تواصل مليشيا الحوثي الانقلابية انتهاكاتها ضد المختطفين في سجونها بشكل مكثف بالتزامن مع المظاهرات التي تشهدها العراق ولبنان وإيران التي أرعبت المليشيا الحوثية، وجعلتها أكثر اضطراباً في التعامل مع المعتقلين لديها وتخويف المدنيين من مغبة التظاهر ضدها.
وبعد أن امتلأت السجون العامة بالمختطفين حولت المليشيا الإجرامية أقسام الشرطة إلى معتقلات، كما عملت كذلك مع المنشآت والمباني العامة والمنشآت الرياضية والصحية والتعليمية، والتي جعلت منها المليشيا أماكن للاحتجاز والإخفاء والتعذيب.
كما تتوسع سجون المليشيا وتتمدد على طول مناطق سيطرتها، حيث كشفت تقارير حقوقية عن تزايد أعداد السجون والمعتقلات في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، خصوصا في العاصمة صنعاء.
ووفقا لتلك التقارير، فإن مليشيا الحوثي تدير 203 سجون، بينها 78 ذات طابع رسمي، و125 معتقلاً سرياً، إضافة إلى استحداث سجون سرية خاصة في بدرومات المؤسسات الحكومية، كما هو الحال مع اللجنة العليا للانتخابات التي نقلت المليشيا إليها مئات المختطفين، فضلاً عن احتجازها مئات المدنيين في أربعة مواقع عسكرية.
وطبقا لتقارير حقوقية، فإن مليشيا الحوثي حولت بعض المساجد والمعالم السياحية والأندية الرياضية إلى معتقلات يحتجزون فيها خصومهم السياسيين والإعلاميين والنشطاء الحقوقيين، فيما تشير إحصائيات حكومية إلى أن عدد المختطفين والمحتجزين بلغ 14 ألف شخص في سجون المليشيا، بينهم سياسيون وكتاب صحفيون ومدونون بشبكات التواصل الاجتماعي.
ومنذ ثلاثة أعوام، يتعرض المختطفون والمعتقلون في سجون المليشيا الحوثية للتعذيب الوحشي الذي أودى بحياة 171 منهم، وفقاً لإحصائيات أخيرة.
ويرى ناشطون وحقوقيون، أن الصمت الأممي، وخذلان المنظمات المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان لقضية المختطفين في سجون مليشيا الحوثي، هو السبب الرئيسي لتمادي المليشيا في قسوة التعذيب ضد المعتقلين، وممارسة شتى الانتهاكات بحقهم.
وتسعى مليشيا الحوثي إلى التكسب من وراء تعذيب المختطفين وإخفائهم في غياهب معتقلاتها السرية، وذلك من خلال ابتزاز أهالي المختطفين والمخفيين قسراً بدفع مبالغ مالية باهظة، من أجل الوصول إلى معلومات عن ذويهم المخفيين.
ويتجلى خوف المليشيا الحوثية من التظاهرات من خلال تشديد قبضتها الأمنية في صنعاء، بعد أن وجدت نفسها غير قادرة على الصمود فترة طويلة.
وكان آخر تلك الأنشطة، هو الوقفة التي نظمتها رابطة أمهات المختطفين، الأحد الماضي، أمام مبنى المفوضية السامية بصنعاء، حيث رفعت عشرات الأمهات وشقيقات المختطفين والمخفيين قسراً في سجون المليشيا الانقلابية، يافطات تطالب بإطلاق سراح المختطفين والمخفيين قسرًا في سجون المليشيا الحوثية.
وأشار بيان رابطة أمهات المختطفين؛ إلى «وجود أكثر من 1800 مختطف ومخفي في سجون المليشيا الحوثية، منهم 450 مرت عليهم أربع سنوات».
وطالبت أمهات المختطفين، منذ تأسيس رابطتهن عام 2014م، المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية بأن «تكون عونًا لجهودهن في إطلاق سراح أبنائهن، أو على الأقل تخفيف وطأة التعذيب عن أبنائهن المختطفين والمخفيين»، في ظل تماهي وصمت من قبل المنظمات الدولية، وفي مقدمتهن المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
كما ناشدن في بيانهن الأخير، «كافة اليمنيين بالسعي مع أمهات المختطفين والمخفيين قسراً لإنقاذ أبنائهن، وإطلاق سراحهم، والضغط الفردي والجماعي، إعلامياً وحقوقياً واجتماعياً وقانونياً حتى الإفراج عنهم دون قيد أو شرط».
وأوضح البيان أن «المختطفين والمخفيين قسراً حرموا من إكمال حياتهم العلمية وتفرقت عائلاتهم، ناهيك عما طالهم من التعذيب وأصابتهم الأمراض، وباتت الأخطار تحدق بحياتهم دون حماية، فيما أسرهم وذويهم ينتظرون بصبر وأمل أن تنتهي هذه المعاناة التي حرمتهم طعم الحياة وفرقت شمل عائلاتهم».
وأمام مقرات أجهزة الاستخبارات، ومباني السجون التابعة للمليشيا، وكذلك مقرات المنظمات الدولية العاملة في اليمن، كان وما يزال صوت «رابطة أمهات المختطفين» مرتفعاً ومقلقاً للمليشيا التي لم تتوان في العديد من المرات عن الاعتداء على المتظاهرات، وتمزيق اليافطات التي كانت بأيديهن، فضلًا عن حرمانهن من زيارة أبنائهن في السجون التي تديرها في صنعاء والمدن الخاضعة لسيطرتها.
كما ألقت رابطة أمهات المختطفين، الضوء على أوضاع المعتقلين في سجون المليشيا الحوثية، وأوضحت أنهم يتجرعون التعذيب والمرارة من خلف القضبان وتخذلهم المنظمات الحقوقية والإنسانية، موضحة أن أسر المختطفين وذويهم «ينتظرون بصبر وكثير من الأمل أن تنتهي هذه المعاناة التي حرمتهم طعم الحياة وفرقت شمل عائلاتهم، وجعلت من أفراحهم أكواماً من الحزن».
ولفتت الرابطة إلى أن ما حلّ بحياة المختطفين والمعتقلين من مأساة أدت إلى توقيف حياتهم العلمية والعملية، وحاصرتهم ظلمات السجن، وأصابتهم الأمراض، وباتت الأخطار تحدق بحياتهم دون حماية.
وفي السياق ذاته كانت رابطة أمهات المختطفين اليمنيين، ناشدت مطلع الشهر الجاري الجهات المعنية بإنقاذ حياة المختطفين المرضى في السجن المركزي بصنعاء، الخاضعة لسيطرة المليشيا، مشيرة إلى أن صحة عدد من المختطفين تدهورت «جراء حرمانهم من الرعاية الصحية المتخصصة».
ودعت الرابطة في بيانها الصادر حينذاك، الصليب الأحمر لزيارة السجن المركزي بصنعاء، وتمكين المختطفين من الحصول على حقوقهم الطبيعية وحصولهم على الرعاية الصحية لإنقاذهم، مناشدة المبعوث الأممي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالضغط لإنقاذ المختطفين المرضى قبل فوات الآوان، وإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط حتى يتمكنوا من تلقي العلاج بشكل عاجل وكامل.
إلى ذلك كشفت منظمات حقوقية في تقارير لها الشهر الماضي، عن استمرار تدهور الحالة الصحية لثمانية صحافيين مختطفين في سجون المليشيا الانقلابية منذ قرابة خمسة أعوام، وألقت الضوء على صحة الصحافي، حارث حميد، المختطف لدى المليشيا، والتي تدهورت بشكل خطير، خصوصاً فيما يتعلق بعينيه، حيث بات يعاني من صداع مستمر جراء عدم خضوعه لعمليات جراحية ضرورية في عينيه.
وأشارت التقارير إلى أن الصحافي عبدالخالق عمران يعاني من انزلاق في العمود الفقري، بينما أصبح الصحافي عصام بلغيث مصاباً بالروماتيزم، وبدأ تأثير هذا المرض يظهر على القلب، بينما يتدهور نظره بشكل كبير.
وكانت المليشيا الحوثية، أحالت الأسبوع الماضي قضية المختطفين الصحفيين إلى قاضي حوثي تمهيداً لإصدار أحكام جائرة بحقهم، وهو ما اعتبرته لجنة الدفاع تصرفاً غير قانوني، مؤكدة أن الوضع الصحي للصحفيين العشرة في حالة حرجة وطالبت بالإفراج الفوري عنهم.
وفي تصريحات صحفية، أوضح محامي الدفاع عن الصحفيين المختطفين في سجون مليشيا الحوثي، عبدالمجيد صبرة، أن إحالة قضية عشرة صحفيين مختطفين الى أحد القضاة الموالين لمليشيا الحوثي انتهاك صارخ للقانون، ولحرية الرأي والتعبير.
وأضاف صبرة: «أن معاناة الصحفيين المختطفين في سجون مليشيا الحوثي تتضاعف مع إحالة قضيتهم الى أحد القضاة المتعصبين للمليشيا، وتجدد محاكمتهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة «محكمة أمن الدولة» وهي محكمة ملغاة وفاقدة للولاية القانونية».
كما تواصل المليشيا الحوثية اعتقال وإخفاء المئات من النشطاء السياسيين والإعلاميين والنساء، في عشرات السجون السرية والعامة، وتمنع ذويهم من زيارتهم، كما تمنع عنهم الرعاية الصحية والطعام، إضافة إلى ما يتعرضون له من ممارسات وانتهاكات جسيمة قضت على حياة المئات منهم تحت وطأة التعذيب.