تتصاعد في أروقة الأمم المتحدة والولايات المتحدة قضية الخلاف بين ميليشيات الحوثي الذراع الإيرانية في اليمن، ومنظمات الأمم المتحدة حول المساعدات الإغاثية
وذكرت مجلة foreignpolicy الأمريكية، أن البيت الأبيض يخوض حملة ضغط على الأمم المتحدة لتقليص عمليات المساعدات الإنسانية في اليمن بعد العراقيل التي فرضتها ميليشيات الحوثي بقصد الاستيلاء على المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأفادت معلومات واردة من البيت الأبيض أن قضية عراقيل الميليشيات الحوثية أمام المساعدات الإنسانية تحظى باهتمام كبير من قبل المسؤولين في الإدارة الأمريكية، لافتة إلى أنها حظيت بنقاش وافر في اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤخراً في نيويورك، إلى جانب تطورات الأوضاع في اليمن على ضوء التصعيد الأخير للميليشيات.
تصر الميليشيات على أعلى مستوياتها على سرقة المساعدات الأممية ووضع العراقيل أمام وصولوها إلى مستحقيها، بدليل أن القيادي في ميليشيات الحوثي محمد علي الحوثي نشر في الرابع من مارس الجاري تغريدة على صفحته بتويتر، طالب فيها برنامج الغذاء العالمي بدء العمل بتنفيذ المساعدات النقدية “الكاش”
وقال: فلا داعي للتأخير بعد توقيعهم على كل الاتفاقات بشأن الكشوفات والبيانات البيومترية. وجاءت هذه المطالبة بعد أن كان القيادي الحوثي نفسه أعلن في صفحته بتويتر عن توصلهم إلى اتفاق مع رئيس برنامج الغذاء العالمي ديفيد بازلي حول الموضوع ذاته، وتأكيده أن الأخير يتفهم موقف الميليشيات ودعوته لبدء العمل بآلية الكاش.
وقالت مصادر أممية القول إن إصرار الميليشيات الحوثية على تحويل المساعدات المقدمة من برنامج الغذاء العالمي إلى مساعدات نقدية هدفها سرقة أكبر قدر ممكن منها سواء عبر فرض نسبة معينة من المبالغ لما يسمى بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي الذي استحدثته الميليشيات بدلا مما كان يسمى الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث، أو من خلال استغلال نفوذها كسلطة أمر واقع.
وتصاعدت الخلافات بين الميليشيات الحوثية وبرنامج الغذاء العالمي منذ منتصف العام المنصرم، حينما شن الانقلابيون حملة إعلامية اتهمت فيها برنامج الغذاء العالمي بممارسة عملية تخابر ضد اليمن، غير أن مصادر قالت إن الحملة كانت تهدف إلى تقويض محاولات البرنامج تصحيح الأخطاء الخاصة بتوزيع المساعدات.
قالت المصادر إن ميليشيا الحوثي صعدت حملاتها ضد التجار والباعة في العاصمة صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتها؛ لإجبارهم على دفع إتاوات جديدة دعماً لما يسمى بالمجهود الحربي بحسب ما نشره موقع الجيش اليمني.
وأشارت المصادر إلى أنه بالتزامن مع المعارك العسكرية التي تشهدها جبهات الجوف عاودت الميليشيا مداهمتها لعدد من المحال التجارية في عدة شوارع وأسواق بالعاصمة، أبرزها “التحرير، والحصبة، والسنينة، وهائل، والرقاص، وباب اليمن” وألزمتهم بدفع مبالغ تبدأ بـ 3 آلاف وحتى 50 ألف ريال.
وقال عدد من التجار في صنعاء إن الميليشيا تمارس بحقهم أبشع صور الانتهاك، وتقوم بفرض مبالغ غير قانونية عليهم، كما قامت باعتقال العشرات من ملاك المحال الصغيرة والكبيرة ممن رفضوا الاستجابة لدعواتها، وأغلقت محلاتهم ولم تسمح بفتحها إلا بعد دفع المبالغ المفروضة عليهم، مشيرين إلى أن عملية المداهمات التي تستهدفهم في الشهر الواحد تصل إلى أكثر من ثلاث مرات، وبات العديد من التجار غير قادرين على دفع تلك المبالغ، خصوصاً مع حالة الكساد التي تشهدها الأسواق.
وكشفت المصادر أن المسلحين الحوثيين نفذوا مطلع الأسبوع الجاري حملات ابتزاز ومداهمة تحت قوة السلاح والتهديد، وقاموا بتحديد المبالغ بحسب حجم وكمية البضائع التي يمتلكها كل محل تجاري، فيما يقوم المشرفون الحوثيون بابتزاز أصحاب المحلات التجارية وتجميع إيرادات بعدة مبررات.
ويرى الخبراء أن الميليشيا تتبع منذ بداية تمردها سياسة ممنهجة للسيطرة على النشاط الاقتصادي وتمكين أذرعها التجارية والاقتصادية في صنعاء، من خلال مواصلة تضييق الخناق على ما تبقى من التجار والمستثمرين وإحلال آخرين، مؤهلهم الوحيد هو انتماؤهم للسلالة الحوثية.
وضاعفت الميليشيا خلال الفترة الماضية الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان والتجار بمناطق سيطرتها، وسنّت تشريعات غير دستورية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية”، بهدف تغطية نفقات حربها العبثية وتكوين ثروات مالية طائلة لقادتها ومشرفيها.