لا يزال نحو 6 معلمين في مصير مجهول منذ أن قامت مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران باختطافهم قبل 11 عاما، في محافظة صعدة، معقلها الرئيسي شمالي البلاد.
سياسة القتل والاختطاف والتنكيل بالمناوئين لها، جرائم مستمرة وبشعة لا زالت تمارسها مليشيا التمرد والانقلاب الحوثية منذ ظهورها في جبال صعدة، وقامت بتوسيعها عقب انقلابها على الحكومة الشرعية في سبتمبر/ أيلول 2014م وحولت معها مناطق سيطرتها إلى سجن كبير تختطف فيه الآلاف مما يعارضونها.
معلومات وتقارير، سلطت الضوء بأن مليشيا الحوثي الانقلابية ما تزال تخفي 6 معلمين منذ أن كانت في جبال صعدة (أقصى شمالي البلاد)، وتحديداً منذ العام 2009م.
المعلومات التي نشرت في وقت سابق ذكرت أسماء المعلمين الستة وهم: (عبد الله محمد عبد الله هلال، أحمد قاسم محمد أبو شعوه، علي مفرح صالح جازع، عيظة صراب مقبل عرام، مسفر علي مسفر الشامي، إسحاق عبد الرحمن حمود العزي).
البداية
وتعود ظروف اختطافهم – بحسب ما المسؤول الإعلامي في نقابة المعلمين اليمنيين يحيى اليناعي- إلى ما قبل عيد أضحى العام 1430 هجرية عندما كانوا عائدين إلى منازلهم حاملين ملابس العيد التي اشتروها لهم ولأطفالهم، غير أن مليشيا الحوثي الانقلابية أبت إلا أن تخفي هؤلاء المعلمين الآباء وتخفي معها فرحة أسرهم وأطفالهم حتى اليوم.
وتؤكد أن المعلمين الستة الذين مضى على اختطافهم أكثر من 11 عاما، كانوا إبان اندلاع الحرب الخامسة بين الحكومة والمتمرّدين الحوثيين، يتواجدون في منطقة “ضحيان” القريبة من مدينة صعدة متوجهين إلى منازلهم.
وتشير المعلومات عن هؤلاء المختطفين إلى أنهم نقلوا إلى منطقة “مطرة” بمديرية “مجز” التي كان يتخذها الحوثي مقراً له في الحروب الأخيرة، وكانوا يقبعون في معتقل بالقرب من أحد المواقع العسكرية .
أبشع الجرائم والانتهاكات
ويتعرض الآلاف المعلمين في مناطق سيطرة الانقلاب المدعوم من إيران لأبشع أنواع التنكيل والملاحقات والإختطافات والاستهداف وانتهاكات مروعة، إذ تؤكد مصادر تربوية في العديد من مناطق سيطرة المليشيا أن المليشيا تمارس أبشع جرائم العنف والإجرام ضد العاملين في القطاع التربوي بمناطق سيطرتها.
طبقا لما تفيد المصادر فإن جرائم مليشيا التمرد والانقلاب الحوثية المدعومة من إيران تجاه العاملين في قطاع التعليم بمناطق سيطرتها تتوزع بين القتل المباشر والتعذيب حتى الموت، والاختطافات والإخفاء القسري، والملاحقة والتهجير، ومداهمة المنازل، ونهبها وتفجيرها.
وتذكر تقارير وإحصائيات سابقة الآلاف من الانتهاكات طالت الآلاف المعلمين والمعلمات، فضلاً عن الانتهاك الجماعي والمتمثل في حرمان جميع المعلمين من حقهم في تقاضي الرواتب، رغم فرضهم رسوماً شهرية على الطلاب في صنعاء مقابل رواتب المعلمين.
حصيلة أربع سنوات
وخلال أربع سنوات من الحرب، أي منذ بدء الحرب أخفت قسريّاً 32 معلّم بعد أن اختطفتهم من منازلهم ومدارسهم، ولا يعرف عن مصيرهم شيئًا حتى الآن، في حين توفي 10 معلمّين تحت التعذيب في سجون الحوثيين، وفقاً لإحصائية سابقة لنقابة المعلمين اليمنيين.
وقتلت المليشيا الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران أكثر من 1500 معلم ومعلمة في مختلف مناطق سيطرتها، وأصابت قرابة 2400 من العاملين في القطاع التعليمي بإصابات نارية مختلفة، نتج عن بعضها إعاقات مستديمة، وفقا لتقارير حقوقية.
أرقام وإحصائيات.. 2019 هو الأسوأ للمعلمين
وتكشف أرقام وإحصائيات صادرة عن تقارير حقوقية ومنظمات مهتمة بحقوق الإنسان عن أرقام كبيرة من الانتهاكات طالت المعلمين خلال العام 2019م الماضي.
وسجلت الأرقام والإحصائيات، 579 حالة اعتداء جسدي وتهديد للمعلمين من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية خلال العام الماضي، و10 أحكام بإعدام مدراء مدارس ومدرسين وطلاب، 898 حالة اختطاف، و127 حالة للإخفاء القسري، وتعرض 294 معلماً للتعذيب الوحشي في معتقلات المليشيات، بالإضافة إلى 6522 حالة نهب للمرتبات والمساعدات الإغاثية، و10351 حالة فصل وظيفي، و75 حالة اعتداء على وقفات احتجاجية سلمية للمعلمين، و13997حالة تهجير معلمين.
كما أجبرت مليشيا الحوثي الانقلابية المعلمين على حضور 4168 فعالية ونشاط ودورة ثقافية أقامتها خلال 2019، في المدارس، وأن من تخلف عن هذه الفعاليات تم فصله، وفقا لتقرير نقابة المعلمين.
جرائم لا يجب السكوت عليها
تقارير حقوقية ومنظمات مجتمع مدني مهتمة بجانب الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في مناطق سيطرة المليشيا الإيرانية الحوثية، قالت أن استمرار المليشيا في عملية إخضاع التعليم لسيطرتها يهدف لإحداث تحول في نسيج المجتمع لصالحهم باعتبار أن التغيير في التعليم يحدد غالباً شكل أي تغيير ديموغرافي قادم ومحتمل.
وأشارت إلى أن ما يتعرض له المعلمون من انتهاكات واسعة في مناطق مليشيا الحوثي تعتبر جرائم لا يمكن ولا يجب السكوت عنها، وتستدعي تحركاً حكومياً وحقوقيًا ومجتمعيًا لإيقاف هذا التدمير لمربي المجتمع.
وبعد أن مارست على مدى السنوات الماضية في مناطق سيطرتها، أبشع أنواع الانتهاكات بحق المعلمين والمعلمات بحرمانهم من رواتبهم، قامت المليشيا أيضا بتفخيخ المنهج الدراسي الخاص بالطلاب طائفياً، وتعمدت توزيعه وبيعه في السوق السوداء، علاوة على إجبارها العديد من المدارس على تدريس منهجها الدراسي المحرف.
وبحسب ما تقول مصادر محلية في العاصمة صنعاء التي فإنها قامت بالتوسع في أنشطتها الطائفية والسلالية بمعظم مدارس العاصمة صنعاء، وذلك من خلال إقامة عدد من الفعاليات التي تدعو لثقافة الموت والحقد والكراهية، وتحرض الطلاب على ترك المقاعد الدراسية والانضمام للقتال بصفوفها.
محاضرات السيد.. دروس إجبارية لطلاب الثانوية بصعدة
مؤخرا، قامت مليشيا الحوثي الانقلابية في محافظة صعدة – معقلها الرئيسي – بتفخيخ المواد الدراسية لطلاب الثانوية العامة، تذكر مصادر محلية وأولياء أمور في المحافظة أن المليشيا أقدمت على إضافة مادة ما تسمى بـ”محاضرات السيد” ضمن المنهج المقرر لطلاب الثانوية، في أطار استهدافها المتواصل للمناهج التعليمية وتفخيخ عقول الطلاب.
وبحسب ما ذكرت المصادر فان وزارة التربية والتعليم التي يديرها المدعو “يحيى الحوثي” أخو زعيم المليشيا قررت إضافة مادة لطلاب الثانوية العامة بمستوياتهم الثلاثة، وهي عبارة عن محاضرات مصورة لزعيم المليشيا تبث داخل فصول الطلاب في شاشات كبيرة يومياً منذ دخول الطلاب الساعة الثامنة صباحاً وحتى وقت الراحة، لافتة إلى أن المشرفين الحوثيين في المدارس يطالبون الطلاب بتدوين نقاط لمناقشتها بعد انتهاء المحاضرات.
ووفقا لما يؤكد أولياء الأمور فإن هذه الممارسات التي تقوم بها مليشيا الحوثي الانقلابية آثار استياء واسع لديهم مما تقوم به المليشيا من تفخيخ ممنهج لعقول أبنائهم، مؤكدين أن المليشيا منذ سنوات تقوم بفرض مناهج طائفية ومذهبية كتدريس ملازم زعيمهم في جميع المدارس وخاصة الابتدائية، الأمر الذي يهدد العملية التعليمية في البلاد.
ترويج لأفكار مزيفة وانتصارات وهمية
مصادر تربوية ذكرت أن من خلال هذه المحاضرات تقوم بالترويج في صفوف طلاب وطالبات المرحلتين الابتدائية والأساسية، إضافة للمرحلة الثانوية، لانتصاراتها الوهمية المزعومة، التي روجت لها أيضا في إعلامها المزيف.
المصادر تذكر أن جل فقرات الفعاليات والمحاضرات التي أقامتها وتقيمها المليشيا الانقلابية بشكل إجباري في المدارس تعمل على ترسيخ لغة القتل والعنف والكراهية، والتحريض على القتال بصفوفها، وكذا تقديم مبالغ مالية لدعم مجهودها الحربي، لافتة إلى أن المليشيا في نهاية الفعاليات تقوم بإجبار الطلاب على ترديد صرختها.
واعتبرت المصادر ما تقوم به المليشيا الانقلابية يأتي في إطار سعيها المستمر بتدريس منهجها المفخخ طائفياً من أجل تفخيخ عقول الطلاب، لتضاف إلى سلسلة جرائمها منذ انقلابها على السلطة في 2014، والتي – وفقا للمصادر – التي عرضت العملية التعليمية لانتكاسه كبيرة، دخلت من خلاله العملية التعليمية برمتها في أوضاع وصفت بأنها “كارثية” نتيجة تواصل الجرائم الحوثية الانقلابية بحق قطاع التعليم.
تفخيخ المنهج واستغلال المعلم
ومنذ انقلابها على السلطة الشرعية- مارست المليشيا الكثير من الانتهاكات في حق التعليم والمعلم معا، ابتداء من تعيين شقيق عبد الملك الحوثي وزيراً للتعليم، الذي لا يحمل أي مؤهل علمي يجعله مستحقا لهذا المنصب، سوى أنه درس على يد والده بدر الدين الحوثي، تلاها تغيير المناهج وزج سيرة مؤسس جماعتهم في المقررات الدراسية، ليصبح المعلم رسولهم في نشر أفكارهم المتطرفة للأجيال القادمة.
وأجبر الواقع المعاش الكثير من المعلمين والمعلمات بتدريس تلك المواد حافظا بذلك على أبسط حقوقه، باستمراره في وظيفته دون الحصول على أدنى المستحقات، والعمل في الميدان ببطن خاوية، بعد أن حصرت خياراته بين أمرين فقط، العمل بدون راتب، أو الفصل والاستبدال.
استمرار الانتهاكات
وخلال الأيام الماضية، أكدت مصادر تربوية في محافظة إب، وسط البلاد، أن مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران تواصل إهانة المعلمين في المحافظة، وذلك من خلال صرف نصف راتب منذ أسابيع وسط ممارسات وإنتهاكات يومية يتعرض لها الكادر التربوي بمختلف مديريات المحافظة.
المصادر ذكرت إن المليشيا الحوثية شكلت لجان لعملية صرف نصف راتب ومارست من خلال اللجان إهانات متعددة للمعلمين بمختلف المديريات، فضلا عن الزحام الشديد الذي تسببت به تلك اللجان وتأجيل عمليات الصرف من يوم لأخر وإطالة عملية الصرف التي أعلن عنها منذ أكثر من شهر.
واشتكى المعلمون من إهانات مليشيا الحوثي لهم وممارسات قالوا بأنها تهدف لتطفيش المعلم وتحقيره من خلال تشكيل لجان مع كل نصف مرتب يصرف مرة في كل ستة أشهر، في الوقت الذي تواصل نهب إيرادات الدولة وزيادة الجبايات المالية والضرائب وفتح جمارك في أغلب المحافظات، وتتنصل عن أبسط الحقوق بصرف مرتبات موظفي الدولة.
وفي مديرية المشنة بمدينة إب، اشتكت معلمات المديرية ما قامت به لجان المليشيا بصرف نصف راتب اليوم في مدرسة الشعب بمدينة إب، في مشهد يمثل إهانة لكل المرأة اليمنية وليس للمعلمات بمحافظة إب.
أدنى مستوى تعليم في العالم
هذه الانتهاكات المستمرة بحق التعليم في البلاد التي ترتكبها مليشيا الحوثي أدت خلال السنوات الماضية إلى تضاعف أعداد الطلاب المتسربين من المدارس، تذكر إحصائيات رسمية، إن عددهم وصل إلى 3.5 ملايين، مقارنة بـ1.5مليون كانوا قبل الانقلاب.
في السياق، كانت أحدث دراسة أممية، كشفت عن أن الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي ، قضت على أنظمة التعليم في البلاد، وجعلت منها تعيش أسوء كارثة، أوضحت خلالها أنه إذا ما استمرت الحرب فسيبلغ متوسط التحصيل العلمي في اليمن ثالث أدنى مستوى في العالم.
وقالت الدراسة الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تحت عنوان “تقييم أثر الحرب على التنمية في اليمن”، إن النتائج التعليمية في اليمن انخفضت بشكلٍ كبير منذ عام 2014، مشيرة الدراسة الأممية إلى أن قطاع التعليم في اليمن يواجه عدداً من التحديات والمعوقات الناجمة عن انقلاب مليشيا الحوثي الطائفية على الدولة، وامتناعها عن دفع رواتب المعلمين، ما أثر بشدة على نحو 64 % من إجمالي المدارس و79 % من إجمالي الطلاب في البلاد.
وساهمت ممارسات مليشيا الحوثي ، في تقويض جودة التعليم بصورة ملحوظة نتيجة لما يترتب عليها من عدم انتظام دوام المعلمين وخسارة شهور من العام الدراسي من دون تعليم، وتدريس المنهج الدراسي جزئياً فقط، وتدهور الحافز المعنوي للمعلمين، وقيام المليشيا الحوثية الطائفية بتعديل المناهج التعليمية وتحريفها.