تواصل إيران سكب الزيت على نار الصراعات المستعرة في اليمن، عبر تزويدها الانقلابيين الحوثيين المنفذين لأجندتها بالصواريخ المختلفة والأسلحة المتنوعة، وهو الأمر الذي دأبت على فعله منذ بداية الحرب الأولى في صعدة عام 2004، قبل أن تزيد من وتيرته في الآونة الأخيرة.
واستثمرت إيران علاقاتها مع المخلوع علي صالح، وكون الحوثيين في متناول يدها لتهريب هذه الصواريخ والأسلحة إلى اليمن، كما استغلت وجود ممرات بحرية وموانئ متعددة مررت عبرها أنواعا من الصواريخ والأسلحة إلى جبال صعدة.
وحملت الصواريخ المهربة ما يؤكد أنها صناعة إيرانية، إضافة لأسلحة أخرى مشتراة من دول مختلفة تم تهريبها للحوثيين.
ولم يتوقف الدور الإيراني عند تزويد الحوثيين بالأسلحة، بل أمدتهم كذلك بخبراء إيرانيين، وعناصر من حزب الله اللبناني للعمل المباشر والإشراف والتدريب والصيانة.
اعتراف حوثي
اعترف مصدر حوثي لـجريده «الوطن» السعوديه بأن استخدام الحوثيين لأحد صواريخ أرض جو لاستهداف إحدى طائرات التحالف فشل، حيث عاد بعد إطلاقه مباشرة ليسقط مباشرة بقرب موقع الإطلاق القريب من منطقة سكنية، مخلفا عددا كبيرا من القتلى والجرحى المدنيين، ولذا عمد الإعلام الحوثي من خلال قناة «المسيرة» للتزييف واتهام قوات التحالف بتلك الضربة، وقال «لم يكن هذا هو الخطأ الوحيد، بل هناك أخطاء مماثلة، وقع أحدها في تعز حيث أطلق صاروخ باتجاه هدف كان يعتقد أنه لجنود الشرعية، لكن الصاروخ ارتفع مسافة قريبة، وعاد للسقوط في موقع آهل بالسكان».
طائرات دون طيار
قال رئيس شعبة الإعلام الحربي بدائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة في الجيش اليمني العقيد ركن يحيى الحاتمي لـ«الوطن» «أدخلت إيران طائرات دون طيار إلى اليمن، بعضها قادر على حمل صواريخ حرارية، وقد تم الاستيلاء على صواريخ إيرانية تحمل تواريخ تصنيع حديثة أواخر عام 2016، تعود ملكيتها لإيران، وهناك صواريخ صينية تشتريها إيران، ثم تزود الحوثييين بها، وهناك صواريخ فوسفورية يتم تركيبها في صنعاء من خلال خبراء إيران وحزب الله، وقد استهدفت عددا من المدنيين في مأرب وتعز والمخا، وحاول الحوثي إيصالها للسعودية لكن تم التصدي لها».
وأضاف «بعض تلك الصواريخ كان مداها 2 كلم، ولديهم تطوير حالياً ليصل مداها لأكثر من 7 كلم، وهذا تطور خطير، كما زودت إيران الحوثيين أخيراً بصواريخ ليلية، كما استخدم الإيرانيون الأسمدة لتطوير بعض الصواريخ، فيما يتم تهريب الصواريخ التي يستحيل صناعتها داخليا وسط البضائع التجارية وعبر السواحل والشواطئ المفتوحة، ومنها صواريخ تحمل أسماء إيرانية لا تختلف عن مسميات الصواريخ الموجودة لدى حزب الله، مثل قاهر 1 وقاهر2 وزلزال 1 وزلزال 2 وزلزال 3 وبركان 1 وبركان 2 و النجم الثاقب، وجميعها بمواصفات واحدة، لكن الإيرانيين استخدموا تلك المسميات للدعاية».
وأكد الحاتمي أن قوات الشرعية في اليمن استولت في مرة واحدة على 80 صاروخا إيرانيا في جبهة نهم، ما يعني أن هناك صواريخ إيرانية أخرى كثيرة موزعة بين الجبهات التي يسيطر عليها الانقلابيون، وهذا يفسر خوفهم من تحرير الحديدة والمخا لأنهما تشكلان شريانين هامين لتهرب الأسلحة من إيران، إضافة لميناء المهرة وبعض السواحل في ميدي وشبوة.
وبين الحاتمي أن إيران استعانت ببعض التجار الذين يحملون تصاريح تجارية لتهريب الصواريخ وقطع الغيار والأسلحة المختلفة، مستخدمة أساليب وحيلا متعددة للتهريب، مثل خلاطات الأسمنت، حيث يتم إيهام الجيش والمواطنين بأنها ناقلات خرسانة بينما هي تنقل صواريخ وأسلحة، كما استخدمت مواسير الكهرباء، وخزانات تعبئة الهواء في البناشر وتفريغها من الداخل وإعادة تلحيمها ومن ثم تهريب بعض الوقود والأدوات اللازمة للصواريخ، كما استخدمت حاويات نقل المواشي في تهريب الأسمدة المستخدمة في تطوير الصواريخ والمتفجرات».
تطوير عشوائي
أكد الحاتمي أن تطوير الصواريخ داخليا يتم بشكل عشوائي، ولذا فإنها لا تصيب أهدافا عسكرية محددة، وغالبا ما تطال المدن والتجمعات السكنية.
وقال «بعد نجاح التحالف في ضرب عدد من القواعد ومنصات الصواريخ جهز الإيرانيون منصات عشوائية وبطرق بدائية لإطلاق الصواريخ التي لا تصيب أهدافها لكنها تشكل خطورة على المدنيين، حيث توجه تلك الصواريخ عشوائيا ويذهب ضحيتها أطفال ونساء ومدنيون، وامتلاك الحوثيين لهذه الصواريخ يشكل خطرا كبيرا، لكن وجود التحالف بمنظومة دفاعه الجوية أنقذ اليمنيين من كارثة كبيرة، حيث يسقط بشكل شبه يومي صواريخ في سماء المحافظات المحررة، خصوصاً أن الانقلابيين بعقد الحقد لديهم يريدون إظهار الشرعية والتحالف بمظهر العاجز عن حماية المدنيين».
دعم لوجستي
أكد الناطق باسم الجيش اليمني العميد عبده مجلي لـ«الوطن» على الدعم اللوجستي الذي تقدمه إيران للميليشيات الانقلابية التي تنفذ الأجندة الإيرانية في المنطقة، مشدداً على إمداد إيران لتلك الميليشيات بالصواريخ المختلفة وتأمينها قطع غيارها، وإرسالها خبراء إيرانيين، ومن حزب الله يتواجدون في صنعاء وصعدة والحديدة، ويطورون بعض الأسلحة الصاروخية التي كانت في مخازن وزارة الدفاع وزيادة مداها، وقال «هناك تطوير وقطع غيار تصل من إيران لصيانة بعض الصواريخ، ما يؤكد استمرار العبث الإيراني بأرواح اليمنيين، وهناك صواريخ إيرانية وصلت إلى صعدة عبر ميناء الحديدة وميدي، وأثر تلك الصواريخ يطال المدنيين دون غيرهم، كما زودت إيران الحوثيين بصواريخ متطورة وبكميات كبيرة من الألغام التي تزرع بطرق عشوائية وانتقامية في الأسواق والمحلات وأمام المنازل ودور العبادة، ولو كان الأمر يتعلق بمعركة من جانب الحوثيين لكان الهدف عسكريا، ولزرعت الألغام في الجبهات وليس في أماكن التجمعات السكنية، كما وصلت زراعة الألغام إلى مواقع الصيادين في الشواطئ لإرهابهم وتهديدهم، والأمر يتطور لتهديد الملاحة الدولية».
صواريخ حديثة
يشدد رئيس التوجيه المعنوي بالجيش اليمني اللواء محسن خصروف في حديثه لـ«الوطن» على أن لدى الحوثيين صواريخ حرارية حديثة، وقال «حين تمت السيطرة على مواقع الحوثيين وجدنا سيارات محملة بصواريخ حديثة، تستخدم من قواعد إطلاق وبشكل فردي، وهي حديثة الصنع، ودخلت منها كميات كبيرة، كما وجدنا أنواعا حديثة مختلفة تماما عن الأسلحة الموجودة في مخازن وزارة الدفاع سابقا، وقد زودت إيران الحوثي بهذا النوع من الصواريخ سواء على مستوى بر بحر، أو بر بر، والصواريخ التي استخدمت أخيرا على مصلى بإحدى المعسكرات كانت من هذا النوع الحراري الحديث القادم من إيران، وهناك أدلة ووثائق تؤكد أنها من أسلحة الحرس الثوري الإيراني تحديداً».
وأضاف «يستخدم الحوثيون صواريخ باليستية إيرانية، واستمرار تهريب إيران لتلك الصواريخ والأسلحة المختلفة والممنوعة دوليا يجعل قوات التحالف العربي أمام مسؤولية تاريخية لأن البحرية اليمنية مدمرة تماما، ولذا فقوات التحالف مسوؤلية عن حماية الممرات البحرية وتفتيش السفن القادمة من إيران والقرن الإفريقي».
وتابع «تهرب إيران الصواريخ والأسلحة من عدة جهات، وقد اعترف أحد المهربين حين تم القبض عليه بأنه هرب تسع شحنات سابقة، مؤكداً أنه يحمل ما يهربه من إحدى السفن التي ترسو قرب الشواطي الصومالية ويقوم بتهريبها من باب المندب ويوصلها إلى الحوثيين في الحديدة».
وأكمل «عززت إيران عندما دعمت الانقلاب من قدرات الحوثيين لإحكام السلطة وإعلان ولاية الفقيه، وحرصت على أن يكون بين أسلحتها صواريخ وألغام، تضرر منها المدنيون».
وتابع «دمر طيران التحالف قواعد صاروخية في جبل هيلان، ولذا فكر الانقلابيون باستخدام مواسير حديدة 8 إنش لتكون قواعد لصواريخ كاتوشا وهي لاتستيطع ان تكون دقيقة ولذا فانها تشكل خطورة كبيرة على المدنيين، وتسقط عشوائيا في الأسواق والمدارس والتجمعات السكينة والعمرانية، لكنهم يقولون أينما وقعت نفعت».
وختم «تشابه صواريخ الحوثي مع صواريخ حزب الله قاد لتواجد الخبراء الإيرانيين واللبنانيين في اليمن، ولدينا توثيق بالصوت والصورة والبراهين على إدانة إيران بهذه الصواريخ، وقد قدمت وزارة الخارجية تقريرا وشكوى الى مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، وطالبت بفرض عقوبات على إيران وحزب الله».