استلهام دروس التاريخ وعبر الأحداث عامل مهم وموجه رئيس في التعاطي مع القضايا الراهنة، والاستفادة من أخطاء الماضي لتصويب مسار الحاضر.
أحدثت الشهادة التاريخية التي أدلى بها اللواء محمد علي أحمد، صدى كبيراً في الأوساط السياسية والنخبوية، وانتشارا واسعا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وردود أفعال القيادات المحسوبة على الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، على اشتراطات قيادة الحزب الاشتراكي آنذاك- تيار علي سالم البيض- بضرورة خروج قيادات ما كان يسمى “الزمرة” من شمال اليمن ومغادرتهم صنعاء كشرط لتوقيع اتفاقية الوحدة في 22 مايو 1990م، وكيف تعامل الرئيس السابق علي عبدالله صالح بجدية تجاه قيادات “الزمرة” وصلت حد التهديد المبطن في نقاش ساخن جرى في مقر القيادة العامة في صنعاء مع محمد علي أحمد، قبل يوم من توقيع اتفاقية الوحدة، وقيام الفريق على محسن، بنزع فتيل الأزمة والمعالجة الحكيمة لتلك اللحظة المشحونة التي وصلت حد إمساك صالح بمقبض مسدسه، بعد رفض محمد علي أحمد تلك الاشتراطات.
قام الفريق علي محسن بتهدئة الموقف، وترتيب أوضاع تلك القيادات في محافظات يمنية بحسب اختيارها وعدم إرسالهم إلى دول أخرى وفقا لتوجيهات الرئيس صالح واشتراطات شريك الوحدة.
من هذا الحدث يمكننا أن نستخلص جملة من المعطيات والدروس ومقارنتها مع ما يناظرها من أحداث اللحظة الزمنية الراهنة، وأخذ العبر في معالجة القضايا الوطنية الشائكة لواقعنا الراهن. وتتمثل في الآتي:
• من أهم أسباب تعثر بناء الدولة واستعادة الدور الحضاري لليمن يتمثل في الممارسة القائمة على الاستفراد بالثروة والسلطة للطرف الحاكم، والتهديد الوجودي لبقية الأطراف.
• إن الطرف الممسك بالسلاح وسلطة الأمر الواقع يدعي بأنه وحده هو الشعب، وأن بقية القوى هم إما عملاء أو إرهابيين أو مرتزقة، وما إلى ذلك من الأوصاف.
• إن محاولة إلغاء الآخر والتحايل على الاتفاقات والعهود والمواثيق ما هي إلا تأجيل لدورات صراع أكثر دموية وأفدح في النتائج الكارثية على الوطن.
• إن تجارب الصراع التاريخي بين القوى والأحزاب وحتى في إطار الحزب الواحد كموجات الصراعات للحزب الاشتراكي لا تعطي ثباتا تاريخيا لأي طرف في الإمساك بزمام السلطة والتفرد لفترات طويلة بالسلطة والنفوذ.
• ادعاء الشمولية والتمثيل الكامل للشعب، وإقصاء بقية القوى والمكونات هو تصادم مع سنن الله في الكون، ونسف أي جهود لتوحيد المجتمع نحو الأهداف النبيلة.
اليمن بحاجة إلى أن تأخذ العبر من دروس الماضي، وأن يستوعب الجميع أنه لم يعد من الممكن أو المقبول الاستفراد والاستحواذ والتملك للدولة والشعب، وأن المسار الاتحادي بأقاليمه الستة هو الحل الأمثل لليمن في اللحظة التاريخية الفارقة التي تمر بها البلاد والمشروع الجامع لكل اليمنيين.