قال فريق لجنة الخبراء التابع للأمم المتحدة إن التهديدات والحوادث ضد العاملين في المجال الإنساني تتزايد في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي كما اشار الي ان النزاع في اليمن بات نزاعات متعددة لا يمكن التمييز بين اطرافها وداعميها خارجياً وداخلياً.
وأكد الفريق في تقريره السنوي الذي أُرسل إلى مجلس الأمن ، أنه تلقى معلومات عن اعتقال وتخويف العاملين في المجال الإنساني من قبل الحوثيين والاستيلاء غير القانوني على الممتلكات الشخصية للعاملين في المجال الإنساني والممتلكات التابعة للمنظمات الإنسانية في صنعاء.
واتهم التقرير الحوثيين بعدم احترام استقلال المنظمات الإنسانية، إضافة إلى العديد من العوائق الإدارية، بما في ذلك التأخير في الموافقة على الاتفاقات الفرعية لمدة تصل إلى 11 شهرا، والاجتماعات والمفاوضات المستهلكة للوقت مع “الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الانسانية ومواجهة الكوارث” التابعة للحوثيين.
وأورد التقرير على سبيل المثال، أن إحدى المنظمات أبلغت الفريق أن هذه الاجتماعات كانت تستهلك ما يصل إلى 50٪ من وقت بعض موظفيها، بحسب ما نشرته وكالة “خبر” اليمنية.
ولفت التقرير إلى أن مسألة التلاعب بقوائم المستفيدين و / أو الضغط الذي تمارسه ميليشيات الحوثي لإدراج شخصيات تابعة لهم في هذه القوائم تشكل مصدر قلق خاص، وزادت حالات استخدام العنف والإكراه في نقاط توزيع المساعدات في عام 2019.
وأبلغت بعض الجهات الفاعلة في المجال الإنساني الفريق بأنها مُنعت من الوصول إلى مناطق معينة أو رفضت الحصول على إذن بالسفر لأنهم رفضوا تبادل المعلومات مع الحوثيين بشأن المستفيدين أو المعلومات الشخصية عن موظفيهم الوطنيين.
وحقق الفريق في ثلاث حوادث عنف ضد العاملين في المجال الإنساني في نقاط التوزيع بمناطق الحوثيين من أجل التأثير على التوزيع أو التحكم فيه.
وفي إحدى الحوادث، نُهبت مواد المساعدات الإنسانية. كما حقق الفريق في خمس حالات تعرض فيها العاملون في المجال الإنساني للاعتقال والاحتجاز من قبل الحوثيين، بما في ذلك النساء.
خلص التقرير النهائي الذي أعده فريق الخبراء الدوليين المعنيين باليمن، وعُرض مؤخراً على مجلس الأمن الدولي، إلى أن الصراع القائم في اليمن، وصل إلى مرحلة معقدة، ونزاعات كثيرة لا يمكن التمييز والفصل بين أطرافها والجهات الفاعلة والداعمة لها داخلياً وخارجياً، وهو ما فاقم من الأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلاد للعام الخامس على التوالي.
وأكد التقرير أن العام 2019، كان عام ركود سياسي وعسكري في اليمن، “لم يحرز فيه الحوثيون وحكومة اليمن سوى تقدم ضئيل نحو تسوية سياسية أو تحقيق انتصار عسكري حاسم”، واستمرت الاطراف المتحاربة في ممارسة الحرب الاقتصادية، والتربح من النزاع على غرار العام 2018.
وقال تقرير الخبراء المستقلين التابعين للجنة العقوبات الخاص باليمن في مجلس الأمن، إن المجلس الانتقالي بدأ نزاعاً “عندما استخدم القوة لإزالة ما لحكومة اليمن من سلطة ضئيلة في عدن، وإن استمرار الاشتباكات على حدود أبين وشبوة ومحدودية التقدم المحرز في تنفيذ الرياض، يشير إلى “أن الوضع في الجنوب لا يزال متقلباً”، مؤكداً أن الاتفاق اضعف الحكومة وجعل قواتها تحت الوصاية السعودية.
ووثّق تقرير خبراء لجنة العقوبات الدولية المقدم لمجلس الأمن عن أعمال اللجنة للعام 2019، القمع الوحشي للمعارضين وإطلاق يد أجهزة الميليشيا الأمنية لاعتقال واغتصاب النساء.
مشيراً إلى أنّ ما يسمى جهاز الأمن الوقائي يعمل خارج هياكل الدولة ويقدم تقاريره إلى زعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي.
ووفق تأكيد خبراء الأمم المتحدة، فإنّ جهاز الأمن الوقائي مهمته مراقبة حركة عناصر الميليشيا ومراجعة التقارير من المشرفين، وضمان عدم فرار المقاتلين أو أخذ أسلحتهم من الخطوط الأمامية، وفض الاشتباكات بين عناصر الميليشيا، فضلاً عن مهام أخرى.
ودمج الحوثيون وفقاً للتقرير، جهاز الأمن القومي والأمن السياسي في مكتب جديد تحت مسمى الأمن والمخابرات ومهمته حماية الميليشيا. وقد تلقى الفريق تقارير عن العديد من عمليات القبض على مسؤولي الميليشيا.
ويعتبر مطلق عامر المراني المعروف باسم «أبو عماد»، الذي كان نائباً لرئيس جهاز الأمن القومي، موضع اهتمام الفريق لمشاركته في عرقلة المساعدة الإنسانية، وعبد الحكيم الخيواني، نائب وزير الداخلية السابق، وهو مدير المخابرات حالياً ومعه عبد القادر الشامي، الرئيس السابق لجهاز الأمن السياسي، وعين نائباً لمدير المخابرات.
ووثّق الفريق الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الزينبيات وهو جهاز الاستخبارات الخاص بالنساء في الميليشيا، بما في ذلك الاعتقال والاحتجاز التعسفي للنساء، النهب والاعتداء الجنسي والضرب والتعذيب وتسهيل الاغتصاب في مراكز الاعتقال السرية.
وخلال الفترة التي يرصدها التقرير الأممي، واصلت ميليشيا الحوثي تعيين قادتها في مواقع عسكرية ومدنية رئيسية، شملت تعيين عبد الكريم أمير الدين الحوثي، عم عبد الملك الحوثي، وزيراً للداخلية، وتعيين عبد المحسن عبد الله الطاووس، رئيساً للسلطة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعافي من الكوارث، ثم أميناً عاماً للمجلس الأعلى للإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والدولية وكان قبلها مشرفاً عاماً في محافظة ذمار.
وكشف التقرير عن أنّ الميليشيا قمعت المعارضين لسياستها داخل مناطق سيطرتها، شمل ذلك القبائل والنساء الناشطات سياسياً.
فضلاً عن قمع القبائل المعارضة باستخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المدنية، وتدمير المنازل. ويمضي التقرير إلى القول، إنّ الميليشيا تقوم باعتقال وتخويف عمال الإغاثة في اليمن بشكل متزايد، فضلاً عن وضعها عقبات بيروقراطية تعرقل توزيع المساعدات.
وذكر التقرير أن الحوثيين حصلوا العام الماضي على أسلحة جديدة يتميّز بعضها بخصائص مشابهة لتلك المُنتَجة في إيران، حيث بات الحوثيون “.. يستخدمون نوعًا جديدًا من الطائرات بلا طيّار من طراز دلتا ونموذجًا جديدًا من صواريخ كروز البرّية”.
وبحسب المحقّقين، فقد ظهر اتّجاهان على مدار العام الماضي قد يُشكّلان انتهاكًا للحظر. ويتمثّل الاتّجاه الأوّل في نقل قطع غيار متوافرة تجاريّاً في بلدان صناعيّة مثل محرّكات طائرات بلا طيّار، والتي يتمّ تسليمها إلى الحوثيّين عبر مجموعة وسطاء.
أمّا الاتّجاه الثاني فيتمثّل في استمرار تسليم الحوثيّين رشاشات وقنابل وصواريخ مضادّة للدبّابات ومنظومات من صواريخ “كروز” أكثر تطوراً، مشيراً إلى هذه القطع التجارية والاسلحة والتكنولوجيا “ترسل عبر مسار تهريب يمرّ بعُمان والساحل الجنوبي لليمن، عبر مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، وصولاً إلى صنعاء” التي يُسيطر عليها الحوثيّون.
ولفت التقرير إلى عمليات إثراء غير مشروع لبعض الانتهازيين ممن يشغل مناصب رسمية، وما تتعرض له الثروة الوطنية والمعونات الخارجية من ضياع وسرقة وتحويل لمسارها بسبب فساد مسؤولي الحكومة والحوثيين، ومنها مؤشرات على الإثراء غير المشروع عبر التلاعب بأسعار العملات الاجنبية في البنك المركزي في عدن،
ونوه إلى انتهاك حالة تجميد الأموال وقيام الحوثيين بالتصرف بالأصول المجمدة والأموال العامة عبر اسماء مستعارة نيابة عن زعيمها عبدالملك الحوثي، وباستخدام عقود مزورة.
وقال فريق المحققين، إن “الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي ولحقوق الإنسان ما زالت تُرتكب على نطاق واسع من جانب جميع الأطراف في اليمن، من دون محاسبة”.
وأوضح التقرير أنّ “التوقيفات والاعتقالات التعسّفية وعمليّات الإخفاء القسري وتعذيب المحتجزين تتواصل من جانب الحكومة اليمنيّة، والسعوديّة، والحوثيّين والقوّات المرتبطة بالإمارات العربيّة المتّحدة”.
وتضمن التقرير عدداً من الحقائق والمعلومات الجديدة عن الاسلحة والجماعة الإرهابية واستغلال الاطراف لهذا الملف، إضافة إلى ما نتج عن الصراع الاقتصادي من زيادة لمعاناة اليمنيين، وما تشهده الخارطة الميدانية من تناقض وصراع بين اطراف النزاع.