عامر الدميني:
رجل عرفته جبهات المعارك، ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، حتى بات مألوفا لدى الجميع سواء خصومه او الثائرين في نفس دربه ومساره.
ففي جبهات القتال كان مقاتلا عنيداً، ورجلا صلبا، لا يرضى سوى بأن يكون في مقدمة الصفوف، وطلائع المقاتلين.
إنه توفيق الشميري، الرجل الثلاثيني الذي ألفت المقاومة الشعبية في تعز صورته، و صولته ولافتته المكتوبة التي كان يرفعها من وقت لآخر، ليعبر عما يجول في مكنون صدره من مشاعر الثورة وغضب الثوار.
كان توفيق ثائرا من طراز فريد، جمع بين بأس القتال وفن المقاومة، وعرفه الكثير من خلال ظهوره مع بناته الاثنتين، وهو يردد العديد من اناشيد الثورة والمقاومة، في مشهد تهتز له قلوب الثائرين، و رياض الشهداء، وارواح المقاومين.
صفحته الشخصية على الفيسبوك لازالت زاخرة بالعديد من عبارات التهييج للمقاومة، والانتقادات اللاسعة للاحداث والمواقف التي تعاقبت على الوضع في اليمن منذ عامين.
وما بين ميدان المعركة، وساحة الثورة والاعتصام، كان توفيق يقضي حياته اليومية، مؤمنا بعدالة القضية التي يقاتل لأجلها، وتجسدت قناعاته بأهمية المقاومة كخيار وحيد لمواجهة المليشيا في تلك اللافتات التي كان يرفعها من جمعة لأخرى في ساحة الحرية، وفي تلك الاهازيج التي كان يرددها مع بنتيه من حين لآخر.
عرفته تعز منذ وقت مبكر، فقد كان احد الرجال الذين شاركوا في استعادة الساحة، وفي المعارك المتكررة التي اندلعت في المدينة بعد الثورة الشبابية، ثم لاحقاً كان احد الابطال الذين اسسوا الطلائع الاولى للمقاومة الشعبية في مدينة تعز.
يقول المقربون منه بأن جسمه مليء بآثار الجروح جراء العمليات الجراحية، التي اجراها نتيجة إصابته في عدد من الاشتباكات اثناء القتال، وعقب كل شفاء، يعود مرة اخرى الى ساحة المعارك من جديد.
حيطان منزله كانت بمثابة الاستوديو الذي ألقيت فيه تلك الأناشيد الغاضبة، وبندقيته التي كان يحملها على كتفه بإستمرار اكسبته رمزية المقاتل الصنديد، اما ملامحه فكانت تعكس تجرده من الدنيا، وتفرغه للأماني التي وعد نفسه بتحقيقها، وقضى بقية حياته للايفاء بوعوده، فنال ما أراد.
استشهد توفيق الشميري في جبهة ثعبات صباح الاربعاء الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني، واحتجزت مليشيات الحوثي والمخلوع صالح جثته ورفضت ان تسلمها لأهله.
يصفه رفقاء دربه بالطيب النبيل، ويرون في استشهاده خسارة لن تعوض، لكنهم في الوقت ذاته يعاهدون الله على المضي في ذات الطريق الذي سار عليه توفيق، حتى يتحقق الانتصار للقضية التي قاتل واستشهد في سبيلها وهي تعز.
يقول عنه المصور الفوتوغرافي أحمد باشا، بأنه كان من أشجع المقاومين وأطيبهم قلباً، فيما يراه الاعلامي احمد الحسني بأنه كان من الرجال الصادقين الذين جاهدوا بأنفسهم.
رحيله خلف مشهدا حزينا لدى رفقاء دربه، وكثيرا ممن عرفوه، وألفوا اناشيده الثائرة، وبطولاته المتواصلة، لكنه سيظل نموذجا للثوري الصادق، والمؤمنين الانقياء.
رحل توفيق تاركاً للاحياء اثنتين من الفتيات في عمر الزهور يفتقدن لاباً زرع فيهن حنين الاب، و تعاليم الثائر، وأدب المقاومة والحياة.