قال معهد امريكي ان وباء كورونا، الذي لم يتم توثيقه بعد في اليمن، هدية للحوثيين، الذين يبحثون دائماً عن فرص لإثبات رواياتهم التي تربط التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن بالأزمة الإنسانية في البلاد ويعفي أنفسهم من المسؤولية.
وزعم وزير الصحة العامة والسكان المعين من قبل الحوثيين طه المتوكل، في مؤتمر صحفي في بداية مارس بأنه: “لا يوجد في اليمن حالات إصابة بفيروس كورونا، لكنهم سيحملون دولة الإمارات المسؤولية إذا ما ظهرت أي إصابة في البلاد”.
لكن تصريحات “المتوكل” تعتبر جزءاً من “نمط حوثي لاستخدام أي أزمة تؤثر على اليمن كفرصة لمهاجمة خصومهم وصرف الانتباه عن أخطاء المليشيات الكبيرة”.
وقلل الحوثيون، الذين يتحالفون مع إيران، من شأن آثار الفيروس بين حلفائهم وبالغوا في ذكر عواقبه في كل مكان آخر.
كما أن تغطية قناة المسيرة الحوثية لجائحة كورونا توفر مثالا جيدا على تسييس المعلومات، خاصة عندما يتعلق الأمر بإيران. إذ لا يوجد أي ذكر على الإطلاق حول كيفية انتشار فيروس كورونا هناك، أو كيف تعامل قطاع الصحة الإيرانية معه، ولكن هناك الكثير من التغطية لقصص أخرى تتعلق بكيفية مهاجمة إيران للقواعد الأمريكية في العراق.
ويقدم موقع المسيرة تغطية واسعة للشؤون السياسية الإيرانية ويقتبس تصريحات قيادتها بشكل متكرر.
ويكشف بحث سريع على الموقع الحوثي عن وجود تقارير مفصلة عن إحصاءات فيروس كورونا في الإمارات والسعودية وإيطاليا والصين وكوريا الجنوبية ودول أخرى، ولكن بطريقة ما تعمدت في تحديد عدد الحالات في إيران”.
ويهدف التعتيم الإعلامي للحوثيين على آثار الفيروس في إيران إلى إخفاء إخفاقات طهران في التعامل مع الأزمة، والتي تم التقليل من شدتها بشكل خطير.
ويحرص الحوثيون على الحفاظ على صورة إيران كدولة قوية قادرة على مواجهة أكبر التحديات، وهذا هو السبب في جهودهم للتعتيم على كيفية تعامل طهران مع الوباء.
ولا يريدون لفت الانتباه إلى المعدل المقلق لانتشار كورونا في إيران، نظرا لعلاقاتهم العسكرية والدينية والدبلوماسية والتجارية الوثيقة مع طهران، ولدى الحوثيين سفارة في طهران برئاسة إبراهيم الديلمي وغيرهم من الموظفين الذين يسافرون بشكل متكرر إلى اليمن.
كما يلتقي كبار أعضاء مليشيات الحوثي بشكل منتظم وعلني مع القيادة الإيرانية ومع القادة العسكريين من الحرس الثوري الإسلامي، مثل رضا شهلائي الذي نجا مؤخراً من غارة أمريكية في صنعاء.
بالإضافة إلى أن العديد من المليشيات تتلقى منحا دراسية كاملة وجزئية للدراسة في مدينة قم، وهي من أكثر المدن تأثرا بكورونا وربما أنها بؤرة الفيروس.
ولسوء الحظ، وبدلاً من اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحد من التعرض للإصابة بالفيروس، تركز قيادة الحوثيين على تصعيد هجماتها الخطابية ضد السعودية والولايات المتحدة”.
وقد وصف محمد الحوثي، ثاني أبرز قادة مليشيا الحوثيين، قرار السعوديين تعليق الصلاة في المسجد الحرام بمكة، كجزء من جهود الدولة لفرض الحجر الصحي لحماية المسافرين والمقيمين، باعتباره من “أعظم الذنوب”.
وقد ذهب الحوثي بعيداً، حينما روج لنظرية “المؤامرة” التي يتبناها النظام الإيراني بأن الفيروس مؤامرة أمريكية، وانتقد إحصائيات منظمة الصحة العالمية حول أن عدد حالات الإصابة بكورونا في إيران أعلى مما تم ذكره.
ونفس منوال الحفاظ على استراتيجية متسقة لإلقاء اللوم بشكل استباقي على التحالف العربي في أي حالات لفيروس كورونا في اليمن، زعم ناطق الحوثيين محمد عبدالسلام فليتة مؤخرا أن جميع المآسي الرئيسية في البلاد هي نتيجة للتدخل بقيادة السعودية.
لكن مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، أكد في بيانه الأخير لمجلس الأمن، أن الحوثيين هم مساهم رئيس بالأزمة الإنسانية في اليمن وقد عرقلوا إيصال المساعدات في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
ولطالما هناك مظهر إيجابي لهذه المحنة، فهذا يؤكد أن التستر الدقيق على حالات الإصابة بكورونا في إيران يشير إلى إدراك فشل السياسات التي يجب على الحوثيين تجنبها بأنفسهم.
ومن المرجح أن يشكل انتشار المرض كالنار في الهشيم بين المستويات العليا للنظام الإيراني، مصدر قلق كبير في أذهان قيادة الحوثيين، الذين من المحتمل أن يتأثروا أكثر من المواطن العادي نظرا لعلاقاتهم الوثيقة واتصالاتهم المنتظمة مع المسؤولين الإيرانيين.
ومن المعروف أن العديد من السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم (الحوثيين) لا يؤمنون بمؤسسة الحوثي. فقد فشل الحوثيون في التعامل مع العديد من الأوبئة السابقة على مدى السنوات الخمس الماضية، بل واستغلوا الوضع من خلال منع المساعدات واللقاحات من الوصول إلى المستفيدين المستهدفين، بل وذهبوا إلى نهبها وتحويلها إلى مقاتليهم.
ويتردد بعض السكان في زيارة المستشفيات خوفاً من الاعتقال. وتقطعت بهم السبل في نقاط التفتيش الحوثية وتم منعهم من الدخول، حيث أخبرتهم سلطات الحوثي أنهم تحت الحجر الصحي. ووفق شهود عيان ومقاطع فيديو وصور نشرت على الانترنت، لم يكن هناك في إحدى نقاط التفتيش الحدودية طاقم طبي لإجراء الاختبارات أو أدوات تعقيم وكمامات وقفازات، وتم منح أولئك الذين دفعوا رشوة تصاريح مجانية للعبور.
ولسوء الحظ، لا يوجد سيناريو تستطيع فيه دولة مثل اليمن -ذات موارد محدودة وبنية تحتية ضعيفة ونقص حاد في المياه- أن تنجو من هذا الوباء. لكن إلقاء اللوم على “الأعداء” بشكل استباقي لن يوقف الفيروس. يحتاج الحوثيون إلى تكريس كل مواردهم لمحاربة هذا التهديد الذي سيصل بلا شك إلى اليمن”.
ونظراً لافتقار الحوثيين إلى القيادة وميلهم لتأييد نظريات المؤامرة التي يتبناها حلفاؤهم الايرانيون بشكل مستمر، “فيجب على منظمة الصحة العالمية تطبيق توصيات فوراً للمساعدة على مكافحة هذا الوباء العالمي.
وختاماً، يجب منع استغلال الفيروس لأغراض سياسية على الفور، إلى جانب التوسع العسكري للحوثيين، وإلا فإن اليمن والمنطقة برمتها سيجدون أنفسهم في أزمة لا يمكنهم احتواؤها.