها. مضيفة: “لم يكن لديّ ما أقوله لأنقذ نفسي وأحمي أولادي من وحشيتهم وانحطاطهم”.
وأضافت: “لما أيقنوا أني لا أعرف شيئًا، غادروا المنزل، بعدما حطموا معظم أثاثه، تاركين في قلبي كراهية لهم ولقائدهم الكذاب الذي يدعي الفضيلة، بينما جنوده ينتهكون الأعراض علانية.. لقد كسروني أمام أولادي، ولا أعرف كيف أعيد لأولادي ثقتهم في الحياة بعد ما جرى لنا”.
وذكرت الزوجة اليمنية أنها فوجئت في اليوم التالي بأحد قادة الحوثيين يطرق بابها، ليطالبها بأن تحزم أمتعتها بسرعة لأن قرارات صدرت لهم بترحيل عوائل المنتسبين إلى الحرس الجمهوري إلى مناطق خارج صنعاء. مضيفة: “لم يكن لديّ ما أرد به… ناديت أطفالي الصغار، وخرجنا نحن الأربعة مع مسلحين حوثيين إلى الشارع، وهناك وجدت أكثر من 10 نساء يقفن في انتظار ما سيفعل القائد بهن”.
وحسب الزوجة اليمنية: “كانت كل النساء في نفس الظروف تقريبًا.. زوجات شابات، أعمار أطفالهن تتراوح بين الثالثة والسابعة، إلا واحدة كانت تحمل رضيعًا على ذراعها”، مضيفة: “اتضح لاحقًا أنها تزوجت قبل عامين فقط من ضابط في حراسة صالح قُتل خلال اقتحام منزل الأخير بمنطقة الثنية”.
وتابعت: “بعد حوالي ساعة، حضرت حافلة متهالكة، موضوع عليها صور لزعيم الميليشيا.. أمرونا بالصعود، بينما أبقوا الأطفال معهم على الأرض، ما أشعرنا بالرعب”. و أضافت:” لم يمض وقت طويل، حتى حضر إلينا شاب مسلح ينادونه “أبو عمار” ليخبرنا بأن الحكومة (الانقلابية)، قررت إخراجنا من الحي، “حتى لا يجد المنافقون مأوى لهم بعدما تعرضوا له من هزائم”، مشيرًا بذلك إلى الموالين لصالح وحزب المؤتمر.
ولم يسمح “أبوعمار” للنساء بمناقشته في الأمر، وحاول أن يوضح لهن أن ما أقدم عليه الميليشيا في ما يخص صالح أمر ” ضروري لحماية البلاد من الفتنة “، مضيفًا أن “من قُتل من أزواجهن دفع ثمن وقوفه مع تيار الخيانة”، في إشارة إلى الرئيس السابق.
وقالت (م. ن.): “لم نجرؤ على الرد.. كنا خائفات على الأطفال الصغار، خاصة مع تلويح “أبو عمار” المتكرر بأن الحرب لا تعرف العواطف، و كل شيء مباح”. وأضافت: “كان ينظر إلى أم الرضيع بتركيز واضح، وكأنه يريد توصيل رسالة لها، دون الأخريات اللائي سارعن بسؤاله عن مصير الأطفال، فدعاهن إلي عدم القلق”.
بعد وقت قصير من مغادرة عمار الحافلة، تم السماح للأطفال باللحاق بأمهاتهم، وبتقدير (م. ن.) كان عددهم يتجاوز العشرين، معظمهم من الذكور.. توزعوا بين المقاعد وفي الممر الضيق، بينما كان السائق يستعد للتحرك بنا إلى مكان مجهول”، حسب قول الزوجة اليمنية.
وتضيف: “عبرت بنا الحافلة عدة مناطق حتى وصلنا إلى منطقة جامع الصالح ومنه إلي ميدان السبعين فشارع الستين، ومنه وصلنا إلي مقر مؤسسة خيرية، وضعونا جميعًا داخلها دون أدنى رعاية، فكنا ننام على الأرض، بدون أغطية، في حين كان الطعام خبز جاف وبعض الجبن”.
ولاحظت (م. ن.) أن الحوثيين، وعلى الرغم من معاملتهم السيئة لهم، لا يريدون التخلص منهم، مضيفة أنها لم تستوعب الأمر إلا بعد تحريرها وزميلاتها، حيث تبين أن نقلهن وأبنائهن لهذا المكان، كان بغرض استخدامهم كدروع بشرية في مواجهة غارات التحالف العربي التي تكثفت في الفترة الأخيرة.
وذكرت (م. ن.) أن مسلحين من قوات المؤتمر أمنوا لها ولزميلاتها أماكن إعاشة مؤقتة في مناطق خاضعة لسيطرتهم، على أمل العودة قريبًا إلى منازلهن، منوهة بأنها حتى الآن لا تعرف شيئًا عن مصير زوجها .