فنّد الإعلامي اليمني سام الغباري الروايه التي ساقها وزير الدولة لشؤون الدفاع، القطري خالد بن محمد العطية في قناة الجزيرة، الذي اتهم فيه الصحفي بانه وراء حادثة استشهاد أكثر من 50 جنديا إماراتيا في مأرب اليمنية.
قال الغباري متهكما «لو كان العطية مقتنعا فعلا بما جاء في تصريحاته، وبأن صورتي المنشورة في الفيسبوك في 2 سبتمبر 2015 كانت سببا في الحادث الإجرامي الذي تعرضت له القوة الإماراتية والبحرينية بمنطقة صافر بمأرب، فتلك فضيحة ومهزلة معلوماتية يجب أن تدفع أمير قطر إلى تغيير هذا الوزير الجاهل، لأن قناعته تلك تؤكد أن القوات المسلحة القطرية في خطر».
وأضاف الغباري «وصلت إلى اليمن من الرياض في 30 أغسطس 2015 عبر منفذ الوديعة مع وزير الداخلية السابق اللواء عبده الحذيفي، واللواء محمد المقدشي رئيس هيئة الأركان العامة لدعم الإعلام في الجيش الوطني، وتدريب عدد من الإعلاميين المتطوعين، وفي 2 سبتمبر 2015 وصلنا إلى الجوف لزيارة معسكرات الجيش الوطني، وهناك التقطت عددا من الصور الشخصية، ومنها الصورة التي انتشرت في الفيسبوك، وظهرت فيها ماشيا وسط المدرعات الحديثة الممنوحة لجيشنا البطل، وقد نشرت الصورة في حينه، وذهبنا في المساء للمبيت في شركة صافر النفطية.. وفي السادسة من صباح 4 سبتمبر 2015 سمعت صوت انفجار ضخم هز المكان، فخرجت على الفور من غرفتي وشاهدت من بعيد دخانا أسود، فارتديت ملابسي على عجل وذهبت مسرعا إلى غرفة اللواء المقدشي لأتبين ما حدث، فوجدته منطلقا إلى مكان الانفجار ومعه الحذيفي.
وسمعت من أحد موظفي الشركة الذين كانوا يسارعون لإغلاق آبار النفط والغاز بالمنطقة أن الانفجار حدث في معسكر قريب، لم أكن أعلم أنه يخص قوات التحالف العربي، واستدعيت أصدقائي الإعلاميين للحاق بالمقدشي، حتى استوقفتنا نقطة تفتيش يمنية على مقربة من المعسكر ونصحونا بالعودة لأن الوضع خطير، فقررت العودة رغم اعتراض بعض الأصدقاء الذين طالبوا بالمغامرة، لكنني منعتهم وصرخت إننا إعلاميون ولسنا ذوي خبرة بهذه الظروف، وفعلا عدنا إلى الشركة وذهب كل منا لحزم أغراضه تحسبا لأي طارئ، وخلال ذلك مررت بعيادة الشركة الطبية فاستوقفني أنين رجل فوق عربة عسكرية ضخمة كانت ذراعه ملفوفة بالأغطية الطبية وعليه آثار تعب وغبار وألم ودم، وقال لي بلهجة خليجية أنه يشعر بنزيف في ذراعه ويرجو أن أخبر الطبيب بإعادة معالجته، فسألته: من أين أنت، فأجابني من الإمارات، وسالت عمن بجواره وكانوا أربعة جنود، أجابني أنهم جميعا من الإمارات مستلقين على عربة مكشوفة، فهرعت إلى العيادة، ودلفت إلى غرفة الجراحة ورأيت أحدهم ينطق بالشهادتين بصوت عال وفي ظهره جرح غائر والطبيب يحاول إيقاف النزيف وقد بدا مرتبكا وبجواره ثلاثة ممرضين يحاولون إنعاش بقية الجرحى، فعرضت على الطبيب المساعدة فهز رأسه، وصار يأمرني بجلب الوسائل الطبية من الخزانة المعدنية المثبتة على الأرض فأفعل، وسرعان ما أقبل عددا من الطواقم العسكرية الطبية الإماراتية ونزلت على مقربة من العيادة لتحمل جميع المصابين وتنقلهم عبر الهيلكوبتر.
صورة الدخان
يكمل الغباري «التقطت صورة للدخان وهو يتصاعد في السماء من موقعي، وأرسلتها لمراسل «العربية» في دبي حمود منصر، فاتصل بي وأوصلته بالحذيفي والمقدشي اللذين عادا لتوهما من موقع الحادث، وقد تمكنا ببطولة نادرة من إنقاذ عدد كبير من المصابين وانتشالهم من وسط الحريق الهائل الذي أصاب مخزن السلاح.
عصر ذلك اليوم، أرسل لي أحد الأصدقاء تغريدة للسكرتير الصحفي للرئيس السابق صالح يكتب فيها «شكرا سام» ويضع صورتي التي تم التقاطها في الجوف على أنها في صافر بمأرب، وأنها هي التي زودت الحوثيين بالإحداثيات لقصف موقع معسكر التحالف العربي، سخرت من التغريدة وأغلقت هاتفي، وفوجئت عند المساء بآلاف الرسائل في تويتر من إماراتيين وبحرينيين يلعنونني ويتهمونني بالتسبب في الجريمة، وقد تبرع أحد الحمقى بالشرح أنني أبقيت نظام «gbs» الذي لا أعرف ما هو حتى الآن شغالا، وأن صاروخ توشكا استهدف مخازن الأسلحة بدقة عالية متتبعا إشارات الهاتف!، ولو كان كلامه صحيحا فإن الصاروخ كان سينفجر في الجوف وليس في مأرب».
بيان نفي
يكمل الغباري «اتهمني كثيرون بتلك الرواية التي اختلقها الحوثيون والعفافيش وصدّقها كثيرون في حينه، فاضطررت لنشر بيان نفي وقتذاك، ذكرت فيه حقيقة الأمر، مبديا استعدادي للمساءلة والمحاكمة لإثبات براءتي، لكن الغريب والمريب أن تعود الاتهامات من جديد على لسان وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري شخصيا وهو ما يعني أن هوى قطر كان موافقا ومترجما لما قاله الحوثيون وأشاعوه عني باطلا وزيفا وكذبا«.
وكان العطية قد قال في تصريحاته «لم تتواجد القوات القطرية على الإطلاق في مأرب، ولم تدخلها، بل كان لها مهماتها على الحدود السعودية، حيث كلفت بأن تكون مع أشقائنا في القوات السعودية على الحدود الجنوبية. كان لدينا سبع نقاط، وكانت مسؤوليتنا حمايتها.. وأعتقد أن مقتل الجنود الإماراتيين كان بسبب أن أحد الصحفيين العاملين لدى إحدى صحف دول الحصار صوّر المنطقة العسكرية التي يتواجد فيها الإماراتيون، ورفع الصورة على الفيسبوك، ما أدى لاستهدافهم»، مشيرا بذلك إلى الإعلامي اليمني سام الغباري.
وكانت وسائل التواصل الإعلامي أظهرت صورة للإعلامي سام الغباري مع عربات قوات الجيش، لكن فات العطية أن الصورة التقطت في الجوف، بينما استشهد الإمارتيون في مأرب.