في وضع أقل ما يمكن وصفه بالكارثي، حيث لا حمامات ولا ماء شرب أو غرف سكنية تأويهم مما اضطرهم للنوم في العراء أو بين سياراتهم تحتجز مليشيا الحوثي العائدين من السفر بحجة الحجر الصحي احترازا من فايروس كورونا في مساحة أشبه بسوق شعبي.
المأكل أيضا منعدم بسبب عدم وجود مطاعم في أماكن الاحتجاز التي قدر عدد المحتجزين في حجز واحد فقط بأكثر من عشرة آلاف محتجز يحتاجون إلى متطلبات الحياة الضرورية.
الأطفال والنساء حكاية مأساوية أخرى خصوصا كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة، تلك الحالة تستدعي رعاية صحية خاصة، لكن ما هو حاصل حسب إفادة عائدين محتجزين، فإن من لديه عائلة يعاني في كيفية إيجاد دورة مياه المنعدمة أصلا حسب إفادتهم.
انعدام الأدوية أيضا ناهيك عن عدم وجود كمامات، وفي تلك الحالة سيتعرض المحتجزون للإصابة بالمرض إن كان أحد منهم يحمل المرض.
حسب محللين فإن مآرب تقف وراء حجز العائدين ليس الهدف منها الاحتراز.
برعونة واستهتار تتعامل المليشيا الحوثية مع العائدين على فرضية احتمالية الاشتباه بوجود حالات مصابة بكورونا، إذ بدلا -لو في حالة واحدة- من أن يتم وضعها في حجر صحي حقيقي تركت الأمر بشكل مقرف وراكمت المسافرين بصورة تتيح انتشار العدوى بين الجميع.
ذاك الحجر العشوائي أثار السخرية والامتعاض بين المتابعين وجعلها محل سخرية يقول أحدهم معلقا على صورة المحتجزين: “الحوثيون فاهمين الحجر الصحي مثل الحجر القبلي عندما يأتي واحد يحجرك ويمنعك من شيء، حاجرين الناس في النقاط ومكدسين لهم وسيتسببون في كارثة أكبر”.
الحجر الصحي عادة يحتاج إلى أماكن إقامة ينعزل فيها المشتبه بإصابتهم وليس توقيف المسافرين وتركهم في العراء وتجميعهم بشكل أكبر خطورة عليهم.
ورقة مزايدة
تمارس المليشيا الحوثية حجراً وعزلاً على العائدين إلى مدنهم وقراهم في أماكن غير لائقة لا إنسانيا ولا صحياً، بأن تلك اجراءات من أجل منع تفشي كورونا.
محللون يؤكدون أن مليشيا الحوثي تستخدم حياة الناس ورقة للمزايدة.
نظام مراقبة ضعيف
من جهة أخرى فإن النظام الصحي في اليمن تعرض لتدمير ممنهج من قبل المليشيا الحوثية وأصبح ضعيفا في مواجهة الحالات المرضية العادية فضلا عن مواجهة وباء مثل كورونا الذي يحتاج إلى أجهزة كشف تكتشف الحالات وتفحصها وتعزلها في أماكن وتوفر لهم الرعاية الصحية اللازمة.
تلك الحالة جعلت منظمة الصحة العالمية تبدي قلقها من نقص حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد المبلغ عنها في اليمن متوقعة انفجارا في الحالات.
حسب الصحة العالمية فإن الدول – منها اليمن – التي قد لا تكون لديها حالات هي ذات صحة ضعيفة ونظام مراقبة ضعيف.
حوثيون التقوا بإيرانيين مصابين بالفايروس
المنظمة أشارت إلى أن غالبية حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في الشرق الأوسط تتعلق بالسفر إلى إيران.
قيادات من مليشيا التمرد الحوثية أجرت لقاءات مطلع الشهر الجاري مع وفد ايراني زار صنعاء تبين إصابة أعضاء فيه بفايروس ” كورونا ” مما أثار قلقا وخوفا بين المليشيا وقادتها.
حسب مصادر فإن الوفد الإيراني يمكث حاليا في حجر صحي بإحدى الفلل الواقعة في المدينة الليبية بصنعاء.
استهتار
من جانب آخر طالبت مليشيا الحوثي السكان بعدم زيارة المستشفيات لطلب العلاج حال تمت إصابتهم بكورونا، كما أوهمت المواطنين بطلب الخدمة من فرق طبية ستزورهم لتقديم المساعدة.
يؤكد محللون أن المليشيا الحوثية تخشى على قياداتها الميدانية وعناصرها الموزعين على المستشفيات في العاصمة صنعاء من الإصابة بالوباء؛ لذلك حظرت استقبال أي إصابات محتملة بكورونا، إضافة إلى أن المشافي شبه ممتلئة بالجرحى من عناصر المليشيا وكل الطواقم الطبية.
تجمعات طائفية
ورغم إعلان منظمة الصحة العالمية عن عدم تسجيل أي إصابة بكورونا في اليمن؛ إلا أن التقديرات الطبية في اليمن تذهب إلى التحذير من نتائج كارثية محتملة في اليمن نتيجة التصرفات التي تقوم بها المليشيا الحوثية في مناطق سيطرتها؛ حيث تنظم تجمعات طائفية وفعاليات جماهيرية في حين يتحرك العالم لعزلة شاملة وإلغاء التجمعات.
مثل كارثة إيران
التجمعات الطائفية لمليشيا الحوثي تشكل خطرا حقيقيا وتكرارًا لما حصل في إيران، حيث تحولت مدينة “قم” إلى معمل تفشٍّ لـ”كورونا”؛ بسبب التجمعات الطائفية في المدينة التي تشكل معقلًا للفكر الطائفي المتطرف الذي صدرته طهران إلى أذرعها في المنطقة.
تهوين من خطر الفايروس
زعيم العصابة الحوثية عبد الملك الحوثي قال في ظهور تلفزيوني: إن إحباط الناس وتوظيف المخاطر بشكل يحبطهم ويرعبهم ويؤثر سلبًا على حياتهم هو أمر سلبي وعمل عدائي من المهم جدًا الحذر من الهلع والتهويل وعدم النظر إلى هذا الوباء أنه أصبح كارثة لا يمكن التصدي لها.
كلامه أثار سخرية عريضة في أوساط الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي حيث زعم أن كورونا المستجد سلاح أميركي.
المليشيا تخاطب سكان المناطق التي تحت سيطرتها بأن كورونا مؤامرة أمريكية ضد إيران واليمن وما جاء على لسان زعيم العصابة كان قد أشار إليه القيادي ضيف الله الشامي.
وعن الوصفة السحرية التي زعمها الحوثي لكي يتمكن العالم من مواجهة الفيروس المستجد قال: إن على المجتمع البشري العودة إلى التعليمات الإلهية في إشارة إلى معتقدات جماعته الإيرانية والملازم الخمينية.
تناقض صارخ
الحوثي حاول أن يتقمص دور الناصح للحكومة الشرعية بدعوتها إلى عدم التساهل في منع انتشار الفيروس المستجد إلى اليمن في الوقت الذي حاول أن يُطمئن أتباعه من عدم الخوف منه زاعماً أن أي وصول له إلى مناطق سيطرة الجماعة سيكون بفعل وإشراف أميركي على حد زعمه.
حسب مراقبين، فإن كلام الحوثي يحمل تناقضا كبيرا، ففي حين يدعو الشرعية إلى عدم التساهل مع الفايروس يطمئن أتباعه.
ويؤكد مراقبون أن الحوثيين لن يعلنوا عن أي إصابة بفيروس كورونا إن وجدت في المناطق المحتلة من قبلهم حتى تمضي احتفاليتهم بيوم ٢٦ مارس لكي لا يخوّفون “قطيع الزنابيل” من حضور الاحتفالية الطائفية أو الذهاب لمعسكرات الموت، الأمر الذي يعده حقوقيون انتهاكا صارخا واستهتاراً بحياة الناس فبدلا من البقاء في منازلهم للاحتراز من الفايروس تقودهم للتجمعات!
مصدر للاستثمار
التضييق على العائدين واحتجازهم بتلك الطريقة التي ظاهرها الرحمة، تبين أن باطنها العذاب، يؤكد محتجزون أن من يدفع 1000 ريال سعودي يخرجه المشرف الحوثي من الحجر بسلام.
من يدفع يعبر بسلام وتكتب له شهادة بخلوه من المرض، ومن يرفض الدفع يظل قابعا هناك متحملا كل المعاناة.
من جانب آخر فإن أماكن الحجز تحولت إلى سوق سوداء للحوثيين بعد أن اتضح قيام المليشيا بالتنسيق مع مهربين يهربون العائدين.
حسب مصادر فإن المهربين يتقاضون مبلغ 500ريال سعودي على الشخص من أجل السماح له للعبور صوب صنعاء.
المحتجزون يناشدون
محتجزون ناشدوا إنقاذهم قبل فوات الآوان، إذ أن مكان الاحتجاز أشبه بسوق مركزي وليس حجرا صحيا حسب إفادتهم، محذرين من أن تتحول أماكن الاحتجاز إلى مناطق موبوءة ومنكوبة”.
مناشدتهم لم تصغ لها المليشيا ولم تلق لها بالا، لكن حين قطع المحتجون الطريق على شاحنات بضائع، استجاب الحوثيون ليس للمحتجين بل للتجار الذين دفعوا مبالغ للحوثيين حينها تم نقل المحتجزين إلى مبنى كلية التربية أمام نقطة أبو هاشم، والتي يؤكد المحتجزون أنها لا تختلف كثيرا عن الاحتجاز السابق حيث المتطلبات منعدمة.
تكسب واستغلال
نقاط الحوثي في مناطق تعز الخاضعة لسيطرتهم يمنعون المواطنين القادمين من الأرياف من الوصول للأسواق الواقعة بمراكز بعض المديريات لشراء متطلبات عيشهم الأساسية بمبرر مواجهة كورونا مشترطين دفع مبالغ نقدية مقابل السماح بدخولهم بهذه الطريقة تستغل المليشيا كورونا للتكسب به.
هل ستفرج عن المختطفين؟
تختطف مليشيا الحوثي آلاف اليمنيين في سجونها ومعتقلاتها جميعها لا تملك أدنى شروط السلامة، وتشكل بؤرة خطيرة لتفشي الفيروس وانتشاره؛ الأمر الذي سيقود إلى كارثة داخل تلك السجون، خصوصًا أن كثيرًا من المعتقلين غادروا تلك المعتقلات وهم مصابون بأمراض مزمنة، حيث تمنع المليشيا الحوثية عنهم الخدمات الصحية.
الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن حذرت من مخاطر تفشي كورونا في أوساط الأسرى والمعتقلين والمختطفين في سجون مليشيا الحوثي، وطالب المبعوث بإطلاق جميع المتواجدين في السجون والمعتقلات على ذمة الحرب لمنع وصول الوباء إليهم.
في ظل المؤشرات واستنادا إلى تعاملاتها مع المعتقلين ونظرا لعدم اكتراثها لحياة المواطنين يستبعد مراقبون استجابة المليشيا للنداء الأممي ولأصوات آهالي المعتقلين بالأفراج، ما يعني أن فايروس كورونا إن وصل اليمن في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، فإن كارثة كبيرة وموتا جماعيا سيحصد أرواح المواطنين الذين لا تأبه المليشيا لوضعهم ولا تكترث لحالهم وخاصة المعتقلين القابعين في معتقلات تفتقر لأدنى مقومات السلامة، لتؤكد بذلك المليشيا الحوثية أنها مشروع نهب وسلب وفيد ومووت ليس إلا.