غير مألوف
ودقت أجراس عشرات الكنائس في الموصل، والساحل الأيسر للطائفة المسيحية من كلدان، وأشور، وأرمن في مشهد غير مألوف منذ يونيو(حزيران) 2014 بعد سيطرة تنظيم داعش على المحافظة، وتهجير أهلها، وتدمير الأديرة، والكنائس للطوائف المسيحية، وقتل أعداد كبيرة منهم، بينهم رجال دين، وقساوسة.
ورغم أن أجواء الحرب ومظاهر الدمار ما تزال تخيم على معالم المدينة والكنائس، إلا أن المسيحيين تدفقوا إليها للاحتفال، وأداء القداس، والصلوات، في مشهد يعكس إصرار المسيحيين على تجاوز هذه المحنة والتمسك بأرضهم.
وقال القس عماد خوشبا إن” أغلب رجال الدين المسيحيين حضروا اليوم، وأقاموا صلوات القداس والاحتفال بأعياد القيامة، في مدينة الموصل بعد ثلاثة أعوام من الحرمان، وسلب حقوقهم وممتلكاتهم، ورُدت إلينا ديارنا بقوة وبسالة من رجال القوات العراقية من جهاز المكافحة، والرد السريع والاتحادية”.
وأضاف خوشبا الذي أقام أكبر قداس لمسيحيي الموصل في كنيسة تايتانك داخل الساحل الايسر بالموصل، أن “الفرحة والبهجة ارتسمت على وجوه العوائل المسيحية بعد فراق، اجتمعوا بكافة مذاهبهم من أرمن، وكلدان، وأشور، وكاثوليك وأرثوذكس، من جديد وسط الموصل، ومن منازلهم التي استبعدوا منها قسراً” .
منذ قرون
وذكر أن تجمع المسيحيين اليوم يؤكد أنهم شعب أصيل ولا يستطيعون الابتعاد عن مدينتهم التي عاش فيها أجدادهم منذ قرون وأنهم لا يستطيعون إلا العيش في ظل أجواء الأمن والسلام”.
وقالت السيدة أم فنر، التي عادت إلى منزلها بعد غياب ثلاث سنوات مع أولادها الأربعة “قررت العودة الى المنزل، والاحتفاظ به، ومقاومة إرهاب داعش، والكف من التهجير، والغربة عن موطن المسيحيين في نينوى”.
وأضافت أن “عيد القيامة اليوم له لذة ونكهة جميلة عن باقي الأعياد الماضية، لأنه ومنذ ثلاثة أعوام، لم تشهد العوائل المسيحية احتفالات داخل منازلهم، وموطنهم الأصلي نينوى بعد الغربة، والتهجير، إذ تشردت مئات العائلات المسيحية داخل وخارج العراق”.
ونجحت القوات العراقية بدعم من قوات البيشمركة الكردية، والحشد الشعبي، وطيران التحالف الدولي، في طرد داعش من مناطق الساحل الأيسر من الموصل، بعد معارك متواصلة تجاوزت مئة يوم.
عودة 70% من العائلات
وذكر القس وائل حبابة أن “كنائس الطائفة المسيحية لم تفرض عودة أي عائلة مهجرة في إقليم كردستان، أو بغداد، أو أي مكان قطنوا فيه بسبب جرائم داعش، بل على العكس قامت الكنائس باستبيان لكل عائلة من التي ترغب بالعودة إلى منازلها، وكانت النتيجة أن 70% من العائلات المهجرة عادت اليوم إلى مدينة الموصل، وسهل نينوى، منذ قرابة ثلاثة أشهر أو أكثر”.
وأشار إلى وجود من ينتظر العودة، لكن عاجز عنها بسبب الأضرار الكبيرة التي خلفها داعش في مناطقهم، ومساكنهم.
وأوضح أن احتفالات أعياد القيامة كانت مقتصرة على الصلوات، ودق الأجراس، والدعوات، وتوزيع الحلوى، احترماً وإجلالاً لأرواح القتلى من المدنيين، والقوات التي تخوض المعارك، ومازالت في أجزاء قليلة من غربي الموصل.
وتقبّل مسيحيو العراق اليوم التهاني من القيادات السياسية، والشعبية، في البلاد بمناسبة عيد القيامة المجيد، والتأكيد على وحدة العراقيين من جميع الطوائف، والعيش بحرية وأمان.