بسم الله الرحمن الرحيم
{يا أيتها النفس المطمئة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} صدق الله العظيم
قبل اربعة ايام انزلت على صفحتي هذه عزاء ومواساة لأسرة واصدقاء وزملاء الفقيد الراحل القامة الوطنية السامقة اخي وزميلي وصديقي الأعز عبدالملك سعيد عبده الوحش – الصبري- وذلك عقب قراءتي لتعزية انزلها الصديق عبدالحميد ملهي.. فإذا بي اعلم من الشيخ العارف بالله عارف الدوش ان صديقي والحمد لله لايزال على قيد الحياة، وبالامس بلغني نبأ حول فرحتي حزنا ومأتما فتريثت واجلت الكتابة عن الفقيد حتى لا اكرر الغلطة فاعزي اخي فاتسبب في موته مرتين !!
وفعلا تأكد لي اليوم ان المناضل الجسور والمثقف الموسوعي الذي كان يمثل الطهر والنقاء والصدق والوفاء والوطنية في انصع صورها، فكان من انشط زملائنا في الثانوية واثناء الدراسة في القاهرة رغم اختلاف وجهتي نظرنا في القومية فقد كنت متاثرا بفكر مشيل عفلق ومنيف الرزاز وصلاح البيطار وهو ناصري وكنا يحضر معي في مقهى البعثيين انديانا القريب من مقهى زهرة الميدان الذي كان يرتاده الناصريون، ويدور بيننا حوار، واشهد انه كان يتمتع بذكاء خارق ، وكان الشهيد عيسى يحسن توجيههم من حيث الإستقامة والإلتزام بأداء فروض الصلاة، ولم اشاهد الفقيد يوما يشرب البيرة، او يعاكس الفتيات !!.
وذات يوم القى في الرابطة اليمنية لطلاب الشمال والجنوب المناضل الكبير عبدالله الخامري محاضرة عن نضال الجبهة القومية في مكافحة الاستعمار البريطاني واجباره على الرحيل ، فقام الفقيد وقبله الشهيد عيسى محمد سيف والاخ عبدالله علي الضالعي ومفندين ما جاء في المحاضرة مشيدين بدور جبهة التحرير وعددوا مواقف بطولية لأشخاص من الناصريين منتقدين اقصاء الجبهة القومية للناصريين عن المشاركة في الحكم .فكان رد المحاضر عبدالله الخامري عليهم قائلا :{ إن لكل ثورة ثورة مضادة وانتم مثلتم الثورة المضادة ومن الطبيعي اقصائكم حفاظا على النهج الثوري من المندسين، ورغم قساوة الرد إلا ان الناصريين كانوا اكثر الجماعات الحزبية ديمقراطية وقبولا بالراي المخالف رغم ان رئيس واعضاء هيئة الرابطة من الناصريين، فاضطروا استدعاء نائب رئيس الوزراء – الشهيد – الأستاذ محمد احمد محمد نعمان لإلقاء محاضرة في ذات الموضوع، وبدلا من مناقشة المحاضر قام الشهيد عيسى محمد سيف خطيبا فرد عليه المحاضر – وقد عرفت في ذات اليوم ان الشهيد عيسى تربى في تربى في بيت النعمان – قائلا له يا بني انا جئت لتستمع إلي لا لأسمع إليك، فاعتبر الفقيد هذا الرد قاسيا فقام بتوجيه عدة اسئلة للمحاضر تبرر إسترسال زعيمه في الحديث فكان الرد من المحاضر توجيهي وتصويبي لتلك الإسئلة وتقبل الفقيد تلك التوجيهات الأبوية بأدب جم وبصدر رحب فنال اعجاب المحاضر.
وهكذا كان الفقيد من اكثر الشباب الناصري حماسا وحركية وكان احد المقربين من الشهيد عيسى الذي تولى زعامة الحركة الناصرية منذ ان كان طالبا تعمد خلال دراسته الرسوب اكثر من ست سنوات تقريبا لكي يواصل نشاطه السياسي من القاهرة بحرية أكثر.
وهكذا كان الصديق الفقيد عبدالملك سعيد رحمة الله نظيف اليد ، عف اللسان، ونموذجا للتعامل الرفيع والأخلاق السامية، مثاليا في سلوكه وصلاته بالاصدقاء والزملاء.
فكان رحمة الله تغشاه كالنسيم الفواح الذي يهب باريج عطوره على الورد اليانع والشوك الحاد، متواضعا هاشا باشا لكل من يقابله ، لا تفارق الإبتسامة وجهه الصبوح يوما واحدا ؛ يحتمل الرأي المخالف؛ صاحب حجة ومنطق؛ محاورا منفتحا مع الجميع؛ وسفيرا ناجحا مثل اليمن في اكثر من دولة عربية واجنبية وكان متميزا ساعده في ذلك اطلاعه الواسع..
وإذ اعزي نفسي وزملائنا واصدقائنا المشتركين فإنني اعزي اسرة الفقيد وعلى رأسهم ابنه معين عبدالملك وجميع افراد اسرة واهل وذوي الفقيد على هذا الرحيل المحلق في سماء التعامل الأرقى والأجمل والأسمى..
وعزارهم ان الفقيد كان صاحب راي وطني غيور وكان نموذجا للإنسان النقي الصادق الذي يستصرخ أمته المنكوبة بجهل وغباء وعقوق بعض ابنائها الذين تسببوا في هذه النكبة التي تكاد تعصف بيمننا الحبيب .. ان يكفوا عن نشر السموم وزرع الكراهية والبغضاء داعيا الجميع ان يطهروا نفوسهم من النقائص والعيوب ويعودوا إلى طاولة الحوار والإحتكام إلى صناديق الإنتخابات فالحكم بالقوة مدان ومرفوض سواء اتانا بثياب الرهبان او بقرون الشيطان ..
وبرحيل السفير عبدالملك سعيد تكون اليمن قد فقدت شخصا نبيلا ووطنيا غيورا ، ومثقفا موسوعيا قبل ان يكتب مذكراته التي عرفت منه انه بدا يكتبها…
سائلا المولى عز وجل للفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان وان يجعلنا وإياهم من:{ الذين إذا أصابهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) صدق الله العظيم.
الأسيف المحزون/ حسن حمود الدوله
تعزيه منشوره علي صفحه الكاتب بالfacebook