المحكمة العسكرية في المنطقة العسكرية الثالثة والسابعة بدأت منذ فترة قصيرة بالنظر في عدد من القضايا، وبمجهود شخصي، فعلى الرغم من أهمية عملها إلا أنها تعمل دون دعم ولا حتى مقر يمكنها من أداء أعمالها على أكمل وجه.
في الحوار التالي يتحدث رئيس المحكمة العسكرية في المنطقة الثالثة والسابعة القاضي عقيل تاج الدين حول عدد من القضايا ذات الصلة.
بدايةً لو تعطينا نبذة مختصرة عن القضاء العسكري واختصاصه ومهامه.
القضاء العسكري هو جزء من الجهاز القضائي في الجمهورية اليمنية، وقضاء الحكم فيه يتكون من سبع محاكم: ابتدائية ومحكمة استئنافية، بالإضافة إلى الدائرة العسكرية بالمحكمة العليا، وقضاء التحقيق- النيابة العامة العسكرية- التي يتولاها المدعي العام العسكري (مدير دائرة القضاء العسكري)، ويعاونه عدد من أعضاء النيابة العامة.
أما اختصاص القضاء العسكري فهو قضاء جنائي يختص بالفصل في جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون الجرائم والعقوبات العسكرية وفقا للمادة (49) من القرار الجمهوري بالقانون رقم (7) لسنة 1996م بشان الإجراءات الجزائية العسكرية، وبالرجوع إلى القانون رقم (21) لسنة1998م، بشان الجرائم والعقوبات العسكرية يتضح أن الباب الثالث منه بعنوان الجرائم والعقوبات العسكرية، وهو مكون من أربعة عشر فصلاً كل فصل يتضمن نوعاً من أنواع الجرائم العسكرية على النحو التالي:
الفصل الأول: الجرائم المرتبطة بالعدو.
الفصل الثاني: جرائم الأسر وإساءة معاملة الأسرى.
الفصل الثالث: جرائم الحرب.
الفصل الرابع: جرائم الفتنة.
الفصل الخامس: جرائم مخالفة واجبات الخدمة والحراسة.
الفصل السادس: جرائم النهب والتبديد والإتلاف.
الفصل السابع: جرائم السرقة والاختلاس والتزوير.
الفصل الثامن: جرائم الاعتداء على القادة وعدم إطاعة الأوامر.
الفصل التاسع: جرائم إساءة استعمال السلطة.
الفصل العاشر: الجرائم المتعلقة بالخدمة العسكرية.
الفصل الحادي عشر: الجرائم المتعلقة بالمحبوسين.
الفصل الثاني عشر: الجرائم المتعلقة بالمحاكم العسكرية.
الفصل الثالث عشر: جرائم الإخلال بمقتضيات النظام العسكري.
الفصل الرابع عشر: جرائم القانون العام والقوانين الأخرى. وهذا الفصل مكون من مادة واحدة هي المادة (71)، وهذه المادة قد أدخلت جميع الجرائم المنصوص عليها في جميع قوانين الجمهورية اليمنية ضمن الجرائم العسكرية التي تدخل ضمن الاختصاص النوعي للقضاء العسكري إذا توفرت فيها الشروط التالية:
ان ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكام قانون الجرائم والعقوبات العسكري (العسكريون) على أن يتوفر فيها أحد المعايير التالية: المعيار المكاني، كأن تقع الجريمة في أحد الأماكن، أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة، كقاعدة عسكرية أو موقع عسكري أو معسكر أو ثكنة أو مؤسسة أو مصنع أو سفينة أو طائرة أو مركبة أو أو.. إلخ.
اما المعيار الثاني: المصلحة، أي: أن الجريمة وقعت على مصلحة تابعة للقوات المسلحة من معدات ومهام وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار. فيما المعيار الثالث: الوظيفة، أي: أن يكون أحد أو بعض العسكريين قد ارتكب الجريمة بسبب تأديتهم تكليف صادر ممن يملكه قانونا أو أن يكون قد ارتكبها ضدهم عسكريون.
متى بدأتم العمل في المحكمة والنظر في القضايا المطروحة؟
تم تعييني رئيساً للمحكمة العسكرية بالمنطقة الثالثة بالقرار الجمهوري رقم 46 لسنة 2019م بتاريخ 21 رجب سنة 1440هـ الموافق 28 مارس سنة 2019م، ومن ثم تم ندبي للنظر في قضايا المحكمة العسكرية السابعة بقرار مجلس القضاء الأعلى رقم (9) لسنة 2019م المؤرخ 12 ربيع الأول سنة 1441هـ الموافق 11/11/2019م، وخلال شهر يوليو الماضي من العام الجاري بدأنا النظر في قضايا المحكمة العسكرية بالمنطقة الثالثة، وفي بداية الشهر الجاري بدأنا النظر في قضايا المحكمة العسكرية للمنطقة السابعة.
هل يعني أن القضاء العسكري قضاء مستقل مالي وإداري أم أن هناك من تدخل لأي شخصية في شؤونه؟
القضاء العسكري جزء من الجهاز القضائي في البلاد، وهو مستقل لا سلطان عليه، والتدخل في شؤون القضاء جريمة يعاقب عليها القانون.
أما بشأن الاستقلال المالي فهو مستقل إلى درجة أنه يعمل بلا مال!
ما نوع القضايا المعروضة عليكم؟ وهل ما يقال عن محاكمة عصابات تابعة لمليشيا الحوثي شملت محاكمة أبرز قيادات الحوثي وعلى رأسهم زعيمهم عبد الملك الحوثي؟ وهل القضاء العسكري مختص بذلك؟
كما بينا سابقا أن القضاء العسكري قضاء جنائي متخصص في الجرائم العسكرية، والقضايا المعروضة علينا قضايا جنائية عسكرية متهم فيها أشخاص بالقتل وجرائم اختلاس أموال تابعة للقوات المسلحة، وغيرها من الجرائم العسكرية، بالإضافة إلى قضايا تتضمن اتهام أشخاص بتشكيل خلايا تابعة للمليشيا الحوثية لتفجير عبوات ناسفة في أفراد وضباط القوات المسلحة، والتخابر مع العدو.
وفي إحدى هذه القضايا تم تقديم طلب تصدي (182) شخصاً في مقدمتهم عبدالملك الحوثي، ومازالت القضية قيد النظر، ولم يتم الفصل في طلب التصدي حتى الآن، وقد تمكنا بعون الله من الفصل في عدد لا بأس به من القضايا.
كم عدد المحاكم العسكرية التي تعمل حالياً في إطار الشرعية؟
إضافةً إلى عملنا في المنطقتين الثالثة والسابعة، ومن خلال تواصلنا بالأخ رئيس محكمة المنطقة العسكرية الخامسة أكد لنا أنهم بدأوا العمل.
ما أبرز العوائق التي تواجهكم في عملكم؟
العوائق لدينا كثيرة جدا جدا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: أولاً لا يوجد لدينا مبنى خاصا لأي من المحكمتين، سوى غرفة صغيرة جعلنا منها قاعة للجلسات، كما لا توجد مكاتب حتى تنظم العمل في المحكمة، فضلاً عن عدم وجود أي أثاث مكتبي لمباشرة العمل الإداري.
ولأنه لابد من اجتماعات للموظفين فلا يوجد مقراً يجتمعون فيه لممارسة أعمالهم، وحتى إن السجلات لم تصلنا إلا مؤخراً تمت طباعتها على نفقة دائرة القضاء العسكري.
ومن بين العوائق: لا توجد نفقة تشغيلية لأي من المحكمتين، ولا توجد وسيلة مواصلات لا لرئيس المحكمة ولا الموظفين.
كما أن الموظفين حديثين، فكنا قد أعدينا برنامجا لعمل دورة توعوية لهم، ولكننا لم نتمكن من عقد الدورة لعدم توفر الدعم اللازم لذلك، بالإضافة إلى أن الموظفين مازالوا مرتبطين بوحداتهم العسكرية، ولم يتم تفريغهم للعمل في المحكمتين.
ومن بين عوائق عملنا التباطؤ في تنفيذ القرارات من قبل النيابة بسبب عدم توفر الإمكانات المادية لديهم.
والخلاصة لذلك نحن ومعي ثلاثة موظفون فقط نعمل بمجهود شخصي، وحتى اليوم لم يقدم لنا أي دعم من أي جهة كانت، سواء من مجلس القضاء، أو من وزارة الدفاع، أو من وزارة العدل، ولا حتى من المحافظة.
هل من كلمة أو رسالة أخيرة تودون قولها؟
ما أريد قوله هو: أن المعركة التي تخوضها بلادنا هي معركة حقوق، لكن مع الأسف فإن الجانب الحقوقي والقانوني مهمل رغم أهميته في ظل الظروف الراهنة.. والمطلوب من الحكومات هو حفظ الحقوق، قال الله تعالى في الآية (26) من سورة هود: (يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق).. والقضاء في كل الشرائع وفي كل التشريعات هو الجهاز المعني بحماية وحفظ الحقوق، ولا شك أن تفعيل دور القضاء يجعل الناس يسلكون سبيل القضاء لحماية حقوقهم، ورفع المظالم عنهم، ويتخلون بذلك عن طريق أخذها بالقوة والعنف أو الثأر والانتقام، فكلما وجد القضاء لجأ الناس إليه بدلا من القبيلة أو العشيرة، كما أنه كلما كان القضاء قوياً كان أقدر على تحقيق العدالة.
وعليه فإننا نطلب من القيادة السياسية والعسكرية الاهتمام بالقضاء، سواء العسكري أو المدني، وتفعيله ليقوم بدوره على أكمل وجه.