قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تقرير لها الشهر الماضي إلى أنّ 4.5 ملايين طفل يمني قد لا يتمكنون من العودة إلى مدارسهم في العام الدراسي الجديد الحالي، بسبب انقطاع رواتب المدرّسين والمدرّسات.
وصدرت ردود فعل متباينة عن الأوساط التربوية اليمنية، إزاء المبادرة التي قدّمتها النقابة الوطنية للتعليم العام – اليمن لحلّ أزمة رواتب المدرّسين في مناطق سيطرة الحوثيين مع بداية العام الدراسي الجديد 2017 – 2018. والمبادرة تؤكّد على ضرورة مراجعة وتعديل قرار مجلس وزراء حكومة الحوثيين الصادر في منتصف إبريل الماضي، بشأن رواتب موظفي الدولة، بهدف حلّ مشكلة عدم تسليم رواتب الموظفين العاملين في وزارة التربية والتعليم.
وتقترح المبادرة إيجاد حلول استثنائية للمدرّسين تقضي بتقسيم الراتب إلى ثلاثة أقسام، 50 في المائة منه كقسائم شرائية توزّع على الموظفين يحصلون من خلالها على سلع ضرورية، و30 في المائة كمبلغ نقدي، و20 في المائة كتوفير بريدي.
وبحسب المبادرة، فإنّ التسليم يبدأ منذ شهر يوليو الماضي وبصورة مستمرة حتى استقرار الوضع السياسي أو الانفراج المالي، على أن يبدأ التنفيذ في شهر سبتمبر الجاري.
ودعت النقابة في مبادرتها إلى مراجعة آليّة البطاقة التموينية والاستفادة من السلع عبر تخليصها من الزيادة التي طرأت على أسعارها، وإلزام التجار المزوّدين لخدمة البطاقة التموينية بإعادة فوارق المبالغ المحوّلة إلى حساباتهم من الجهات، أثناء إصدار شيكات الاستحقاق والتي تُقدّر بعشرات الملايين في الشهر الواحد. يتبع ذلك “إيداعها في حسابات المدرّسين والتربويين من خلال لجنة مشتركة من النقابات والرقابة ووزارة الصناعة والإشراف على استقرار الأسعار وضبطها، وفقاً للسوق والعقد الموقّع بين التاجر وجهة العمل”.
وشدّدت النقابة على ضرورة إلزام الجهات المختصة “بمراعاة وضع المدرّسين الذين يسكنون في منازل مستأجرة وحمايتهم من الملاك، على أن يبقى حقّ المؤجّر حقاً ثابتاً إلى حين استقرار الوضع”، إلى ذلك يأتي توجيه كل المستشفيات الحكومية والعسكرية لتأمين الرعاية الطبية مجاناً للمدرّسين والتربويين، على أن تكون بنسبة معيّنة في المستشفيات الخاصة.
كما طالبت نقابة التعليم العام بالحفاظ على استقلالية المؤسسات التعليمية والتوقّف عن إصدار قرارات تعيين في هذه المرحلة، مؤكدة رفضها أيّ تعديلات في المناهج الدراسية، حتى تستقر الأوضاع في البلاد، فيكون التعديل “عن طريق مؤتمر وطني يتفق عليه كل الأطراف، وفقاً لرؤية وطنية تحفظ النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية”.
عارف القباطي مدرّس في العاصمة صنعاء، عبّر عن تأييده لتلك المبادرة، إذ يرى أنّها “الحلّ المؤقت لأزمة الرواتب التي قد تضرّ بالعملية التعليمية”. يضيف لـ “العربي الجديد” أنّ “الظروف المعيشية الصعبة التي نمرّ بها منذ 11 شهراً من جرّاء انقطاع الرواتب، دفعتنا إلى القبول بأيّ حلول تساعد في التخفيف من معاناتنا. نحن لا نملك إلا القبول بها في حال اعتمدتها الحكومة”.
من جهته، يأمل وكيل مدرسة قتيبة بن مسلم في العاصمة صنعاء، فائز الغزالي، أن “تكون هذه الرؤية هي الحلّ”، لافتاً إلى أنّ “الحلّ الوحيد هو صرف كل المستحقات شهرياً من أجل البدء بالعام الدراسي الجديد”. ويقول لـ “العربي الجديد” إنّ “البطاقات التموينية ما هي إلا عملية ابتزاز ممنهجة، وتوزيعها اقتصر على مدرّسي العاصمة وبعض المناطق فقط”.
يضيف الغزالي أنّ “تسجل التلاميذ يبدأ سنوياً في أواخر شهر أغسطس، على أن تبدأ الدراسة في أوائل سبتمبر.. لكنّ عدم استجابة الجهات المختصة للإضراب المُعلن من قبل نقابة المهن التعليمية والتربوية (كبرى نقابات التعاليم في اليمن)، أدّى إلى التأجيل حتى إشعار آخر”. ويشدّد على أنّ “المدرّسين مضطرون إلى الالتزام بالإضراب إلى حين صرف الرواتب”.
وكانت نقابة المهن التعليمية والتربوية في اليمن قد أصدرت أواخر شهر يونيو الماضي، بياناً تعلن فيه الإضراب التام في كل المدارس الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتؤكد عدم استعدادها لفكّ الإضراب إلا بصرف رواتب جميع الموظفين في قطاع التربية والتعليم المنقطعة منذ نحو 11 شهراً. يُذكر أنّ عشرات من الحوثيين تظاهروا قبل أيام أمام مبنى رئاسة الوزراء في منطقة التحرير وسط صنعاء، للمطالبة بفرض قانون طوارئ خاص بالتعليم، يسمح لهم باعتقال المدرّسين في حال رفضوا بدء العام الدراسي الجديد المقرّر في أكتوبر/ تشرين الأوّل المقبل على خلفية انقطاع الرواتب.
إلى ذلك، تلفت مصادر في محافظة المحويت، إلى أنّ الحوثيين يدرسون فكرة فرض رسوم على التلاميذ، للتمكّن من تسليم رواتب المدرّسين، لكنّ ذلك بحسب المصادر قوبل برفض من قبل عدد كبير من التربويين إذ إنّها تتعارض مع دستور الجمهورية اليمنية الذي ينصّ على مجانية التعليم.