تمتد المسيرة العسكرية للواء الركن ناصر علي عبدالله صالح الذيباني (مواليد عام 1968م) إلى أكثر من 34 عاما، تعود بداياتها من التحاقه بالخدمة في القوات المسلحة عام 1986م، الفترة التي شهدت ما يعرف بحروب المناطق الوسطى التي خاضتها الدولة ضد “الجبهة الوطنية”، ودارت بعض معاركها في مسقط رأسه بمنطقة الرضمة محافظة إب.
ترك الشاب ناصر منحة حصل عليها للدراسة في كلية الطب واتجه نحو أبواب المعسكر لأداء الواجب الوطني مستندا إلى مسيرة نضالية ووطنية عريضة سطرتها أسرته إلى جانب الدولة وإلى صف الجمهورية، ليخوض أولى المعارك التي لا يزال إلى اليوم يسجل حضوراً في صفوفها الأولى، ويقف بشجاعة على التماس بما يمتلك من خبرة ميدانية متراكمة، ومؤهلات أكاديمية عليا. المعركة الأولى خاض غمارها حين كان أحد طلبة الكلية الحربية.
يقول الذيباني، وهو أحد أبرز ضباط الحرس الجمهوري (سابقا): إنه اختار الخدمة العسكرية بدوافع المشاركة إلى جوار أسرته وأبناء منطقته ممن وقفوا في صف الجمهورية وخدمة وطنه ومجتمعه، وهو اليوم يخوض ويقود ذات المعركة دفاعاً عن الثورة والجمهورية، وها هو يجلس اليوم على مكتب رئيس هيئة العمليات الحربية بوزارة الدفاع، ويتحدث إلى صحيفة “26 سبتمبر” في هذا اللقاء:
شارك الذيباني في معركة الدفاع عن الوحدة عام 90م، وحصل على وسام الواجب، ليشارك بعدها في معارك مواجهة المشروع الإمامي والإيراني ضمن ألوية الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية في الحروب الـ6 التي خاضتها الدولة في عهد الرئيس السابق علي صالح ضد الحوثيين في صعدة وأطراف عمران وصولاً إلى بني حشيش على مشارف العاصمة صنعاء.
خلال فترة ما بعد 2011م عمل الذيباني في دائرة الاستخبارات العسكرية، لينتقل بعد ذلك إلى عدن بعد صدور قرار تعيينه في منصب رئيس لأركان اللواء 31 مدرع ضمن جملة تعيينات أصدرها الرئيس هادي (17 مارس 2014م)، وعقب سقوط صنعاء بيد مليشيا الحوثي وتمددها في مناطق ومحافظات البلاد وصولا إلى عمق مدينة عدن ومغادرة الرئيس هادي قصر معاشيق، غادر العقيد الذيباني المدينة متوجهاً إلى محافظة مأرب.
وفي مأرب شهد الذيباني وشارك في تشكل البدايات الأولى لمقاومة الزحف الحوثي رفقة عدد من الضباط الأحرار من مختلف مناطق اليمن، وكانت مطارح قبائل مأرب حاجز الصد أمام المليشيا وكابح جنونها على حدود المحافظة.
ثم كان أحد أعضاء غرفة العمليات المشتركة التي تم تشكيلها في مأرب لترتيب وضع المقاومة وإدارة المواجهة والتخطيط لها، هذه الغرفة تشكلت في ظروف الحرب لتنسيق وتوحيد المقاومة بين رجال القبائل الذين حملوا السلاح ووحدات الجيش والأمن التي انحازت إلى صف الشرعية، تحت إشراف السلطة المحلية في المحافظة والمحافظ سلطان العرادة وقوات الجيش والأمن، ومجموعة من ضباط الحرس. بدأت الخطط للدفاع عن مأرب ومنع سقوط صرواح وكوفل بيد الحوثي، ثم انتقلت إلى استراتيجية المواجهة، وقد كانت شرارتها الأولى في منطقة حريب، ثم الجدعان. كان الذيباني نائبا لقائد تلك المعارك.
نكث الحوثيون بوثيقة صلح قبلية تم توقيعها تضمنت عدم دخول الحوثي صرواح، لتندلع بعدها معارك عنيفة، وبعد ثلاثة أشهر من المواجهة تمكن العدو من السيطرة على صرواح وجبال هيلان والتقدم إلى معسكر كوفل، تساقطت بعض الوحدات العسكرية أمام الحوثي مثل غيرها من الوحدات التي لم تقاوم في بقية المناطق العسكرية.
خلال تلك الفترة بدأت نواة الجيش الوطني بالتشكل لتضم الوحدات التي ظلت ثابتة، والرجال الذين توافدوا من كل أنحاء الوطن، وانخرطوا في صفوف الجيش والمقاومة.
وعقب وصول قوات التحالف إلى مأرب للمشاركة في مواجهة بعض الاختراقات الحوثية للمحافظة عبر بعض الخيانات، تولى الذيباني مهمة إدارة معركة صرواح قبل تعيينه قائداً للواء 133.
عاصفة غير متوقعة
عند انطلاق عمليات عاصفة الحزم للتحالف العربي الداعم للشرعية بقيادة السعودية كانت المقاومة المشتركة تخوض المواجهات مع الحوثي في نقطة الجميدر القريبة من معسكر ماس، وتهاجم العدو في منطقة حلحلان في مأرب.
يقول اللواء الذيباني أنه تفاجأ بالغارات الجوية للتحالف، ولم يكن يتوقع حدوث تدخل عسكري، قامت مقاتلات العاصفة يومها بقصف مواقع الحوثي في معسكر ماس، أحد أكبر معسكرات الحرس الجمهوري، ويشير إلى أنه استبشر مثل غيره بقدوم الأشقاء ورفقاء السلاح ووصول السند العسكري.
ويعبر عن الشكر للتحالف على ما قدموه، “ونأمل منهم المزيد والتركيز على الخطة الاستراتيجية للقوات المسلحة والمضي نحو دعم وتحقيق الهدف المشترك”.
إنجازات كبيرة وزمن قياسي
يرفض اللواء الذيباني التقليل من الإنجازات العسكرية التي حققها الجيش الوطني في مأرب خلال الفترة الماضية، منتقداً حملات التشويه والتضليل التي تستهدف قيادة وأبطال القوات المسلحة.
ويؤكد أن ما تحقق من انتصارات هو إنجاز كبير في زمن قياسي وظروف استثنائية. ويضيف: “في بداية المعارك تم تنفيذ عملية عسكرية خلال شهر فقط، ووصلنا إلى فرضة نهم بصنعاء, جئنا من منطقة العبر وقطعنا كل هذه المسافة, ولا يعني أننا مشينا بسلام, وتم تصفية بعض الجيوب في مأرب، ثم صرواح، ثم التقدم نحو الجوف، وخلال يومين أو ثلاثة تم تحرير مدينة الحزم. ثم تحرير شبوة والبيضاء، وبعد ذلك حدثت ظروف وعوامل اقتضت فتح محاور جديدة في ميدي وغيرها, بهدف التقدم نحو الحديدة وتضييق الخناق على الحوثي، والوصول إلى ميناء الحديدة ومحاصرة العدو، وتضييق شرايين إمداداته ودعمه.. بعد ذلك تم فتح محور الجوف ومحور حرض.. ثم بعد ذلك جبهات تعز والضالع والبقع والحديدة.. هذا كله أضاف أعباء كثيرة، وتحتاج إلى قوة بشرية أكبر وعتاد وتموين.. لكن للأسف لا تتوفر الاحتياجات اللازمة للحسم، إضافة إلى تغير الاستراتيجية العسكرية وتعدد الخطط”.
جيش لكل أبناء الجمهورية
يعتبر اللواء ناصر الذيباني ما تحقق ضمن جهود إعادة بناء القوات المسلحة إنجازاً كبيراً، مثمنا دعم ورعاية فخامة رئيس الجمهورية المشير الركن عبدربه منصور هادي، ونائبه الفريق الركن علي محسن صالح، وجهود رئيس هيئة الأركان السابق، وزير الدفاع الفريق الركن محمد علي المقدشي الذي كان ولا يزال سباقا في العمل على إعادة تأسيس وبناء المؤسسة العسكرية منذ اللحظات الأولى، والأخوة في التحالف لهم دور في الدعم والاسناد.. مضيفا: “تم إعادة إنشاء ألوية ومناطق عسكرية، وإنشاء هيئات ودوائر وزارة الدفاع في ظروف ليس فيها بنية تحتية، وليس فيها مبنى ولا مركز تدريبي، ولا توجد مقومات العمل، واستطعنا تعزيز البنية التحتية، وإنشاء مراكز التدريب لإعداد وتأهيل الجندي المقاتل المحترف والاستمرار في العمل القتالي, يعني المعركة تستمر مع العدو في الميدان، وتستمر جهود البناء والإعداد، وتتم خلال فترات وجيزة”.
ويستطرد: “مثلاً المنطقة العسكرية السابعة تشكلت في ظرف حرب، عندما صدر قرار جمهوري بتعيين اللواء صالح المقدشي في 2016م قائدا للمنطقة لم يكن لديه إلا خيمة، ومن بعده جاء اللواء إسماعيل زحزوح، ثم جئت أنا، وكنا ندير المنطقة من كهف صغير، اليوم الوضع أفضل والبنية التحتية تتوفر”.
يضيف أيضاً: “أصدر الأخ رئيس الجمهورية في نهاية 2015م قراراً بتشكيل الجيش الوطني، ودمج المقاومة في القوات المسلحة، وبدأ التشكيل العسكري، وتشكيل ألوية ومحاور ومناطق، وعندما زار الأخ رئيس الجمهورية مأرب قام بزيارات وحدات رسمية نظامية من القوات المسلحة تمثل الجيش اليمني فيها من أبناء حضرموت والمهرة وسقطرى وأبين وعدن والضالع, ومن أبناء صعدة المحاصرة ومن حجة وكل مناطق الجمهورية اليمنية.. أصبح اليوم الجيش اليمني ليس فيه نزعة أو لون، جيش وطني يمثل كل أبناء الوطن”.
دمج المقاومة وتوحيد العمليات
فيما يتعلق بتنفيذ قرار دمج المقاومة في الجيش يؤكد الذيباني أنه تم دمج المقاومة في الوحدات والألوية العسكرية، حيث تم إعادة تشكيلها في سرايا وفصائل ومجموعات قتال، وتشكيل وحدات، ثم تشكيل قيادة المنطقة، وتم تأهيل القادمين من المقاومة بقرارات عسكرية، وتلقوا حصصاً متكاملة في مهارات الميدان ودورات التأهيل مستمرة.
ويضيف: “صحيح هناك بعض العراقيل، بعضها في المنطقة العسكرية الرابعة، لكن هذا جانب سياسي رغم أن المنطقة نفذت قرار الدمج في بعض الوحدات.. وهناك أيضا موضوع الأحزمة والتشكيلات الأخرى، وبعضها نص اتفاق الرياض على دمجها”.
وحول توحيد القيادة والعمليات العسكرية للمناطق العسكرية يقول اللواء الذيباني: إن قيادة العمليات في المناطق قيادة موحدة من حيث المواد والتعليمات والسيطرة واحدة، لكن هناك بعض المشاكل الناتجة عن البعد الجغرافي، وعدم توفر بعض وسائل الاتصالات الآمنة، وتعثر بعض خطوط الإمداد والتنقل.
ثقة النصر
يبدي اللواء ناصر الذيباني ثقته في النصر، وأن صنعاء ستعود حرة لجميع أبناء اليمن، وأن كل قائد وكل جندي في صفوف الجيش الوطني على يقين تام بأنه سينتصر.
داعيا الأبطال المرابطين بالجبهات لمزيد من الثبات والتضحية، وتجميع القوة لتحرير ما تبقى من تراب الوطن، وإن كان ينقصهم الإمكانات وتنقصهم المرتبات.
كما يؤكد أن باب الجيش الوطني مفتوح أمام العسكريين والضباط في مناطق سيطرة الحوثي، وأن الجيش ليس حكرا على أحد، وعليهم المشاركة في معركة الكرامة والتحرير واستعادة الجمهورية. ويحث العسكريين على الحفاظ على المؤسسة العسكرية وهيبتها ووحدتها، وعدم الانخراط في أي اتجاه سياسي، أو أي مسمى مليشاوي، والحفاظ على الزي والعهد الذي قطعوه للقوات المسلحة.
ويؤكد ليس بيننا وبين الحوثي ومن يقف في صفه إلا البنادق”.
أرواحنا فداء للوطن
يؤكد اللواء الذيباني أن تواجده المستمر في خطوط التماس وحضوره البارز في المعارك ينطلق من دوافع وطنية، ومن طبيعة عمله في العمليات الحربية، وقبلها مديراً لدائرة العمليات المعنية بالإشراف على العمل العسكري والمهام القتالية. وحول مخاطرته بنفسه في المعارك يقول: “هذا واجبي، حضوري كقائد مع زملائي القادة ومع قادة الوحدات المقاتلة في الصفوف الأولى هو واجب، ليست نشوة وليست حبا في الظهور.. واجبي يفرض أن أكون مع كل جندي وكل مقاتل في الصف الأمامي، لقيادة المعارك والمشاركة فيها وليس للاستطلاع فقط.. نحن نتواجد في المواقع الأمامية حين يتطلب الأمر، مثلما نتواجد في غرف القيادة للإشراف والمتابعة”.
ويضيف: “أرواحنا ودماؤنا فداء للوطن، ليست أغلى من دماء زملائنا ورفاقنا الذين ضحوا بأنفسهم وسبقونا ونالوا شرف الشهادة”.
علم واحد وراية واحدة
ويناشد اللواء الذيباني رئيس الجمهورية ونائبه ووزير الدفاع اللازم لتقديم مزيد من الدعم وتوحيد المؤسسة العسكرية وتنظيمها والعمل على تمكين القوات المسلحة من مهامها الكاملة كي لا يبقى علم يرفرف سوى علم القوات المسلحة وعلم الجمهورية اليمنية الذي يهتف الشعب كل يوم بالنشيد الوطني، ويرفع العلم في كل إشراقة شمس، وأن يبقى العلم علم واحد للجمهورية اليمنية، وراية واحدة للقوات المسلحة وقيادة واحدة ومؤسسات يقودها رئيس الجمهورية.
ســـيرة ذاتــيـة
– ناصر علي عبدالله صالح الذيباني.
– مواليد 1968م، مديرية الرضمة، محافظة إب.
– تلقى دراسته الأساسية في الكويت، ثم عاد لاستكمال دراسته الثانوية في مدينة النادرة في محافظة إب.
– التحق بالخدمة في القوات المسلحة عام 1986م.
– التحق بالكلية الحربية عام 1986.
– حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة صنعاء.
– حاصل على الماجستير من كلية القيادة والأركان بجمهورية السودان.
– حاصل على شهادة الزمالة من الأكاديمية العسكرية في صنعاء كلية الدفاع الوطني.
* المناصب والأعمال:
بعد تخرجه من الكلية الحربية انتقل للخدمة في الشرطة العسكرية وعمل قائد سرية, ثم نائب القائد للشؤون الفنية، ثم انتقل للعمل في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ثم انتقل للعمل في الاستخبارات العسكرية.
– عين رئيساً لأركان حرب اللواء 31مدرع- عدن.
– عين قائداً للواء 130.
– عين قائدا لجبهة صرواح.
– عين قائداً للواء 133.
– مدير دائرة العمليات الحربية.
– قائد المنطقة العسكرية السابعة.
– نائب رئيس هيئة العمليات الحربية.
– رئيس هيئة العمليات الحربية.
* الدورات:
حاصل على: دورة قادة سرايا.. دورة قادة كتائب في معهد المشاة (معهد الثلايا) في عدن.. دورة قادة كتائب في قوات الأمن المركزي سابقاً.. دورة ضباط الحرس الجمهوري (أول دورة).. دورة صاعقة.. دورة مظلات.. دورة أمن وحماية.. دورات في حقوق الإنسان.
– حاصل على وسام الواجب في عام 94م، وشهادات تقديرية من رئيس الأركان، وشهادات تقديرية من الوحدات العسكرية.