يفاخر اليمنيون بقواتهم المسلحة التي لا تواجه المليشيا الحوثية المتمردة المدعومة إيرانياً فقط على الميدان، بل تقف مواجهةً للترسانة الضخمة من الإعلام المضاد المدجج بالشائعات والأكاذيب، وهي الشائعات التي تستهدف الحاضنة الشعبية للقوات المسلحة وخريطة انتشارها، في مخطط مستمر ومفضوح من أجل استمرار الانقلاب على مؤسسات الدولة وعدم عودة الحياة الطبيعية أو استمرارها في المحافظات المحررة، وقد حققت نموذجاً في الأمن والاستقرار والتنمية في محافظتي مأرب والجوف.
ويؤكد متابعون بأن الضخ الإعلامي الذي تنتهجه المليشيا الحوثية، هدفه في الأول تزييف الوعي والنيل من الجيش وجبهة الشرعية ككل، إضافة إلى تسويق معاركها، سواء من أجل التغرير ورفد جبهات القتال بعناصر جدد، تعمل على استقطابهم من خلال حملاتها الإعلامية التي لا تكتفي بها على وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي، بل تنتهج كل الوسائل المتاحة في نقل الشائعات والأكاذيب وترويجها في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
ويشيرون إلى أن الإعلام الحوثي المضلل، يعتمد إلى دعمه على آلة إيران الإعلامية في المنطقة، إضافة إلى ناشطين وإعلاميين، وسياسيين يقتاتون من بث الشائعات وما يخيل لهم بأنه يفت من عضد القوات المسلحة التي أثبتت صمودها واستبسالها وانتصاراتها في سبيل قضيتها العادلة، ولم تنل منها الأكاذيب بل عملت على تعرية كل من يعمل على نشرها وإعلانها كأنها حقائق.
سلاح مضاد
لا يخفى بأن الشائعات سلاح خطير، لكنه لا يمنع من وجود سلاح مضاد له، من خلال إعلام قوي يواجه بشراسة أيضاً.. هذا ما يدعو له أكاديميون وسياسيون وإعلاميون، من المؤمنين بدور مقاومة المشروع الانقلابي في اليمن، ويرون ألا يزيد غياب الإعلام المواكب أو الصادق، وأن تكون البيانات الموثوق بها مصاحبة للمعارك، فالغموض يدعم الشائعات ويعطيها رواجاً أكثر وانتشاراً لأنها لم تجد من يكافحها ويحد من استفحالها.
رأس حربة
عن ذلك يقول وكيل وزارة العدل، فيصل المجيدي بأن الإعلام رأس الحربة في كل معركة، وهو عين المتابع من خلاله يمكن استشراف ما يحصل في الميدان.
ويؤكد المجيدي في إطار حديثه لـ(26 سبتمبر) حصول تزييف كبير لما يحدث في أرض الواقع، مما يؤدي إلى استغلال الارتباك الحاصل، في استهداف الجيش والشرعية لصالح أجندات مشبوهة، مشيراً إلى أن وراء ذلك هم مأجورو الحوثي أو من المرتبطين بإيران ومليشياتها.
تفعيل
وفي مواجهة الإعلام المضاد يرى المجيدي بأن يكون التوجيه المعنوي للقوات المسلحة هو المصدر الحقيقي للمعلومة لما يخص الشأن العسكري والقتالي وغيره المتصل بالجيش، كما يجب التفعيل الأكثر للمراسلين الحربيين في مقدمة المعارك ومساندة الإعلام بإيجاد آلية حقيقية له.. مؤكداً بأن مسألة تفعيل الإعلام في المعارك مسألة رئيسية حتى لا يترك الناس فريسة سهلة للشائعات والتلاعب من قبل المليشيا وأدواتها.
وأشار المحامي المجيدي إلى أهمية إعادة ترتيب إعلام القوات المسلحة ودعمه بكل الوسائل وتفعيله ليصل إلى كل الجمهور، مع إصدار التقارير اليومية إن أمكن عن سير المعارك وإيصال الرسائل والتصريحات من القيادات العسكرية حرصاً على زيادة ثقة الناس بالجيش ولمعرفة ما يدور في أرض المعركة وقطع الطريق أمام من يريد استهدافه والنيل منه من قبل القوى المعادية أو المرتبطين بالمشروع الإيراني.
الحرب النفسية
إلى ذلك يؤكد د. يحيى العتواني (دكتوراة في العلاقات العامة والإعلام الاجتماعي) أهمية انتشار وسائل الإعلام الجديد أو ما يعرف بالتواصل الاجتماعي لاستخدامها في الحرب النفسية ضد الخصم وأيضاً كوسيلة في مواجهة الشائعات والمفبركات الإعلامية.. مشيراً إلى انتهازية الحوثيين في التأثير على المتابعين لاعتمادها على اختلاق شائعات والترويج لأخبار لا أساس لها من الصحة.
وشبه العتواني في حديثه لـ (26 سبتمبر) أساليب الحوثي بأساليب الدعاية السوداء والحرب النفسية التي استخدمها هتلر بشكل كبير، فالكذبة كلما كانت كبيرة، كان الناس أميل إلى تصديقها، وكلما كانت كلماتها محدودة ومتناسقة، أمكن في حفظها وتذكرها وترديدها بسهولة، وقد تعتمد على جزء من الحقيقة يضاف إليها العديد من الأكاذيب.
ويرى الدكتور العتواني بأن الحوثي استخدم نظرية، اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، مؤكداً أهمية تقوية الجانب الإعلامي للشرعية خصوصاً في الإعلام الحربي للجيش، والذي يجب أن يولى اهتمام الحكومة بالتأهيل وتوفير كل المتطلبات التي تمكن من إدارة المعركة الإعلامية بشكل صحيح.
وأكد أن أغلب الأخبار التي يتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي مأخوذة من الشائعات، التي يقوم بها الحوثيون وقد تجدها في وكالات عالمية وقنوات إخبارية، وهو بسبب انجرار بعض الإعلاميين والناشطين لما ينشر دون تحقق أو تحري عن المعلومة من مصادرها.
ولمواجهة الشائعات يضيف الدكتور العتواني بأنه يتوجب على الجيش أن يطلع المواطنين بكل ما يدور في أرض المعركة، بأن يكون لديهم مركز إعلامي بكل جبهة، عمله أخذ تصريحات ميدانية من الجنود والقادة عن سير المعارك وإظهار القادة في الميادين، إضافة إلى عمل قنوات في التليجرام والفيسبوك وإنشاء مجموعات لهذا الغرض ونشر كل المعارك بالصوت والصورة وتفنيد شائعات العدو.
تأثير كبير
من جهته يؤكد موسى عبدالله قاسم، الأمين العام للهيئة التأسيسية للملتقى الثقافي اليمني بماليزيا، بأن المعركة الإعلامية في ظروف الحرب توازي في أهميتها المعركة العسكرية، وقد تفوق عليها لما لها من تأثير كبير على الحاضنة الوطنية الداعمة والمساندة للجيش.. مشيراً إلى أن إيصال المعلومة الصحيحة إلى الجمهور ورفع منسوب الوعي الوطني في أوساطه يجعل الجبهة الوطنية جيشاً وشعباً متماسكة ومحصّنة من الشائعات، التي ينشرها العدو بُغية خلخلة تماسكها وإحداث فراغ من عدم الثقة بين الجيش وحاضنته الشعبية الداعمة والمساندة.
حرب وطنية
وقال موسى قاسم إن الجيش يخوض حرباً وطنية مقدسة من أجل استعادة الشرعية والنظام الجمهوري من المليشيا الكهنوتية، هذه المعركة الوطنية جوبهت بكم هائل من التشويه والشيطنة من قبل إعلام العدو الحوثي وأذرع إيران الإعلامية الطائفية في المنطقة، والمتحالفة معها.
وأشار إلى أن المليشيا تستخدم في إعلامها المفبركات الإعلامية من فيديوهات خادعة وصور مزيّفة وتصريحات كاذبة ودعاوى بوجود اتفاقات بين أطراف في الشرعية وبين المليشيات المتمردة، وغير ذلك من أدوات التضليل والتزييف التي انتهجتها الآلة الإعلامية المعادية للشرعية وللقوات المسلحة.
تطوير
ويؤكد أن مواجهة الشائعات التي تعمل على تزييف الوعي الشعبي تحتاج إلى القيام بتطوير البنية الإعلامية والتوعوية، والعمل على أن يكون هناك إيجاز صحفي أسبوعي على الأقل، يعرض فيه المتحدث كل ما يتعلق بالمعركة الوطنية في مختلف الجبهات والمناطق العسكرية، ويترافق ذلك العمل على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، على أن يتم تحديثها أولاً بأول، من قبل فريق إعلامي عسكري متخصص.. مشيراً إلى أن ترتيب إعلام الجيش والاهتمام به، سيكون تأثيره فعاّلاً على المواطن اليمني أولاً كمتابع ومساند للجيش، ثم على المتابع خارج اليمن من نشطاء ووكالات إخبارية وسائل إعلام مختلفة.