وعلى أية حال فالعالم كله يمارس بطريقة أو بأخرى محاولات رفع الإغلاقات التجارية والخدماتية على مستوى التجريب، واتخاذ القرار، فلا أحد يمكن له أن يتنبأ عن مستقبل صيرورة هذا الوباء وتطوراته، والمملكة – ولله الحمد – ما زالت فيها أعداد الوفيات منخفضة نسبياً إذا ما تمت مقارنتها بالدول الأخرى. الأمر الآخر والمهم أن هناك أخبارًا قد تبدو واعدة لعلاجات هذا الفيروس نسمع عنها من هنا وهناك، ولا بد أن توفق إحداها في كبح جماح تطورات انتشار الوباء، ومن ثم القضاء عليه، أضف إلى ذلك أن مرور الزمن يعطي للمستشفيات والمختبرات ودور البحث خبرة إضافية، وخصوصاً أن هذا الفيروس جديد، ومعرفة كنهه وتطوراته لا يمكن تحصيلها إلا من خلال التجربة.
كما أن تغيّر المناخ ودخول الصيف ربما يكون له تأثير إيجابي على محاصرة الوباء، فهناك مؤشر لا يمكن إلا أن نأخذه في الاعتبار مؤداه أن هناك علاقة طردية بين الفيروس وبرودة المناخ، حيث يكون أكثر سطوة وشراسة في الأماكن الباردة والعكس صحيح بالنسبة للمناطق الحارة؛ فالفيروس – مثلاً – في المناطق الباردة يكون أكثر انتشارًا وبالتالي زيادة في عدد الوفيات بينما هو في منطقة شرق المتوسط وهي في الغالب أقل برودة تتراجع أرقام الإصابة ومعها الوفيات وزيادة أعداد المتعافين. طبعاً هذه ملاحظات عامة لا يمكن إغفالها، وفي الوقت نفسه لا يمكن البناء عليها إلا إذا أثبتتها الدراسات. وغني عن القول أن الدراسات غير المتضمنة لأرقام إصابة تبقى غير علمية.
فترة رفع الحظر الجزئي في شهر رمضان يمكن لها أن تحقق هذه الغاية على أرض الواقع، وأجزم أن المراقبين ودور البحث الصيدلانية سيستفيدون منها في اتخاذ القرارات المستقبلية بالشكل الذي يجعل القرارات أكثر دقة وكذلك أكثر صوابية.
وفي اللوائح الوبائية لا بد وأن يكون هناك وفيات، شئنا أو أبينا، لكن المهم في هذا السياق التركيز على أمرين أولهما تقليل عدد الوفيات ما أمكننا ذلك. النقطة الثانية أن نحافظ على منحنى الإصابات لا أقول ثابتاً ولكن لا يقفز قفزات كبيرة، بالشكل الذي لا يدمر منظوماتنا الطبية. ونحن حتى الآن بالنسبة لهاتين النقطتين في وضع مطمئن، ما لم يكون للفيروس مرحلة ثانية تزيد من الطين بللاً وتوسع جغرافيا الإصابات سواء بشكل سطحي أو عمودي.
على أية حال فإن حربنا مع هذا الفيروس حتى الآن أفضل من غيرنا، حتى من تلك البلدان المتفوِّقة علينا في العمر الطبي، فالأرقام التي لا تكذب تقول إن الوفيات لا تكاد تتعدى الواحد في المائة، وهذا في حد ذاته إنجاز.
*نقلا عن صحيف “الجزيرة”