لا ريب أن تدخلَ الدب الروسي عام 2015 على الحلبة السورية هو الذي أنقذ نظام الأسد المترنح حينها، والذي أعانته إيران قبل ذلك عبر حرسها الثوري وقاسمها السليماني و{حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية، وبعض فلول التيارات الخمينية من الخليج واليمن.
وصل نظام بشار الأسد في لحظات معينة إلى التفكير بحماية دمشق نفسها، بعد وصول القتال إلى بعض أحيائها، مثل حي الميدان التاريخي ومخيم اليرموك الشهير، ناهيك عن أرياف دمشق وغوطتيها.
كان الحديث آنذاك عن إمكانية الانتقال إلى خريطة «سوريا المفيدة»، أي بعبارة أخرى دويلة علوية على الساحل وجبال الساحل، وتضمُّ معها بعض الأقليات وأيضاً السُنة، لكن من النوع «المفيد» أو التابع. ربما بالغ البعض في تخيل هذه السيناريوهات، لكنها على الأقل كانت قيد النقاش العام، بعد تدخل الروس بآلتهم العسكرية الهائلة، ووزنهم الدولي الكبير في مجلس الأمن، وخبرتهم في حروب المدن، وآخر ذلك حروب الشيشان، حيث تم إنقاذ النظام الحاكم في دمشق، واستعاد الكرة منذ ذاك الوقت. لكن بقي سؤال لم يُجبْ عنه، أو تمَّ تأخير الجواب عنه، وهو:
ما حدود التكامل والتعاون والتناغم بين الشاه الإيراني المعمم، والقيصر الروسي الجديد؟!
روسيا دولة قومية علمانية ذات مسحة مسيحية أرثوذكسية، لديها حساسية خاصة تجاه الجماعات الإسلامية، بل ولديها تاريخ متوتر دموي مع إيران نفسها منذ العهود الملكية، بينما إيران الحالية هي نظام ثيوقراطي خرافي به مسحة قومية فارسية متضخمة… فكيف يتم الجمع بينهما؟!
هذا ونحن قد أهملنا تناقض المصالح الجيوسياسية والسياسية في الأرض السورية، وساحلها المغري على البحر الأبيض المتوسط، خاصرة العالم الغربي الجنوبية. لاحظنا مؤخراً ومن خلال ما نشرته بعض وسائل الإعلام الروسية حملات ناقدة لأداء النظام الأسدي، وتوبيخ له على ضعفه وتفريطه في حسن إدارة الأراضي «المحررة»، وعناده في تلقي النصائح، وصعوبة تجدها موسكو في تسويق النظام الأسدي دولياً وإقليمياً، مع تعنت جماعة النظام في المضي خلف الوصفة الروسية.
سارع جواد ظريف، محتال النظام الخميني الإيراني، وهو يضع كمامته على وجهه، إلى دمشق والتقى بشار الأسد، وهو أيضاً مثله متلثم بكمامة «كورونا» في محاولة لطمأنة النظام السوري بتواصل دعم طهران، بعد شكوك حول الموقف الروسي من تطورات ملف الأزمة.
بشار الأسد، هاجم، وفق بيان على حساب الرئاسة السورية على موقع «فيسبوك»، الولايات المتحدة التي «تستمر بنهج فرض العقوبات على الدول، رغم هذه الظروف الإنسانية الاستثنائية»؛ يقصد استمرار العقوبات على طهران مع «كورونا». هل ينفجر الخلاف المؤقت بين موسكو وطهران بسبب الهيمنة على سوريا؟ أم ما زال التحالف «الهجين» ضد واشنطن، هو المتغلب على احترابات الروس والإيرانيين الباطنة في سوريا؟!
نقلا عن الشرق الأوسط