أفادت لجنة حقوق الإنسان النيابية في العراق بأن عدد القتلى من المتظاهرين والقوات الأمنية خلال الاحتجاجات بلغ 319 قتيلاً، بينما أعلنت الرئاسات الثلاث رفضها لأي حل أمني للمظاهرات ومباشرة السلطات القضائية والتنفيذية فتح ملفات التحقيق المتعلقة بالفساد وملاحقة المتهمين، بالإضافة إلى العمل من أجل تشريع قانون جديد للانتخابات بما يضمن تحقيق العدالة في التنافس الانتخابي.
وجرى خلال اجتماع بقصر السلام في بغداد بحضور الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، تدارس مختلف التطورات السياسية والأمنية في البلاد في خضم المظاهرات الكبيرة التي شهدتها بغداد ومحافظات عراقية أخرى. وأكد الاجتماع، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية العراقية، أن «هذه الاحتجاجات الشعبية السلمية هي حركة إصلاحية مشروعة لا بد منها وذلك استجابة للرأي العام الوطني ولمتطلبات الحياة السياسية والخدمية التي يستحقها العراقيون الغيارى بعد عقود من الطغيان والحروب والعنف والفساد».
وأكد المجتمعون «الموقف الثابت بالامتناع ورفض أي حل أمني للتظاهر السلمي، والمحاسبة الشديدة لأي مجابهة تعتمد العنف المفرط، مشيرين بهذا الصدد إلى أوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة بمنع استخدام الرصاص الحي وجميع أشكال العنف التي تعتمد القسوة والمبالغة فيها».
كما تناول الاجتماع باهتمام شديد حالات الاختطاف التي تجري ضد ناشطين من قبل جماعات منفلتة وخارجة عن القانون، وكذلك جرائم الاعتداء على المتظاهرين، وهي أعمال موجهة يجري التحري عنها والوقوف على المتسببين بها وإنزال العقاب القانوني بهم، بحسب البيان الذي أكد أنه لن يبقى معتقل واحد من المتظاهرين.
وشدد المجتمعون على أنه سيحال للقضاء كل من تثبت عليه جرائم جنائية ومن أي طرف كان. وأضاف البيان: «ستلاحق العدالة الصارمة كل من يعتدي أو يخطف أو يعتقل أيّاً كان خارج إطار القانون والسلطة القضائية. مرة أخرى تتأكد أهمية حصر السلاح بيد الدولة، وهذا ما سيتحقق حتماً».
وأكد الاجتماع على ضرورة الالتزام بالطبيعة السلمية الديمقراطية للمظاهرات وبما يحفظ الأمن العام والممتلكات ويمنع حرف مسار المظاهرات عن طبيعتها السلمية.
وتابع البيان: «باشرت السلطتان التنفيذية والقضائية فعلاً بالعمل القانوني في الشروع بفتح الملفات التحقيقية الخاصة بالفساد وملاحقة المتهمين فيها لتحقيق العدالة واستعادة الحقوق المنهوبة. سيتواصل فتح هذه الملفات. وبهذا لا أحدَ مهما كان منصبه ومركزه وموقعه بالقادر على الإفلات من سير العدالة. لا تسييس ولا محاباة في فتح الملفات وفي التحقيقات والمحاكمات»، وأضاف: «مصلحة البلاد وحقوق الشعب وتطبيق القانون هو الفيصل في كل شيء، كما تمت المباشرة باتخاذ الإجراءات القانونية من قبل القضاء بحق من تسبب في استشهاد وإصابة عدد من المتظاهرين والقوات الأمنية ومن اعتدى على الممتلكات العامة، حيث تم توقيف قسم منهم وصدرت مذكرات قبض بحق قسم آخر ولايزال التحقيق مستمراً».
وأعلن البيان «مباشرة العمل من أجل تشريع قانون جديد للانتخابات وبما يجعل من هذا القانون ضامناً لتحقيق العدالة في التنافس الانتخابي، ومساعداً على وصول الأكفاء من المرشحين بموجب رؤية وقناعات الناخبين، والحدِ من فرص الاحتكار الحزبي التي تُبقي على ركود الحياة السياسية ما بين عدد محدود من الأحزاب وتَحول دون تجديد دماء هذه الحياة بمرشحين من خارج دائرة الحياة الحزبية أيضاً».
إلى ذلك، حاول متظاهرون، اليوم، الإبقاء على زخم الاحتجاجات الداعية إلى «إسقاط النظام» في العراق، بعد اتفاق بين الكتل السياسية على إبقاء السلطة الحالية حتى لو استدعى الأمر استخدام القوة لإنهائها، فيما حذرت منظمة العفو الدولية من «حمام دم».
وتوصلت الكتل السياسية العراقية، أمس (السبت)، إلى اتفاق لوضع حد للاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).
وقتل أربعة متظاهرين ثلاثة منهم بالرصاص الحي، في ساحة التحرير وسط بغداد، وثلاثة آخرون في البصرة، ثاني أكبر مدن البلاد الواقعة في أقصى الجنوب.
وتواصلت الأحد الاحتجاجات في البصرة الغنية بالنفط حيث فرضت قوات الأمن طوقاً لمنع المتظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة، غداة موجة اعتقالات نفذتها بحق المحتجين، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي مدينة الناصرية الواقعة كذلك في الجنوب، أطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع على متظاهرين كانوا يحاولون إغلاق دائرة حكومية جديدة في إطار موجة العصيان المدني الذي أدى إلى شل عدد كبير من المؤسسات الحكومية، وفقاً لمراسل الصحافة الفرنسية.
وتجددت في مدينة الديوانية، احتجاجات طلابية في ظل انتشار قوات الشرطة قرب المدارس والكليات لمنع الطلبة من الانضمام إلى المظاهرات.
وبقيت المدارس والكليات وأغلب المؤسسات الحكومية مغلقة في مدينتي الحلة والكوت وكلتاهما إلى الجنوب من بغداد.