في الوقت الذي يرى فيه العالم أجمع مخاطر جائحة كورونا وما سبّبته من رعب هائل، ورافقته إجراءات استثنائية لكبح جماح الفيروس، فإنّ المليشيات الحوثية تواصل استخدام كورونا كوسيلة للتربح.
وانتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، صورًا عرضها حوثيون لأجهزة طبية بينها أجهزة تنفس من أجل البيع.
يأتي هذا فيما أكّد فنيون أنّ من بين الأجهزة الطبية المعروضة في الصور المتداولة، ما يخص القلب والتنفس.
وبيّنت مصادر في وزارة الصحة بحكومة المليشيات “غير المعترف بها”، أنّ الأجهزة خرجت من مخازن حكومية تابعة للصحة، وأنها تشمل أجهزة تنفس ومعدات طبية أخرى.
وأشار الفنيون إلى أنّ السعر المحدد وفق الفاتورة المرفقة قرين اسم كل جهاز هو بخس جدا مقارنة بالسعر الأصلي الذي يصل إلى أضعاف لكل جهاز منها.
ويقدر عدد الأجهزة المعروضة للبيع بنحو 22 جهازًا متنوعًا بأسعار تتراوح بين 1300- 3500 دولار لكل جهاز.
وتعد أجهزة التنفس الصناعي أحد أهم الوسائل في معالجة صعوبة التنفس التي يسببها فيروس كورونا المنتشر عالميا، وتمثل قلتها في بلدان متقدمة واحدة من مشكلات التعامل مع الجائحة.
وحوّلت المليشيات الحوثية المخاوف من وصول جائحة كورونا إلى اليمن، إلى وسيلة للتربح، تدر على هذا الفصيل الإرهابي كثيرًا من الأموال.
وفي الأيام الماضية، أقدمت المليشيات الموالية لإيران على فرض إتاوات على القطاع الصحي بدعوى مواجهة “كورونا”.
وتتواصل حملة الجبايات الحوثية الجديدة بخطى متسارعة وتستهدف منتسبي القطاع الصحي في مختلف المناطق.
ويرى محللون أنّ المليشيات الحوثية حولت مواجهة كورونا إلى أداة لابتزاز ونهب مختلف القطاعات الحيوية.
وطالت مثل هذه الحملات المنشآت الطبية الحكومية والخاصة كافة والصيدليات المنتشرة في معظم المناطق.
وأكّدت مصادر طبية أنّ مئات المستشفيات اضطرت للرضوخ إلى الضغوط الحوثية ودفع إتاوات تتراوح بين 300 ألف وميلوني ريال.
ولا تفوّت المليشيات الحوثية الموالية لإيران فرصةً للتكسب إلا وتمارسها من أجل تكوين ثروات مالية ضخمة، بغية تحقيق الثراء الفاحش.
واستغلت قيادات حوثية أزمة “كورونا” الجديد وتاجرت في صناعة أدوات التعقيم والكمامات الوقائية، حيث رفعت المليشيات الأسعار بالأسواق وحاولت صناعة أدوات طبية بطرق بدائية وغير صحية.
يبرهن ذلك على أنّ المليشيات لا تفوِّت فرصة استغلال الأحداث وتجييرها لصالحهم مهما كانت من أجل الكسب المادي.
المليشيات الحوثية لم تكتف باستغلال وباء كورونا لتسخيره من أجل حشد المقاتلين الجدد، لكنها تجاوزت ذلك لجعله بوابة جديدة لنهب أموال القطاعات الاقتصادية في صنعاء.
مصادر محلية قالت إنّ عناصر المليشيات يواصلون منذ نحو أسبوعين، وتحت غطاء التخوف من تفشي فيروس كورونا، تنفيذ حملات نهب واسعة بحق السكان القاطنين بمناطق سيطرتهم، لجني ملايين الريالات عبر الإتاوات غير القانونية المفروضة على مختلف الشرائح والفئات.
وشملت الإتاوات الحوثية، المئات من المطاعم والكافتيريات في عدد من الشوارع الرئيسة بمحافظة صنعاء عبر لجان من المسلحين الذين نفذوا حملات ميدانية في شوارع مديريات الوحدة، والسبعين، ومعين، والثورة، وآزال.
وبحسب المصادر، فرض المسلحون الحوثيون على ملاك المطاعم والمقاهي ومحلات الوجبات السريعة دفع مبالغ مالية تتراوح بين 10 آلاف، و100 ألف ريال، بحجة الدعم والتمويل المجتمعي لحملات الوقاية من كورونا.
وأشارت المصادر إلى أنّ اللجان الحوثية فقد ألزمت مالكي المطاعم على هامش نزولها بالتقيُّد بالإجراءات التي اتخذتها حكومة المليشيات، الخاصة بارتداء الكمامات والكفوف واستخدام المواد المطهرة والمعقمة.
وأغلقت المليشيات ثاني أيام نزولها الميداني فقط حوالي 4 مطاعم و11 كافتيريا واقعة بطول وعرض شارع الستين (أكبر شوارع العاصمة)، نتيجة عدم دفعهم إتاوات مالية.
وشنّت المليشيات على مدى نصف شهر حملات مكثفة ضد أصحاب المحلات التجارية والصيدليات ومالكي متاجر الذهب والمستشفيات والمراكز والشركات الخاصة في صنعاء ومناطق يمنية عدة وأجبرتهم بمقابل ذلك على دفع إتاوات مالية.
وشكا مواطنون وأصحاب محال تجارية في بعض مناطق المليشيات، وفق صحيفة الشرق الأوسط، من بطش وابتزاز الحملات الحوثية التي ما تزال، بحسبهم، مستمرة في استهدافهم ونهب أموالهم.
وأفاد تجار في صنعاء في محافظات صنعاء وإب وذمار وعمران بأنّ استهداف المليشيات لهم هذه المرة يأتي تحت ذريعة الالتزام بقرارات اللجنة الحوثية لمكافحة الأوبئة، رغم التزامهم المسبق بها، وقطعهم الطريق أمام الميليشيات وتعسفها.
وأطلق مسلحو اللجان الحوثية أثناء نزولهم الميداني التهديدات وتوعدوا غير الملتزمين بدفع ما تسميه المليشيات “الدعم والمساندة لحملة مجابهة كورونا”، وأن عقوبتهم ستكون قاسية، وستتعرض محلاتهم للإغلاق وممتلكاتهم للمصادرة ويحال أصحابها للمساءلة والمحاسبة الحوثية.
في الوقت نفسه، لم تسلم المؤسسات التجارية وأصحاب رؤوس الأموال بمناطق المليشيات، من مسلسل النهب والبطش الحوثي، فقد فرضت عبر حملاتها أيضًا مبالغ مالية كبيرة على مالكي تلك المؤسسات وما تبقى من رجال الأعمال.