نماذج من غارات أو غزوات قبائل شمال الشمال؟!
يحيى عبد الرقيب الجُبيحي
لم تكن غارة ما يسمى ب : ( أنصار الله ) على العاصمة صنعاء .. وعلى بقية المحافظات والمدن والمناطق اليمنية.. هي الغارة الأولى لقبائل شمال الشمال .. لكنها ستكون هي الأخيرة حتمآ بعون الله .. أجل ستكون الأخيرة .. نظراً لوجود بعض الوعي لدى بعض ابناء هذه القبائل ولو يسيراً قياسآ لما كانت عليه قبلآ! واكتشاف معظم هذه القبائل التي رضيت بذهاب أبنائها لقتال اشقائهم بما بات يعرف اليوم ب .. قناديل وزنابيل! .. وأيضآ ستكون هذه الحرب ((الحوثية)) هي الأخيرة .. نظرآ للظروف والأوضاع والتغيرات اليمنية والإقليمية والدولية.. ثم.. وهو الأهم .. لأنه ربما لأول مرة تواجه قبائل شمال الشمال في هذه الغارة .. مقاومة شرسة غير متوقعة لها .. ومن كل المحافظات والمدن والمناطق اليمنية التي دخلتها في إطار الغارة الحوثية خلال هذا العام 2015م .. لتعود ولأول مرة بجثث قتلاها .. بينما كانت بغاراتها السابقة تعود بالمال والذهب وبكل ماكانت تقوم بنهبه .. مع أن أهم أهداف هذه الغارات لم تتغير بتغيير الأزمنة ؟! .. الخ ..
ولذا.. يُمكن القول بثقة .. إن لم تكن الغارة الحوثية عام 2015م .. هي الأولى .. فإنها ستكون الأخيرة بعون الله ..
اقرأ الآن كتاب: ( مائة عام من تاريخ اليمن الحديث) .. للاستاذ الباحث والمؤرخ الدكتور – حسين بن عبدالله العمري – والذي يمثل مرجعية فكرية وتاريخية لليمن بما قدم من مؤلفات ودراسات وأبحاث رصينه وباللغتين العربية والانكليزية .. كونه تلقى دراسته العليا بجامعة (درم ) البريطانية – العريقة – ففي هذا الكتاب سرد الدكتور العمري – بجانب دراسات فكرية وشخصية وتاريخية – غارات قبائل شمال الشمال على العاصمة صنعاء وعلى بعض محافظات ومدن ومناطق يمنية أخرى .. وخلال نصف قرن فقط !.
مستهلآ سرد هذه الغارات بحديثة الموجز عن مشاكل قبائل شمال الشمال هذه.. أثناء سرده لتاريخ وأنتماء هذه القبائل ممثله ب.. بكيل وأبناء عمومتهم حاشد .. الخ ..
فيقول بالنص :
(( كانت مشكلة القبائل الشمالية , إحدى اعوص وأقدم المشاكل التي كانت تواجهها أية حكومة مركزية بصنعاء .. وذلك بما تثيره من عصيان ضدها , أو هجوم على بعض المدن والمناطق القريبة والبعيدة عن العاصمة , والتي لم تسلم هي نفسها من الحصار والنهب والقتل ! الخ )) (ص 93)
وبنفس الكتاب .. يورد الدكتور العمري وصف الإمام الشوكاني لقبائل شمال الشمال – خاصة ما يخص عدم التزامها بالإسلام .. رغم الظاهر المُعلن لهذه القبائل .. فيقول الإمام الشوكاني –رحمه الله – عن رجال هذه القبائل وبالنص :
(( كلهم إلا النادر الشاذ .. لا يحسنون الصلاة ولا يعرفون ما لا تصلح الا به , ولا تتم بدونه من اذكارها , واركانها , بل لا يوجد منهم من يتلو سورة الفاتحة تلاوة مجزأة إلا في أندر الأحوال )) ص 95-96 .
ويقول أيضا بنفس الكتاب وهو الاهم : (( غالبهم يستحل دماء المسلمين واموالهم .. ولا يحترمها , ولا يتورع عن شيء منها , وهذا مُشاهد معلوم لكل أحد .. لا ينكره جاهل ولا غافل ولا مقصر ولا كامل , ففيهم من آثار الجاهلية الجهلاء , اشياء كثيرة .. يعرفها من تتبعها !)) ص 96 .
والغريب رغم أنه لم يعد يوجد غريب في اليمن حتى الشيطان .. أن قول الإمام الشوكاني وقول مؤلف الكتاب موضوع هذه الدراسة الموجزه على قبائل شمال الشمال .. لا تزال نفس الأوصاف والأخلاق والتوجهات والأهداف هي نفسها قبل عقود مقارنةً بهذه الفترة ! إلا بتغييرات قليلة..
مع ان هذه الصفات التي تمتاز بها هذه القبائل اليمنية من حب لسفك الدماء وللنهب والإرتزاق وعلى حساب عقيدتهم وقيمهم واخلاقهم حسب الظاهر المعلن منهم .. كانت من أهم العوامل التي ساعدت الائمة – الزيدية – في استغلالها عبر تجنيدها في محاربة ونهب واخضاع المناطق الأخرى .. بدأ بالإمام الهادي يحي بن الحسين الرسي .. مرورآ ب : (الإمام ) عبدالله بن حمزة – الذي أباد فرقة (المطرفية ) عن بكرة ابيها – لأن الذنب الوحيد للمؤمنيين بتوجهات واراء هذه الفرقة هو قولهم بالشورى . وبأن الإمامة .. تصح في كل مسلم .. وليس كما يزعم الهادي يحي بن الحسين الرسي وعبدالله بن حمزة وأتباعهما بحصر الإمامة في : (البطنين) اي في ذرية الحسن والحسين فقط .. وأنتهاء بعبدالملك الحوثي الذي تقمص شخصية وأفعال إمامه – عبدالله بن حمزة ؟!! ..
وهو ما يؤكد أن أخلاق وقيم وأفعال بعض هؤلاء الائمة لا تقل إجرامآ عن أخلاق وقيم وأفعال تلك القبائل المتوحشة ! بل وبصورة أشد وأفضع بحكم تقليدهم لمهام الملك والسلطة .. بما في ذلك ممارسة القتل والنهب والإستيلاء على الأموال العامة والخاصة وأحتكارها لذواتهم .. ليصل الامر ببعضهم إلى امتلاك بعض غيول وآبار المياه التي هي ملك مشاع للجميع ! وبصورة مشينة. .. كما حدث من الإمام – المهدي عباس – الذي أصر على أمتلاك غيلين بصنعاء يسميان – بـ.. الغيل الأسود وغيل البرمكي وعبر اوراق شرعية أو رسمية ..كما جاء ذلك وغيره من التفاصيل المثيرة .. بالكتاب المذكور هنا . ص 33 .. رغم استغراب العامة ومعارضة علماء وقضاة صنعاء العلنية – وعلى راسهم إبن الامير الصنعاني – رحمه الله – وهذا على سبيل المثال وليس الحصر .
فماذا يُنتظر من ايجابيات مهما كانت نادرة وهامشية من أمثال هؤلاء الذين تحكموا بالناس بإسم الاسلام وباسم سلالة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام – وكلاهما بريء كل البراءة من مثل هذه التصرفات المشينة ! .
لنعد إلى موضوع عنوان هذه ((الدردشة )) الخاصة ببعض غارات أو غزوات قبائل شمال الشمال وخلال نصف قرن فقط – أي خلال القرن الحادي عشر الهجري ,الثامن عشر الميلادي –
لهدف إعطاء فكرة موجزة عن الوظيفة الحقيقية لهذه القبائل ماضيآ وحاضرآ وهي الوظيفة التي يصعب عليها إن لم يستحيل الإستغناء عنها حتى اليوم .. فحينما تم إقرار نظام الأقاليم من قبل مؤتمر الحوار الوطني.. جن جنون زعمائها ووجاهاتها ومشائخها ممن يعيشون على غيرهم .. ليتحد الجميع إلا القله في محاربة غيرهم ..إلخ , إضافةً إلى تقديم صورة مصغرة لغارات أو غزوات هذه القبائل وخلال نصف قرن فقط .. ليكون ذلك بمثابة أنموذج وجزء من كل وغيض من فيض .. ثم وهو الأهم .. لان كاتب هذه الأحرف .. على ثقه بالله ثم بما تبقى من قيم وأخلاق وصفات إستثنائية لدى المجتمع اليمني بوجه عام .. بما فيهم لدى البعض من أبناء هذه القبائل نفسها .. بأن ما يحدث اليوم بين أبناء الوطن اليمني الواحد.. من تحارب وتباين وتضارب وأحقاد وكراهية وسوء ظن .. وغير ذلك من الموبقات .. سوف تصبح قريبآ في خبر – كان – حيث سينتهي ذلك كله بعون الله إن عاجلآ أو آجلآ .. حتى ولو ظلت بعض المآخذ ببعض النفوس والعقول وهي واردة .. وحينها .. حينها يصعب على امثالي .. إعادة سرد مثل هذه الجوانب .. المتعلقة بغارات أو غزوات قبائل شمال الشمال .. ليقتصر سرد ذلك على بعض المؤرخيين المحايدين لهدف تسجيل وتوثيق ما يحدث من أجل أخذ العبر وتلافي القصور من قبل الأجيال التي لم تشاهد ذلك عياناً .. كما هو حال كتاب : ( مائة عام .. من تاريخ اليمن الحديث ) للأستاذ الدكتور / حسين بن عبدالله العمري . والذي استقيتُ منه مجمل ما أقوم بطرحه هنا .. بما في ذلك بعضآ من غارات أو غزوات شمال الشمال – خلال نصف قرن .. والتي قمت باستخراجها من الكتاب المذكور – حيث وردت دون ترتيب بالطريقة التي رأيت تقديمها هنا للقارئ .. ملتمسآ العذر سلفآ من هذا الحشو والطرح الذي جاء أكثر بكثير من طرح ما يخص عنوان هذه الدراسة أو الدردشة .. ربما بسبب بعض الفراغ الموحش حاليآ .. ونوع (القات) الرديء أيضآ !
فبعض غارات أو غزوات قبائل شمال الشمال خلال نصف قرن .. تتمثل بكل إيجاز ممكن بالآتي : –
ففي عام 1145هـ/ 1732م .. خرجت قبائل برط وحاشد إلى مدينة اللحية بتهامة .. فنهبوها .. بعد أن عاثوا فيها خرابآ وفسادآ .
وفي عام 1172هـ / 1758م .. قبائل برط تهجم على اليمن الأسفل وتعمل فيه قتلآ وسلبآ ونهبآ .
وفي عام 1192هـ / 1778م .. قبائل بكيل تغزو ملحان .. وتعمل فيه قتلآ وسلبآ ونهبآ .
ونفس عام 1192هـ / 1778م .. نفس قبائل بكيل تغزو صنعاء وتنهبها !
وبنفس عام 1192 هـ / 1778م .. نفس قبائل بكيل تغزو تهامه .. وتقوم بالنهب والقتل !
وبنفس هذا العام 1192هـ / 1778م .. قبائل خولان .. تغزو .. آنس ! .
وفي عام 1193 هـ / 1778م .. قبائل ذو محمد وبرط .. تغزو صنعاء ..
وفي عام 1196هـ / 1782 م .. قبائل برط تغزو الرحبه وصنعاء .
وفي نفس عام 1196هـ / 1782م .. أيضآ قبائل برط نفسها تغزو ذمار و إب .
وفي عام 1199هـ / 1785م ..قبائل برط نفسها تقوم بغزو اليمن الأسفل .
وبنفس هذا العام 1199هـ / 1785 م .. قبائل ذو محمد وبرط تهجم على وادي ظهر وبيت الخولاني .
وفي 1200هـ / 1786م ..نفس قبائل برط تغزو المناطق الوسطى ويريم .
وفي عام1203هـ / 1788م .. قبائل خولان بقيادة : ( ابو حليقة ) تغزو حُبيش بإب .
وبنفس هذا العام 1203هـ / 1788م ..نفس قبائل خولان بقيادة : (ابو حليقة) تغزو آنس وريمة .
وفي عام 1208هـ / 1793م .. قبائل ذو محمد وبرط تغزو الشَّعِر في المناطق الوسطى .
وفي عام 1209هـ / 1795م .. قبائل برط تهجم على سُمارة وتنهب المواطنين والمسافرين .
وفي عام 1210هـ / 1795م .. قبائل خولان تغزو عنس وآنس ..
حتى قبائل يام من نجران لم تسلم منها اليمن الأسفل في عهود الائمة ..
ففي عام 1142هـ / 1729م .. قامت قبيلة – يام – هذه .. بهجوم على مدينة بيت الفقيه التهامية .. وعملت فيها أبشع ممارسات السلب والنهب والقتل وهو ما تكرر منها عام 1210هـ / 1795م .
هذه نماذج من غارات او غزوات قبائل شمال الشمال .. التي تحولت إلى رأس حربه مع الائمة .. والتي استمرت أيام الإمام يحي (رحمه الله ) ضد اليمن الأسفل بالذات .. لتستمر حروبه ضد كل قبائل اليمن من عام 1919م وحتى عام 1941.. حيث كانت آخر حروبه ضد منطقة البيضاء .. رغم أن الإمام يحي نفسه وجيشه وسيوف الإسلام أبناؤه انهزموا شر هزيمة أمام الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1934م .. وهذا هو ما رأيته بهذا السرد التاريخي الموجز جداً عظةً وعبرة .. على أمل أن تكون مصائب ومصاعب ومحن عام 2015م هي الأخيرة لتكون أمثال الغارات والغزوات المذكور سردها هنا هي الأخيرة أيضاً! وهو أملنا بالله أولاً وأخيراً .