كثيرا ما تداعب الأحداث العقول من خلال فعلها الذي يصنع استجابات تتباين وفقا لمستوى الفهوم، وحينها تظهر سطحية التفكير لدى البعض كما يبرز العمق في تفكير آخرين، وبناء على ذلك يفرح البعض من السطحيين بأحداث يرون في طياتها دواعي الفرحة بينما لا يحزن خصومهم العقلاء عند الحدث ذاته.
وللمتابع لقنوات الانقلابيين وإعلامييهم أن يدرك ضحالة التفكير الدافع لهم للنشوة الوهمية التي انبعثت مما يسمونه بانتصار الجيش واللجان والشعبية في بعض المواقع.. ولا غرابة في ذلك فمشروع الجهل والتجهيل لا يمكن أن يقرأ الأحداث بمآلاتها ولا يفقه المتغيرات على حقائقها.
والحق أن شعبا كريما خرج أفذاذه لمجابهة سلالة لا ينسجم مشروعها مع أبجديات الكرامة اليمنية، ولا يتوائم مع بدهيات الحياة الاجتماعية، ولا يلبي أدنى الحقوق الإنسانية ناهيك عن السياسية… لا شك في انتصاره ولا ريب في هزيمة مناوئيه.
ولعل رصيد التجربة الجمهورية شاهد على حتمية الانتصار الذي رسم رونق لوحته قلة من الضباط الأحرار الذين خضبوا نحر الإمامة بدمائها بعد أن رووا تربة الحرية بدمائهم الزكية في عصر كانت الإمامة لدى الشعب دينا، والخروج عليها كفرا وردة وبغيا.
أما اليوم فإن شجرة الحرية التي نمت في أنفس الضباط الأحرار قد أصبحت جذورها في أنفس شعب بأكمله لتصبح الإمامة في نظر الشعب شذوذا عن الطبيعة اليمنية السوية ولم يعودوا يرون منها إلا تاريخا يحكي حلكة ظلمتها، وبغي ساستها، لتصبح الرؤية اليمنية واضحة في استحالة التعايش معها.
إن جيشا ولد من رحم شعب رضع القيم الجمهورية لكفيل بتحقيق النصر على فكرة بغيضة التف حولها مغيبو العقول من ذوي الانتماءات المؤقتة، والمصالح المتغيرة والمخاوف المزيفة، وسيستيقظ الشعب ذات صباح وضاء صنعت خيوط أشعته بريق السيوف الجمهورية.
ولعل فرحة الحمقى باحتلال جبل لن تلغي العزة من أنفس شعب، ولن تؤثر في معنويات جيش وجّه بوصلته نحو صنعاء وصعدة وكل شبر يمني.. ولذلك فإن رمي العصي في طريق هواة الصعود سيجعل منها سلالم يرتقون عليها إلى هدفهم المنشود والمتمثل بتحرير اليمن من رجس الإمامة وقبح الكهنوت.