كشف تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني معلومات مثيره حول تنظيم القاعده في جزيره العرب ومقره اليمن
واكد أن القاعدة في جزيرة العرب تعيش حالة من الاتهاهات المتبادلة بالاختراق والتجسس بين الأعضاء، وأقنعت غارات الطائرات دون طيار المتواصلة المجموعة بأنها قد تم اختراقها من قبل المخبرين، مما أدى إلى الحد من الاتصالات بشدة، وشل نفسها بشكل أساسي، فيما خُصصت منذ عام 2014 عشرة مقاطع فيديو لموضوع نزهة الجواسيس الداخليين.
واقترح بعض المعلقين في منتديات مؤيدي القاعدة في شبه الجزيرة العربية في بعض الأحيان أن يكون قاسم ريمي نفسه مخبراً، لأنه كان أحد الشخصيات البارزة القليلة التي نجت من ضربات الولايات المتحدة لسنوات، وزادت مثل هذه الشكوك والاقتتال الداخلي من تجزئة المجموعة.
وكشف أن أربع شخصيات بارزة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مرشحون لخلافة قاسم الريمي، الذي قتل في غارة جوية أمريكية الشهر الماضي، أبرزهم على الترتيب سعد العولقي، خالد باطرفي، إبراهيم القوصي، إبراهيم البنا، وأن الأربعة عليهم مكافآت بملايين الدولارات على رؤوسهم، مما يجعلهم في الحد الأدنى من مساحة المناورة، ناهيك عن إحياء القاعدة في جزيرة العرب.
ويقول معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني إن مشكلة القاعدة في جزيرة العرب هي أنها تعتمد على القادة ذوي الكفاءات العالية والمحاربين القدامى المتمرسين في الجهاد الأفغاني في التسعينيات، وأن الحملة الضخمة لمكافحة الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة بما فيها أكثر من 120 غارة أمريكية في عام 2017 وحده – قضت على تلك القدرات، وقلصت بشدة قدرة القاعدة في جزيرة العرب على تدريب الجيل القادم من القادة.
ولفت إلى أن القاعدة في جزيرة العرب لم تعد الفرع الأقوى من فروع التنظيم في العالم، وأن مقتل أي قائد فردي يمكن أن يكون له تأثير كبير، مشيراً إلى أن قاسم الريمي صاغ أوراق اعتماده في أفغانستان في التسعينيات، حينما قضى فترة عقوبة بالسجن، وأصبح بطلاً بعد استراحة جريئة في السجن، ساعد بعده في الإشراف على اندماج فروع التنظيم في جزيرة العرب.
وكشف التقرير أن الريمي بصفته قائداً عسكرياً في القاعدة في جزيرة العرب، كان مرتبطا بالعديد من العمليات الإرهابية داخل اليمن، أبرزها قصف المجموعات السياحية الأجنبية والسفارة الأمريكية في أواخر عام 2000، إلى جانب مئات العمليات ضد أهداف محلية، فيما كانت المجموعة ترتبط في الخارج بشكل مباشر أو ملهم بالعديد من المؤامرات، بما في ذلك الجهود الفاشلة لتفجير طائرة ركاب وطائرتي شحن.
وتقلصت قدرة القاعدة بشكل كبير في شبه الجزيرة العربية منذ الضربة القاضية في عام 2015، ولكن توجد جهود ضئيلة لإلهام المهاجمين الآخرين، خصوصاً دعوة الريمي قبيل مقتله المسلمين في أمريكا على شن هجمات بأي وسيلة ممكنة.
ويقول التقرير إن القاعدة في جزيرة العرب في أضعف نقطة لها منذ عقد، على الأقل من حيث هويتها كمجموعة متماسكة مع أيديولوجية دينية في المقام الأول، وأن حلمها في إقامة خلافة في اليمن في حالة يرثى لها، بعد أن استفاد التنظيم من نزول البلاد إلى الحرب، وقاد التجنيد على نطاق واسع، وملأ خزائنه، وعمل بشكل نشط على إنشاء دولة بروتينية تحكمها مدينة المكلا الساحلية الشرقية.
ويرى التقرير أن القاعدة في جزيرة العرب تكافح اليوم من أجل السيطرة على قطعة أرض صغيرة بين التلال الوعرة في شمال غرب البيضاء، وتم على مدار العام ونصف العام جرها إلى معركة تشتيت الانتباه مع المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «داعش» في البيضاء، وانتشرت الشظايا الانفصالية في أنحاء أخرى من البلاد. كما انخفض عدد العمليات التي تطالب بها القاعدة في جزيرة العرب بشكل كبير منذ عام 2017، خصوصاً خلال الأشهر الأربعة الماضية، ويرجع ذلك جزئيا إلى الجهود المتضافرة التي تبذلها وكالات إنفاذ القانون لإيقاف وجودها على تطبيق تليغرام، وغيرها من الخدمات عبر الإنترنت، لتتحول المجموعة إلى منصات أخرى، لكن إنتاجها لا يزال ضئيلاً.
ودعا التقرير الأمم المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة وأصحاب المصلحة الآخرين إلى الاستفادة من الفوضى الحالية للمجموعة واتخاذ خطوات لضمان عدم ترك أي فصائل يمنية وراءها – جزئيا عن طريق معالجة الظروف الأساسية التي تولد التطرف، ولكن أيضا عن طريق إدخال آليات شفافة للتمثيل الشامل في محادثات السلام.
ومن المثير للاهتمام، أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، قد أعلن عن هجمات أقل بكثير من تلك التي نسبت إليه، ويعود ذلك جزئيا إلى صراع الاتصالات الداخلية، ولكن من المحتمل أيضا أن يكون ذلك نتيجة لقيام أطراف أخرى في الحرب اليمنية «بالتخريب الكاذب» لبعض العمليات للقاعدة في جزيرة العرب كغطاء لدوافعهم السياسية.
ودفع ارتباك تنظيم القاعدة في اليمن إلى تصنيف قوات الحزام الأمني الموالية للجنوب في أبين واحدة من الأهداف الرئيسية للقاعدة في جزيرة العرب على مدار العامين الماضيين، وجاء في المرتبة الثانية عناصر داعش في البيضاء، في حين جاء في المرتبة الثالثة البعيدة الحوثيون، على الرغم من أن أيديولوجي القاعدة في شبه الجزيرة العربية يصورونهم الميليشيات كجنود موالين لإيران. يثير هذا السؤال حول ما إذا كانت القاعدة في جزيرة العرب أو بعض من شظاياها تنتقل من المحاربين القدامى إلى بنادق مقابل أجر، وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كانوا يفعلون ذلك لأسباب أيديولوجية أو سياسية أو مالية، ولا تزال الإجابة مبهمة بسبب النسيج المحلي المعقد للمصالح المتداخلة، والولاءات السائلة، وهجمات العلم الزائف.