الرياض (أ ف ب) – بعد عامين على أولى ضربات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، يغرق البلد الفقير في العنف والفوضى مع استمرار التصعيد الدامي بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين والضربات الاميركية ضد الجهاديين وشبح المجاعة.
ويقول الباحث في معهد “شاتام هاوس” البريطاني بيتر سالزبوري لوكالة فرانس برس ان الحرب في اليمن اصبحت “مستنقعا”، مضيفا ان تفتت هذا البلد بلغ مرحلة “لم يعد يمكن معها تخيل أي مستقبل موحد”.
وكانت الامم المتحدة حذرت في وقت سابق من آذار/مارس الحالي من ان اليمن يمثل “اكبر ازمة انسانية في العالم”. وأدت المعارك والضربات الجوية والبحرية فيه منذ التدخل السعودي الى مقتل 7700 شخص اكثر من نصفهم من المدنيين، بينما اصيب نحو 42500 شخصا بجروح. ويواجه نحو سبعة ملايين يمني خطر المجاعة.
وبدأ النزاع الاخير في اليمن في 2014، وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين في أيلول/سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيدا مع بدء التدخل السعودي على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد.
وفشلت سبعة اتفاقات هدنة في وقف اطلاق النار، ما افسح المجال امام استمرار الصراع وأوجد ارضية مناسبة للجماعات المتطرفة، وعلى راسها “قاعدة الجهاد في شبه جزيرة العرب” الذي تعتبره واشنطن أخطر فروع تنظيم القاعدة في العالم، كي تعزز نفوذها في المناطق الجنوبية خصوصا.
– حسابات ترامب –
وحاز اليمن منذ تسلم الرئيس الاميركي دونالد ترامب الرئاسة اهتمام الادارة الجديدة التي قررت مضاعفة ضرباتها الجوية ضد هذا التنظيم والجماعات المتطرفة الاخرى في اليمن.
في موازاة ذلك، ترى إدارة ترامب في اليمن فرصة لتوجيه رسالة صارمة الى ايران المتهمة من واشنطن والرياض بدعم المتمردين الشيعة، بحسب ما كتب الباحثان في “مجموعة الازمات الدولية” جوست هيلترمان وابريل لونغلي في مجلة “فورين بوليسي” الشهر الماضي.
وقال الكاتبان ان الادلة على مدّ طهران المتمردين بالسلاح “ضعيفة”، لكنهما اشارا الى ان واشنطن قد تستغل هذا الادعاء رغم ذلك لزيادة دعمها للتحالف العسكري بقيادة السعودية، في خطوة “قد يتضح انها خاطئة”، بحسب المحللين.
وأضافا “اذا استعجل ترامب الانخراط في حرب اليمن، هناك خشية كبيرة من ان يخرج النزاع عن السيطرة”.
وتقدم الولايات المتحدة التي تصف ايران بانها اكبر دولة “راعية للارهاب” في العالم، اسلحة للتحالف العربي وتقوم بتزويده بالوقود ونقل المعلومات الاستخبارية اليه.
– “دومينو” –
ويعتبر الخبير في المركز الخليجي للابحاث مصطفى العاني ان دول الخليج تعمل في اليمن على مواجهة “التخطيط الاستراتيجي الايراني لمحاصرة شبه الجزيرة العربية”، مع تمدد النفوذ الايراني في العراق وسوريا.ويقول “انها حرب الضرورة”.
لكن رغم مرور عامين على ضربات التحالف، لا تزال الصواريخ التي يطلقها المتمردون تسقط في المملكة السعودية وتؤدي هجمات عبر الحدود الجنوبية الى مقتل مواطنين وعسكريين ورجال شرطة.
في مقابل ذلك، يواجه التحالف اتهامات من منظمات حقوقية بالتسبب في مقتل مدنيين في ضرباتها الجوية ضد الاهداف التابعة للحوثيين.
وحققت القوات الحكومية اليمنية بمساندة التحالف اختراقات امنية محدودة بينها استعادة عدن، كبرى مدن الجنوب،
وبعض المناطق على ساحل البحر الاحمر.
ويقول العاني ان التقدم العسكري الهادف الى اعادة الحوثيين الى طاولة المحادثات، ورغم بطئه، قد يكون له “اثر الدومينو”، متوقعا ان تبدا القوات الحكومية الدفع نحو الوصول الى صنعاء خلال ستة اشهر.
لكن محللين اخرين يشككون في جدوى التحركات العسكرية. ويقول الباحث في معهد “المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية” آدم بارون ان “هذه التحركات لم تؤذ الحوثيين بشكل جدي، لكنها زادت من معاناة المدنيين”.