منذ بدء الحرب على اليمن شهد قطاع الاتصالات والإنترنت في البلاد تحوّلات عدة، كان أهمها انتشار الشبكات اللاسلكية لإعادة بيع الخدمة تجارياً في معظم المناطق وقد ترافق مع التدهور الكبير للقطاع جرّاء القصف المستمر لطائرات التحالف.
وأخيراً أصدرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في صنعاء (يديرها الحوثيون) قراراً بحظر إعادة بيع “خدمة الاتصالات والإنترنت الثابت”، بعد قرارات عدة تمنع إعادة البيع من دون ترخيص من “المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية”، وتستند إلى قانون الاتصالات رقم (38) لسنة 1991، وتعديلاته في القانون رقم (33) لسنة 1996، وإلى قرارات الحكومة بشأن الاتصالات السلكية واللاسلكية الصادرة في 2018.
ويرى ملّاك الشبكات أن تلك الخطوة غير قانونية وتسعى إلى قطع مصادر الدخل لديهم، لأن آخر تعديل على قانون الاتصالات أواخر التسعينيات كان قبل إدخال شبكة الإنترنت إلى اليمن.
مظاهر اختلال
يقول مدير الإعلام في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، محمد صلاح أبو نائف، إن “الوزارة بإجراءاتها التصحيحية لم تستهدف فئات أو أشخاصا، بل سعت للقضاء على مظاهر الاختلالات التي شهدها قطاع الاتصالات خلال السنوات الأخيرة”.
ويضيف أبو نائف، أن “قرار الوزارة يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية القطاع ومنع التشويش والأضرار المباشرة التي تسبب بها انتشار الأجهزة العشوائية وأجهزة التشويش وأدت إلى إضعاف الخدمات والتأثير على مصالح المواطنين والشركات”.
وكانت وزارة الداخلية في صنعاء أصدرت توجيهاً بإزالة كافة أجهزة الميكروويف المخالفة وغير المرخصة، وإلزام المصارف ومحلات الصيرفة وشركات الخدمات المالية مع الجهات الحكومية باستخدام الشبكة الوطنية الآمنة التي تقدمها المؤسسة العامة للاتصالات في عملية الربط الشبكي وإرسال البيانات.
فشل رسمي
يقول أمين عام “النقابة الوطنية للشبكات”، المهندس علي البدوي، إن “مصادرة ممتلكات الشبكات من قبل وزارة الاتصالات كان دافعها الحقد، وليس الحرص على مصلحة المؤسسة أو الإيرادات”.
ويضيف البدوي في حديثه: “إذا ما توفرت الشبكة الوطنية فلن يتم استخدام هذه الأجهزة من قبل الشبكات، وإذا ما توفرت خدمة المؤسسة للمواطن ستختفي خدمات الشبكات اللاسلكية تلقائياً. فوجود الشبكات اللاسلكية كان بسبب فشل المؤسسة في تقديم الخدمة للمواطنين كلهم”.
وعن ذلك، يوضح أبو نايف أن “المؤسسة العامة للاتصالات وضعت العديد من الخيارات لمواجهة الطلب المتزايد للخدمة، لتوفيرها وإتاحتها لطالبيها وإيصالها للمستخدمين بجودة مناسبة وفي الوقت المناسب، بما فيها المناطق الريفية”.
وكانت الوزارة لجأت في وقت سابق إلى رفع أسعار الباقات، كإجراءات أولية لمحاربة ملّاك الشبكات، حسبما أشار المهندس رشيد أحمد، وهو مالك شبكة تجارية. ويقول أحمد لـ “العربي الجديد”: “عندما وجد المسؤولون في الوزارة أن هذه الخيارات لم توقف الشبكات رغم أن الزيادة في القيمة كانت بنسبة 130 في المائة، اتخذوا قرار الحظر”.
فيما يقول أبو نايف إن “ما حصل في إعادة هيكلة وتوزيع باقات سوبر نت الجديدة شمل تخفيضا للمستخدمين للخدمات بشكل مباشر، بينما النسبة الطفيفة للرفع اقتصرت على الفئتين أربعة وثمانية ميغا، نظراً لاستخداماتها متعددة الأغراض”.
خطوة تصحيحية آنية
ويرى مدير الإعلام في الوزارة أن هذه القرارات “تمثل خطوة تصحيحية آنية ومهمة جداً، للحد من تحوّل سوق الاتصالات إلى ما يشبه الفوضى والعبث، وقد كان في طريقه إلى ذلك، وهو ما يمكن أن ينتج عنه انتهاكات صارخة تمس المواطن والدولة معاً”.
وقدمت النقابة الوطنية، أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، شكوى إلى النائب العام نبيل العزاني، عن اتهام وزير الاتصالات في حكومة الإنقاذ، مسفر النمير، لملاك الشبكات بالتجسس على المواطنين وتشبيههم بتجار السوق السوداء وبائعي الممنوعات.
ويؤكد أبو نايف قائلاً: “هذه الخطوة تستهدف تنظيم وإدارة قطاع الاتصالات التي تعد تردداتها ذات حساسية عالية ولا بد من إدارتها وتنظيمها”، فيما يقول المهندس نبيل الحداد إن تلك الأجهزة تؤثر على شبكات الاتصالات الهاتفية اللاسلكية.
ويرى الحداد أن على الوزارة اتخاذ إجراءات مناسبة لا تضر بالمستخدم ومن دون قطع مصدر دخل بائع الخدمة، بل “يجب وضع الحلول الوسطية التي تساهم في تحسين الخدمة من دون أي أثر سلبي”.