بعد فترة وجيزة من اقتحامهم لصنعاء وانقلابهم على الدولة عطل الحوثيون شركة الغاز الحكومية، وفتحوا الباب أمام القطاع التجاري الخاص لتوريد مادة الغاز، وفرضوا رسوماً على ناقلات التجار في منافذ جمركية تم استحداثها فضلاً عن فرض إتاوات في حواجز التفتيش الأمنية على امتداد الطرقات.
المليشيا الحوثية عقدت اتفاقات سرية مع كبار تجار الغاز – قبل أن تنقلب عليهم وتدعم موالين لها ليصبحوا تجارا لهذه المادة الحيوية الهامة – على رأسهم تاجر الغاز الشهير (المفزر) الذي كان يساهم بما يقارب 50 مليون شهريا كمجهود حربي لجبهات الحدود.
محاربة التجار السابقين
لجأت مليشيا الحوثي إلى افتعال العراقيل أمام التجار القدماء وتلفيق التهم لهم بأنهم يتبعون نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحكومة الشرعية.
مليشيا الحوثي أجبرت تاجر الغاز الشهير المفزر على إيقاف عمليات استيراد الغاز وبيعه، وأحالوه إلى النيابة العامة للتحقيق معه بشأن مصادر أمواله، وفي الوقت ذاته تفرغوا لإفساح المجال أمام التجار الجدد التابعين لهم من أجل الاستفادة من غياب منافسين وبناء أسطولهم من الغاز ومد شبكتهم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم حيث أصبحت لديهم أكثر من 5 آلاف ناقلة غاز خلال أشهر قليلة.
تجار حوثيون جدد
بالتزامن مع محاربة جميع التجار السابقين تمكن الحوثيون من إنشاء سوقهم الخاص بالغاز من خلال تمكين تجار جدد جميعهم يدينون بالولاء لجماعة الحوثي وغالبيتهم لم تكن لديهم أي خبرات ليصبحوا المتحكمين بجميع عمليات الاستيراد والبيع في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
احتكار متعمد
منذ أن أحكمت سيطرتها على تلك السلعة الحيوية وأصبحت تتحكم في فيها عملت على احتكار الغاز إذ عمدت إلى تقليل الضخ في المحطات الرسمية والوكلات المعتمدة المعروفة لتولد بذلك أكبر أزمة في المناطق الخاضعة لسيطرتها وما هو مؤكد أن هناك أهداف أرادت تحقيقها من تلك الأساليب الاجرامية بحق أبناء الشعب في مناطقها.
أسواق موازية
يؤكد اقتصاديون أن هذه الأساليب الذي اتبعها الحوثيون في صناعة سوقهم ليس جديدا نظراً إلى سياستهم الاقتصادية التي ينتهجونها منذ بداية الحرب في جميع المجالات، حيث تمكنوا من صناعة أسواق موازية في قطاعات المصارف والأدوية والأغذية والمواد الاستراتيجية الحياتية الأُخرى.
في مسألة غاز الطهي لم يكتف الحوثيون بالاستيلاء على السوق فحسب بل تعدوه إلى احتكار متعمد وتقليله في المحطات والوكالات المعتمدة لتفتتح أسواقا سوداء لتبيعه بأضعاف ثمنه الرسمي لتزيد بذلك كاهل المواطن حملا هو في غنى عنه خصوصا في ظل الوضع المتردي الناتج عن انقلابها على الدولة.
أزمة مفتعلة
يتساءل المواطنون من الذي يموّن الأسواق السوداء بمادة الغاز، وأين تذهب مقطورات الغاز التي تصل من مأرب بشكل يومي؟؟.
يجيب الواقع بأن الأزمة مفتعلة من قبل مالكي المحطات الذين ينتمي أغلبهم لمليشيا الحوثي الهدف منها التضييق على المواطنين وجني أموال طائلة من خلال فتح كثير من الأسواق السوداء على حساب المواطن.
الغاز أصبح محصوراً على بضعة تجار لا يسمح لغيرهم بالدخول إليه أو الاقتراب منه مهما بدت الأسباب مقنعة الأمر الذي سهل عملية الاحتكار للسلعة ونشوء الأسواق السوداء.
المليشيا ذهبت إلى أن تملي شروطا على الوكلاء المصرح لهم بالتصرف وفق توجيهاتهم وبما يتناسب مع خططهم ما تسبب في إحداث الاختناقات، واختفاء مادة الغاز بين الحين والآخر.
ماهو مؤكد أن مليشيا الحوثي هي التي تفتعل أزمة الغاز المنزلي ليسهل عليها بيعها في السوق السوداء بأسعار تزيد عن 300% عن السعر الرسمي إذ تصل سعر الأسطوانة الواحدة في بعض الأحيان إلى 13 ألف ريال، بعد أن كان سعر الأسطوانة سعة 25 لتراً بـ1500 ريال قبل انقلابها على الدولة.
صنعاء أزمة مستمرة
منذ فترة طويلة يشكو سكان العاصمة صنعاء من صعوبة الحصول على اسطوانات الغاز المنزلي؛ نتيجة استمرار المليشيا بالتحكم بتوزيع الأسطوانات عبر عقال الحارات، بالإضافة إلى بيعه في السوق السوداء التي تسيطر عليها قيادات حوثية رفيعة.
مظاهر أزمة اختفاء مادة الغاز المنزلي عادت إلى شوارع العاصمة المختطفة صنعاء بشكل لافت قبل ومع حلول شهر رمضان المبارك في ظل توسع السوق السوداء إذ ارتفع سعر الاسطوانة في السوق السوداء إلى تسعة ألف ريال.
حسب مصادر محلية فإن أزمة خانقة في الغاز برزت بشكل مفاجئ ما يؤكد بأنها مفتعلة من قبل مليشيا الحوثي وذلك بهدف بيع الأسطوانات بالسوق السوداء بأسعار مرتفعة لجني أرباح باهظة.
السيول تفضح السوق السوداء
السيول الجارفة التي شهدتها صنعاء مؤخرا فضحت تجار السوق السوداء إذ كشفت عن أكبر مستودع للغاز المنزلي.
رواد مواقع التواصل الإجتماعي نشروا صوراً أفادوا أنها لاسطوانات غاز لتجار السوق السوداء اقتحمتها السيول وتظهر في الصور اسطوانات الغاز ووسائل نقلها وهي تغرق بمياه السيول.
مليشيا الحوثي تتعمد افتعال الأزمات المتتالية في الغاز المنزلي والمشتقات النفطية أيضا في الوقت الذي يعاني فيه غالبية المواطنين في العاصمة صنعاء من أوضاع اقتصادية صعبة جراء انقطاع المرتبات وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق خصوصا مع حلول شهر رمضان المبارك.
في ظل انشغال العالم بفيروس كورونا فضلا عن انهيار قيمة العملة اليمنية يوضح مواطنون أنه لم يعد هناك من يسمع إلى أصواتهم وليس هناك جهات تبحث عن التخفيف عن معاناة المواطنين.
يؤكد مواطنون أن حكومة ما قبل 2014 كانت قبل شهر رمضان تقوم برفع الإنتاج المحلي من مادة الغاز المنزلي مشيرين إلى أن الحال تغير بعد سقوط العاصمة بأيدي تجار الحروب إذ أصبحت عملية بيع الغاز عبر شراء كمية غازية من الخارج لغرض المتاجرة واستغلال لحاجة المواطن في شهر رمضان المبارك.