وحدها جائحة الكوليرا لا تفرق بين شمالي أو جنوبي في يمن الشتات والحروب حيث يتلقى مئات المواطنين من مناطق تعز وإب والضالع ولحج علاجاتهم اليومية في مستشفى النصر المركزي بعاصمة المحافظة بمخيمات «حجرات علاجية» تشبه تماماً مخيمات اللاجئين.
ولأن عدد المرضى في تزايد مطرد، لم تسعهم المراكز الصحية بالمدينة، مما حدا بالجهات المختصة وبعض المنظمات العاملة هناك إلى نصب خيام كبيرة، وفتحها كمحاجر علاجية لمرضى الكوليرا في ظل اجتياح الكوليرا للضالع وغياب النظافة وانفجار مياه الصرف الصحي واستخدام السكان المحليين لمياه الآبار الملوثة وهي أبرز مسببات الإصابة بالكوليرا بحسب منظمة اليونيسيف في اليمن.
تغيب متعمد
الضالع تواجه معركة جائحة الكوليرا التي تفتك بأجساد مواطنيها الذين يعانون التهميش والتجاهل، وهي اليوم بحاجة لمد يد العون لها لتطويق ومكافحة الكوليرا التي تجتاح المدينة منذ أواخر أبريل الماضي.
ويكشف محافظ الضالع «فضل الجعدي» تسجيل غرفة عمليات الطوارئ بالمحافظة وفاة 57 حالة وإصابة أكثر من 12 ألف حالة بوباء الكوليرا خلال الفترة من 23 أبريل الجاري وحتى 31 يونيو.
تجاهل
المحافظ الجعدي أكد لـجريده «الاتحاد» الاماراتيه أن قيادة السلطة المحلية ومكتب الصحة بالمحافظة وبدعم منظمة الصحة وبعض المنظمات الدولية الأخرى تعمل بوتيرة عالية ومنتظمة على مكافحة الكوليرا من خلال فتح 9 محاجر للعلاج في عموم مديريات الضالع في ظل غياب أي ميزانية تشغيلية للمحافظة. وأضاف بدأنا نواجه وباء الكوليرا في 23 أبريل الماضي وإعلان انتشار الوباء بالمحافظة، ولكن رد علينا نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية حينها بأنه لا توجد أي حالة مصابة بالكوليرا في المحافظات المحررة، الحكومة تخفي هذه الحالات – ولا نعرف لماذا.
محاجر لعلاج الكوليرا
وأوضح أنه تم فتح 9 محاجر لعلاج الكوليرا بعموم مديريات المحافظة، حيث لا يقتصر استقبال المرضى من محافظة الضالع فقط، بل من محافظتي إب وتعز وكذا من مناطق مديرية حالمين التابعة لمحافظة لحج، مضيفاً: يتم توزيع المحاليل على المديريات والعمل يسير بشكل منتظم لمواجهة جائحة الكوليرا، مطالباَ المنظمات الدولية بمد يد العون للمحافظة، كما كان لها السبق في ذلك، ناصحاً في الوقت نفسه سكان المحافظة بالتركيز على جانب النظافة باعتبارها إحدى طرق العلاج من وباء الكوليرا الفتاك حد قوله ذلك.
وأكد مدير مكتب الصحة بمحافظة الضالع الدكتور محمد علي عبدالله صالح لجريده «الاتحاد» الاماراتيه أن وباء الكوليرا يجتاح عموم مناطق ومديريات المحافظة وأنه نتيجة للحرب والصراعات تفتقر الضالع إلى البنى التحتية والتجهيزات الطبية اللازمة، حيث تم فتح 9 محاجر علاجية على مستوى المديريات، وتنقصها التجهيزات الكاملة وهي مراكز فقط لاستقبال وعلاج الحالات المصابة.
تدخل المنظمات
ولفت إلى أن منظمة الصحة العالمية دعمت المحافظة بـ 15 سريراً منها 10 أسرة في مركز المحافظة بمستشفى النصر و5 أسرة في مركز السلام بمدينة قعطبه شمال الضالع، مشيراً إلى أن القائمين على تلك المحاجر يعملون تطوعياً ومنهم من موظفي الصحة وغيرهم من خريجي الطب والمعاهد الصحية، مضيفاً أنه تم التوقيع على إضافة 3 محاجر علاجية أخرى في مديريات جحاف والشعيب والحشا. وقال: إن منظمة الإنقاذ الدولية فتحت 5 محاجر علاجية أخرى، ونحن ما زلنا بحاجة إلى عدد من المراكز العلاجية، حيث تتلقى دعماً طيباً ونحن نعتبره كبيراً من منظمة الصحة العالمية ولكنه لا يغطي الحاجة الكبيرة لتلك العلاجات، إذ لا يوجد في المحافظة سوى 15 سريراً لمكافحة الكوليرا في الوقت الذي تتجاوز فيه حالات الإصابة بالكوليرا أكثر من 1200.
إحصائيات
وأكد أن معدل الإصابة وصل في الأيام الأخيرة من 300 إلى 600 حالة يومياً، حيث تتركز الإصابة في الكوليرا في مناطق الضالع مركز المحافظة ومديريتي الحشا ودمت، بينما تعتبر جبن اقل المناطق إصابة بجائحة الكوليرا، حيث تم تسجيل 2427 إصابة و13 حالة وفاة في مدينة الضالع، و535 حالة إصابة و2 وفيات في جحاف، و712 إصابة و2 وفيات في الازارق، و395 إصابة و2 وفيات في الشعيب. وتم تسجيل 2503 حالة إصابة و15 حالة وفاة في قعطبة، و2253 إصابة و16 حالة وفاة في الحشا، وفي دمت سجلت 2072 إصابة و4 وفيات، بينما لم تسجل إي حالة وفاة في جبن وسجلت فقط 253 حالة إصابة.
انتقال الكوليرا
عرف وباء «الكوليرا» منذ القدم 406 قبل الميلاد، وتسببه بكتيريا يطلق عليها «Vibrio cholera» وينتقل المرض بحسب الدكتور هلال الغلابي بشكل أساسي عبر الذباب ونادراً عبر الملامسة الشخصية.
يشير الغلابي وهو طبيب عام إلى أن أبرز طرق انتقال وباء الكوليرا هي المياه الملوثة، إلى جانب الأطعمة والمشروبات التي يبيعها الجائلون، ومنها الآيس كريم، والخضراوات المزروعة بالماء المحتوي على نفايات بشرية، وأيضا الأسماك والمأكولات البحرية الخام أو غير المطبوخة وفي المياه الملوثة بالمجاري.
الوقاية من الكوليرا
وقال إن طرق الوقاية من الكوليرا تتمثل في عزل المرضى المصابين بالكوليرا والتخلص من البراز الخاص بهم بطرق صحية آمنة لتجنب نقل العدوى إلى الناس المحيطين بهم، غسل الأيدي بالماء والصابون جيداً، وخاصة قبل إعداد الطعام أو تناوله، وبعد استخدام دورة المياه، وذلك لتجنب انتقال عدوى الكوليرا بالتلوث، مع ضرورة تنقية المياه بالغلي أو التعقيم، وتناول المياه المعدنية لتجنب المياه الملوثة التي تنقل بكتيريا الكوليرا، تجنب تناول الأطعمة من الباعة الجائلين، وخاصة تلك المطهية بالكامل، حيث يمكن لبكتيريا الكوليرا أن تعيش في الأطعمة لمدة خمس أيام في درجة حرارة الغرفة.
لقاح الكوليرا
وقال إن طرق الوقاية من الكوليرا هي تجنب تناول الأسماك وفواكه البحر والمحار، غير المطهية جيداً، وغسل الخضراوات والفواكه جيداً قبل تناولها، لأنها تشكل مصدرا كبيرا لنقل عدوى الكوليرا، تجنب تناول الألبان غير المعقمة، ومنتجاتها كالآيس كريم والأجبان.
وأشار الطبيب العام هلال الغلابي إلى أن هناك لقاحاً ضد الكوليرا يؤخذ عبر الفم لكن لم تثبت فاعليته، ولم يدخل اليمن.