صنعاء (أ ف ب) – يسعى سكان العاصمة اليمنية الى تكديس المؤن والحصول على مساعدات إغاثية في محاولة لتأمين معيشتهم، في خضم الخوف من تجدد المواجهات بين الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بعد مقتل الأخير.
وسط الدمار الناتج عن جولة المعارك الاخيرة التي تراجعت الاثنين والقلق من المستقبل، يركز معظم اليمنيين على تأمين القوت اليومي في بلد قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر إنه يحتاج الى “مساعدات هائلة”.
وروى محمد، وهو صحافي محلي، لوكالة فرانس برس الاربعاء انه ذهب “الى شارع الزبيري في وسط صنعاء، فوجدت أن معظم المحلات والمصارف مغلقة ولم أجد الا مطعم الحلواني مفتوحا ويبيع الدجاج المشوي فقط فاشتريت دجاجة مقابل 1400 ريال (نحو 3 دولارات ونصف)، وهي أغلى دجاجة اشتريتها في حياتي”.
وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الثلاثاء باتخاذ إجراءات “جريئة” لايصال المساعدات الضرورية الى المدنيين في اليمن الذي شهد خلال الأيام الماضية تصعيداً “غير مسبوق” في القتال.
وقال الطبيب منير الذي يعمل في المستشفى الجمهوري في وسط صنعاء “استقبلنا عشرات الحالات من الأطفال والنساء الذين أصيبوا بصدمات نفسية نتيجة المواجهات التي دارت بالقرب من مساكنهم وأصوات الانفجارات وتحطم زجاج نوافذ منازلهم”.
ويشهد الجزء الجنوبي من صنعاء شللا إثر التطورات اليمنية الاخيرة، فيما تعود الحركة بشكل تدريجي الى شمال المدينة رغم الاشتباكات المحدودة التي وقعت بالقرب من مقر حزب المؤتمر الشعبي العام ومنزل الرئيس السابق في حي الحصبة.
ويسيطر الشلل خصوصا على جنوب العاصمة حيث كانت المعارك الاعنف، ولا تزال معظم المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والمصارف والمدارس مغلقة والشوارع خالية من السيارات والمارة.
ويقول ياسر الذي يعمل في متجر في شارع الزبيري لوكالة فرانس برس “لم نتمكن من فتح محلنا التجاري بعد أيام من بدء الاشتباكات ونتيجة الخوف والغموض اللذين يسيطران على الوضع وعدم الثقة بالمسلحين المنتشرين في أرجاء المدينة بلباس مدني”.
وقال منسق الشؤون الانسانية جيمي ماكغولدريك الثلاثاء لصحافيين في جنيف في اتصال هاتفي من صنعاء “وجهت رسالة تدعو الى هدنة انسانية (…) كي يتسنى للناس التوجه الى المستشفيات، والى اماكن آمنة… وايضا لايجاد مكان يقدم الماء والطعام”.
– “نريد مغادرة صنعاء” –
وقال شهود عيان أن حجم الدمار ومخلفات المواجهات العسكرية في الشوارع والأحياء كبير جدا. وقال أحمد (صحافي) “شاهدت عربات عسكرية ومدرعات مدمرة في أحياء في غرب العاصمة ومنازل كثيرة اخترقتها قذائف مدفعية”.
ويصف محمد وهو موظف من سكان صنعاء، الوضع بأنه مرعب. ويقول “معظم سكان صنعاء يعانون من نقص في الغذاء وعدم امتلاك المال بسبب عدم دفع رواتب الموظفين منذ أكثر من عام”.
ويسيطر القلق على نفوس اليمنيين الذين يجهلون مصير عاصمتهم المنكوبة.
وتعبر انتصار وهي مدرسة في إحدى ثانويات صنعاء وأم لأربعة أطفال عن مخاوفها قائلة “نعيش حالة خوف من الآتي. لا رواتب ولا أمن ولا حياة. نحن خائفون من العنف القادم”.
وتضيف “نريد مغادرة صنعاء إلى أي مكان آمن ولا يكون ساحة حرب. معظم المدن الرئيسية في البلاد لا تتوفر فيها الحياة الآمنة. أنا من تعز وتربيت في عدن وتزوجت وعشت في صنعاء والمدن الثلاث لا يتوفر فيها الاستقرار”.
وأفادت تقارير إعلامية عن بدء نزوح بعض السكان من صنعاء إلى قراهم خوفا من تعرض المدينة التي اصبحت تحت السيطرة الكاملة للحوثيين لقصف جوي من التحالف العسكري بقيادة السعودية خلال الفترة المقبلة.
وطلب التحالف العسكري الاثنين من المدنيين في صنعاء “الابتعاد عن آليات وتجمعات” الحوثيين بما “لا يقل عن 500 متر” من المواقع الخاضعة لسيطرتهم، في مؤشر إلى احتمال تكثيف غاراته.
وتسببت المعارك التي دارت في صنعاء بمقتل 234 شخصا وإصابة 400 آخرين بجروح منذ الاول من كانون الاول/ديسمبر.