نشر سبتمبر نت، تقريرا حول الحروب التي تدور بين الجيش الوطني والمليشيا الحوثية في جبهات عدة، أدت إلى تدمير المليشيا الحوثية، وذلك تحت عنوان “حروب بينية وتصفية قيادات.. المليشيا الحوثية تتآكل من الداخل”.
منذ مطلع العام الحالي 2020 ازدادت حدة الصراعات البينية بين قيادات مليشيا الحوثي وصلت حد التصفيات في سلوك ينم عن صراع تكتلات ومشاريع وأجنحة داخل الجماعة الحوثية المتمردة.
ففي تعز لقي خمسة من عناصر مليشيا الحوثي الانقلابية بينهم قياديان مصرعهم في مواجهات داخلية شمالي مدينة تعز جنوبي غرب البلاد.. وسائل إعلام محلية ذكرت أن اشتباكات عنيفة دارت بين القيادات الحوثية القادمة من صعدة وبين من يعرفون بـ”المتحوثين” في شارع الستين ومنطقة الذكرة شمالي تعز.
المواجهات التي استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، أسفرت عن مصرع عنصرين من المتحوثين من أبناء تعز، وهما عبدالرزاق البحر (مشرف) وعدنان الجنيد، فيما قتل ثلاثة من حوثيي صعدة بينهم مسؤول إمداد جبهة الستين المدعو محمد المروني المكنى بـ”أبو ضياء”.
وعلى خلفية لجنة شكلتها مليشيا الحوثي زارت المناطق الخاضعة لسيطرتها في محافظة تعز بهدف سحب مقاتلين وإرسالهم إلى جبهات أخرى ، اندلعت اشتباكات مسلحة بين عناصر من مليشيا الحوثي وآخرين ممن يطلق عليهم المتحوثون من أبناء منطقة الهشمة شمالي مدينة تعز واستمرت لأكثر من ساعتين واستخدمت فيها الأسلحة المتوسطة.
المصادر أوضحت أن الاشتباكات اندلعت على خلفية رفض المتحوثين المشاركة في القتال بجبهات محافظتي الجوف ومأرب.
في صرواح الواقعة ببن مأرب وصنعاء اندلعت مواجهات بينية بين قيادات حوثية أسفرت عن مقتل وجرح عدد من عناصر الجماعة.. الاشتباكات العنيفة اندلعت بين قيادات المليشيا في حباب خولان، بين مرافقي مبارك المشن المعين من المليشيا قائدا للمنطقة الثالثة ومشرف جبهة صرواح المدعو عبدالولي الحوثي ، وذكرت المصادر عن وقوع قتلى وجرحى من ضمنهم مقتل الحارس الشخصي.
وفي صنعاء تعرض شيخ قبلي موالٍ للحوثيين للاغتيال داخل منزله وبحسب المصادر فإن الشيخ القبلي والقيادي في جماعة الحوثي أكرم حيدرة شيخ منطقة بيت بوس -أحد الأحياء جنوب العاصمة صنعاء- قتل بنيران مسلحين مجهولي الهوية تسللوا إلى داخل منزله الكائن في الحي ذاته ولاذوا بالفرار.
في محافظة ذمار لقي قيادي حوثي بارز مصرعه برصاص مسحلين مجهولين.. مصادر محلية قالت: إن مسلحين مجهولين أقدموا على اغتيال القيادي الحوثي المدعو علي بن علي الوريث في مدينة ذمار ولاذوا بالفرار ويعد القيادي “الوريث” من أبرز قيادات المليشيا وأحد المشرفين الحوثيين بمدينة ذمار.
في البيضاء لقي القيادي “أبو حزام الجوفي” أحد القيادات الحوثية القبلية التي عملت على تسهيل دخول مليشيا الحوثي إلى رداع في 2015م لقي مصرعه على يد أحد قادة المليشيا الحوثية في ريام.
على إثر ذلك نشبت مواجهات شوارع داخل مدينة رداع بين سادة ريام وقبائل آل الجوف وأكدت مصادر محلية مقتل 9 من الجانبين بينهم القيادي الحوثي محمد حسين الريامي، وإصابة ستة آخرين مدنيين.
القيادي الحوثي قاسم جرفان لقي مصرعه على يد القيادي عبدالحميد جرفان شقيق القيادي الحوثي عبدالرب جرفان المكنى أبوطه.
قيادي حوثي آخر لقي مصرعه بعد أيام على قيامه بقتل قيادي ميداني آخر في إطار تنامي الصراعات القيادي عبدالله عبده عطيفة قتل القيادي الميداني “أبو زكريا” في خلاف حول كمية من الذخائر.
إجمالا وفي أقل من أسبوع شهدت صفوف الجماعة عمليات تصفية داخلية شملت تسعاً من القيادات البارزة منهم: عبدالرزاق البحر، وعدنان الجنيد، وعلي الوريث، وحسن الرمام، وأكرم حيدرة، وعبدربه سنان، وأبو حزام الجوفي، ومحمد الريامي، وقاسم جرفان.
تصفية حسابات
عديد أسباب تقف وراء تلك التصفيات والحروب البينية لعل أهمها يعود إلى تضخم ثروات العديد من قيادات المليشيا عقب انقلاب سبتمبر 2014، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء بالقوة اشتعلت الصرعات مجددًا بين قيادات مليشيا الحوثي على المال والسلطة.
طريقة الأجنحة المتصارعة داخل الحركة في تصفية الحسابات هي تصفية الشخصيات المعارضة نفسها إما عبر الاغتيالات، أو الدفع بهم إلى الجبهات المشتعلة، ففي العام الماضي تعرض محمد علي الحوثي لحادث سير كاد أن ينهي حياته وحسب محللين فإن مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى يقف وراء الحادث في ظل صراع المال والنفوذ والسلطة بين قيادات الحوثي.
صراع على وظائف عليا
القيادات الحوثية تتصارع من أجل زيادة حصتها في الوظائف العليا للمؤسسات الحكومية الواقعة تحت سيطرة المليشيا ورفع نسبة العائدات المالية التي تجنيها المليشيا من الإتاوات ونهب المواطنين اليمنيين، وعمليات تهريب المشتقات النفطية والأدوية والأغذية، وسرقة أموال المتقاعدين، وكذلك العقارات في مناطق سلطتهم، وكانت منظمات حقوقية قد ذكرت بأن الحوثيين أصدروا أوامر قضائية للاستحواذ على ممتلكات عقارية لخصومهم السياسيين.
نهب الأموال
العديد من التقارير الحكومية اليمنية والحقوقية رصدت نهب قادة مليشيا الحوثي لأموال الشعب اليمني وظهور علامات الثراء على العديد من القيادات تلك الحالة فتحت الشهية لدى بقية القيادات الصاعدة في التهام ماتبقى.
في العام المنصرم تم تصفية عدد غير قليل من القيادات الحوثية على يد قيادات أخرى في الجماعة وكل أسبابها تعود إلى خلاف على تقاسم الأموال المنهوبة أو مناصب أو ماشابه ذلك فعلى سبيل المثال القيادي محمد المطري “أبوسراج” الذي كان يعمل في جهاز الاستخبارات الخاص بمليشيا الحوثي تم قتله على يد مرافق قيادي آخر يدعى «أبوالزهراء» في منزله بصنعاء بعد تصاعد الصراع على خلفية صفقات فساد وضخ مشتقات نفطية إلى السوق السوداء.
استعلائية
تزايد التذمر من التعامل الاستعلائي والدوني الذي يمارسه مشرفو الحوثي المنتمون لمحافظة صعدة والمعينون من زعيم المليشيا ممن يسمون بـ(آل البيت) واستئثارهم بالمناصب والإمتيازات سبب رئيس للصراعات بين أجنحة المليشيا الحوثية التي ظهرت موخرا.
فالمواجهات التي حصلت في تعز ترجع إلى التعامل العنصري والمناطقي والاستعلائي الذي يمارسه حوثيو صعدة مع قيادات حوثية من تعز وكذا إلى عدم منحهم الثقة في صرف التغذية الخاصة بالمقاتلين من تعز إضافة إلى التشكيك المستمر في ولائهم لزعيم المليشيا، واتهامهم المستمرة بالخيانة.
القيادي المتحوث عبدالرزاق البحر – الذي قتل في المواجهات – طالما أبدى تذمراً من الدونية التي يتعامل بها حوثيو صعدة والمشرفين المعينين من عبدالملك الحوثي مع المقاتلين معهم من أبناء تعز، وإطلاق مصطلحات استعلائية مناطقية تنتقص من تضحياتهم مع المليشيا وولائهم لها من بينها أنهم ليسوا “حق قتال” الأمر الذي أدى إلى انفجار الموقف.
تصفية قيادات مؤتمرية
بمقتل القياديين القبليين خلال الأيام الماضية يرفع حصيلة القتلى من زعماء القبائل الموالية للرئيس السابق خلال الـ6 الأشهر الماضية إلى 24 قتيلاً جميعهم شاركوا في التهيئة للانقلاب.
تزايد الاغتيالات لقيادات حزب المؤتمر الشعبي والتي كانت المليشيا قد هددتها بالمحاكمة بملفات فساد خلال عملها مع الرئيس السابق خلق حالة من الخوف وفرض على الكثير من تلك القيادات عدم مغادرة منازلها.
في السياق ذاته أصيب القيادي في المؤتمر يوم أمس أمين جمعان في صنعاء إثر محاولة اغتيال تعرض لها.
تآكل من الداخل
حروب بينية وأعمال تصفية واغتيالات في أكثر من مكان بالإضافة إلى الانقسامات التي تضرب مليشيا الحوثي ناهيك عن الخلافات التي تعصف بقادتها.
تلك الحوادث تظهر جليا عجز المليشيا الحوثية في احتواء الصراعات بين قياداتها ومشرفيها، وتنامي حالة السخط الداخلي بين أجنحة مليشيا الحوثي نتيجة سيطرة صعدة على القرار السياسي وعلى قرار المليشيا وممارسات مشرفيها العنصرية تجاه المنتمين للمحافظات الأخرى.
يؤكد محللون سياسيون أن صراع المال والسلطة وتبادل الاتهامات بالخيانة والاغتيالات والتصفيات تعد بداية النهاية لميليشيا الحوثي، وتآكلها من الداخل، فصراع المال أصبح واضحًا وبقوة في بين قادة الميليشيا، وأن استمرار الصراع يساعد على تخلص اليمنيين من المليشيا الإرهابية واسقاط نفوذها في صنعاء وصعدة بعد تعريتها أمام الشعب اليمني وسقوط أكذوبة المسيرة القرآنية.