بعد وصول قوات عسكرية سعودية جديدة إلى العاصمة الجنوبية، صنعاء في اليمن، طرحت تساؤلات حول مهام تلك القوات في ظل تعثر واضح في تنفيذ اتفاق الرياض وتبادل الانتقالي والشرعيه الاتهامات حول المتسبب في تعطيل تنفيذ الاتفاق .
وذهب بعض المراقبين إلى أن تلك القوات قد تتعامل منفردة بعيدا عن الشرعية والانتقالي، في الوقت الذي ينتظر بعضهم إعلانا رسميا من طرفي الصراع والجهة المشرفة بفشل الاتفاق والتحول إلى مسار جديد.
اتفاق الرياض
وقال عبد العزيز قاسم، القيادي في الحراك الجنوبي باليمن وفق وكالة “سبوتنيك” الروسيه المواليه للمليشيات الحوثيه ، إن المواجهات في المحافظات الجنوبية السابقة أو الحالية سواء في شبوة وحضرموت بمسمياتها المختلفة، جميعها ناتجة عن الإخفاق والتعثر الجاري بشأن تنفيذ بنود اتفاق الرياض.
وأشار القيادي الجنوبي إلى أن هناك رغبة لدى الشرعية والانتقالي في الهروب من تداعيات الفشل المريع باتفاق الرياض،عن طريق إنتاج أزمات جديدة تحت مسميات مختلفة للهروب من المسؤولية.
وأوضح قاسم إلى أن كل الشواهد منذ توقيع الاتفاق في نوفمبر الماضي، وقبل الأحداث الأخيرة كانت تشير إلى أنه لن ينجح، وأنه يحمل بذور الفشل داخله وسيواجه عراقيل وعثرات كثيرة، لأنه يمثل طرفين فقط دون الأخذ بالاعتبار قوى أخرى هذا من جانب، ومن جهة أخرى لم يحدد طبيعة الصراع الجوهري ومضمونه الفعلي – قضية الجنوب- كقضية مركزية أساسية ووطنية عادلة، بل ركز على تقاسم السلطة في ظل استمرار الحرب وغياب طرف فاعل في الشمال.
وتابع القيادي الجنوبي أن الحرب الدائرة حاليا منذ 5 سنوات كان هدفها القضاء على الحوثي، وإلى الآن لم تحقق أيا من الأهداف المعلنة والمتمثلة في تسلم المقرات الحكومية وعودة الشرعية إلى صنعاء، فضلا عن الأسلحة إذ لا يزال الحوثي مسيطرا على الشمال باستثناء مناطق معينة في مأرب.
الشرعية والتحالف
وأوضح قاسم أن العامين الأخيرين من الحرب لم تتقدم الشرعية والتحالف في أي منطقة جديدة، وتحول الصراع إلى الجنوب بين الشرعية والمجلس الانتقالي، وجاء اتفاق الرياض نتيجة أزمة إقليمية ليقوم بعلاجها دون النظر إلى عمق المشكلة وطبيعة الأهداف لكل قوة، ويمكن ملاحظة التخبط الواضح في عملية التفسير لماهية الاتفاق تبعا لكل طرف، وهذا يعني أنه “سلق على عجل”، ودون قناعة الأطراف الموقعة عليه بل تحت ضغط الرغبة السعودية.
وأكد القيادي الجنوبي أن تعثر تنفيذ اتفاق الرياض يبدو واضحا، لكن عدم توضيح أسبابه يظل محل اتفاق بين طرفي الصراع والدولة الراعية، إذ لم نر تصريحا يحدد أي طرف معرقل، وأخيرا كان بيان المجلس الانتقالي في ختام دورته الثالثة للجمعية العمومية أكد على تنفيذ اتفاق الرياض من طرف واحد، وهذا دليل إضافي يؤكد ذهاب الاتفاق إلى الفشل.
مسار التحالف
وقال قاسم إن اليومين الماضيين وصلت قوات سعودية ضخمة إلى عدن، وهذا مسار آخر أو منعطف جديد في مسار التحالف واتفاق الرياض، وقد تكون القوة السعودية بديلا للقوات التابعة للمجلس الانتقالي والشرعية معا وفرض واقع مختلف واتفاق جديد، يرجح فرضية الاستعانة بخيارات الأدوات المعطوبة أو المؤجلة كقوة طارق صالح، على أن يتولى ملف الإرهاب وأمن وسلامة الملاحة البحرية خوفا من أي زعزعة من جهة محور إيران، فقد عززت السعودية قواتها في محافظة المهرة المتاخمة لسلطنة عمان وسواحلها، ناهيك عن بدائل أخرى في محافظة عدن وشبوة، تحديدا تصبح من مهام طارق.
وأشار القيادي الجنوبي إلى أن نهاية الاتفاق هي التعثر والفشل، والبدائل ستكون تحالف جديد باتجاه رسم علاقة جديدة مع قوى النظام السابق “صالح”، لكنه تحالف محفوف بالمخاطر وسينتج صراعا جديدا في الجنوب سيصل حد المواجهة مع طارق، ولعل الاشتباكات التي تدور أحيانا هنا وهناك، هي مقدمة هذا الصراع ولا يمكن أن ينتهي حتى وإن أنهت الشرعية دور التحالف، أو تمت التسوية بإخراج الشرعية، دون الاعتراف بالقضية الجنوبية لا يمكن فرض الوحدة بين الشمال والجنوب بالقوة، لأن المتغيرات وتوازنات القوى ليست في عهدها السابق.
تداعيات خطيرة
قال عبد العزيز الجباري، مستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إن الشرعية قامت بتنفيذ الكثير من بنود اتفاق الرياض، وفي المقابل لم ينفذ الطرف الآخر أي من تلك البنود ورغم مرور الأسابيع والشهور، إلا أن الحرس الرئاسي لم يعد إلى عدن حتى الآن، وحمّل السعودية المسؤولية الكبرى بشأن عملية التنفيذ وإلا ستكون التداعيات خطيرة.
وأضاف مستشار هادي في مقابلة سابقة مع “سبوتنيك”، من خلال المتابعة والإشراف على تنفيذ هذا الاتفاق والإخفاقات المتكررة، تولد لدي تشاؤم بشأن تنفيذ اتفاق الرياض، كنا نأمل التنفيذ حتى ولو كان هناك خلاف في وجهات النظر، لكن الآن وبعد أن تجاوزنا المدد المحددة لتنفيذ البنود الواردة في الاتفاق، يبدو أن هناك تعثر وقد لا يتم تنفيذ اتفاق الرياض.
وأشار الجباري إلى أن عدم تنفيذ الاتفاق يعني دخول اليمن في متاهة أخرى، وتقع المسؤولية الكبرى على السعودية بصفتها المشرف على هذا الاتفاق، وعليها أن تضغط على الأطراف من أجل التنفيذ الحرفي لهذا الاتفاق، وغير ذلك سيكون الخطر كارثي بالنسبة لليمنيين والمشرفين على الاتفاق.
التصعيد العسكري
كانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقعا، برعاية سعودية، في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفاق الرياض لإنهاء التوتر والتصعيد العسكري بينهما على خلفية سيطرة قوات المجلس على العاصمة المؤقتة عدن في العاشر من أغسطس/آب الماضي، عقب مواجهات دامية مع الجيش اليمني استمرت أربعة أيام وأسفرت عن سقوط 40 قتيلاً و260 جريحاً. بحسب الأمم المتحدة.
وينص الاتفاق على “مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب جماعة أنصار الله “الحوثيين” على الشرعية اليمنية.
ويحدد الاتفاق، في ترتيباته السياسية، تشكيل حكومة كفاءات لا تتعدى 24 وزيرا بالمناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، يعينهم الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية خلال 30 يوما من توقيع الاتفاق على أن يؤدي أعضاؤها القسم أمام الرئيس في اليوم التالي بعدن، وهي المهلة التي انتهت بالفعل دون تنفيذ ذلك.
التحالف العسكري
كما ينص على عودة جميع القوات – التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس/آب الماضي- إلى مواقعها السابقة، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوما.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها جماعة “أنصار الله” أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة “أنصار الله” هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.