عودة رئيس مجلس الوزراء وعدد من أعضاء الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، خطوة إيجابية باتجاه تنفيذ اتفاق الرياض، والشروع في تطبيع الأوضاع في العاصمة عدن والمحافظات المحررة؛ والبت في القضايا والملفات الشائكة ذات الأولويات والمرتبطة بالأمن والحياة المعيشية والخدمية للمواطن الذي أنهكته الأزمات والمماحكات والمكايدات السياسية.
هناك استحقاقات وطنية كثيرة وملفات شائكة تنتظر الحكومة، يأتي على رأس أولوياتها البت في الملفات العسكري والأمني والاقتصادي، والتي من شأنها فرض الأمن والاستقرار وتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، والحد من وطأة آثار الأزمة الاقتصادية، والحرب التي شنتها مليشيا الحوثي على الشعب اليمني عقب انقلابها واستيلائها على مؤسسات الدولة في الـ 21 من سبتمبر 2014م.
حضور الدولة في العاصمة المؤقتة عدن يمهد لبدء مرحلة جديدة من الشراكة وتوحيد الصف الوطني، والعمل سويا تحت مظلة الشرعية لاستكمال استعادة مؤسسات الدولة، والقضاء على انقلاب مليشيا إيران وهزيمة مشروعها التدميري المحاك ضد اليمن والمنطقة.
ولا شك بأن عودة دولة رئيس مجلس الوزراء برفقة عدد من أعضاء الحكومة والمسؤولين إلى عدن، يعزز دور سلطات الدولة وحضور مؤسساتها في العاصمة المؤقتة والمحافظات المحررة، باعتبار الدولة هي الضامن الوحيد لأمن واستقرار الوطن وهي مظلة الجميع، وغيابها لا يعني فقط غياب الأمن والأمان الذي لا تستغني عنه المجتمعات، وإنما يعني ايضا العودة الى الحياة البدائية الأولى، التي تسودها- في ظل غياب سلطة النظام والقانون- (شريعة الغاب). ويكون البقاء للأقوى.
ولذلك لا بديل عن الدولة ومؤسساتها الشرعية وسلطاتها الرسمية وقوانينها النافذة التي تسري على الجميع، وتحمي الجميع، وينعم في ظلها كافة أفراد المجتمع بالأمن والاستقرار، وتعم السكينة العامة في أوساط مكوناته وشرائحه المختلفة.
ولهذا استقبل شعبنا اليمني الحر والأبي اتفاق الرياض بفرحة غامرة وتفاؤل كبير يبشر بطي صفحة قاتمة السواد وتجاوز محطة خطيرة، الجميع فيه خاسر وفي المقدمة المواطن الذي يدفع دائما ثمن فاتورة هذه الخلافات المدمرة والصراعات البينية الدامية.
ولهذا كله فإن عودة الحكومة لتمارس مهامها الدستورية من العاصمة المؤقتة عدن مطلب شعبي ووطني يفتح الباب على مصراعيه لمرحلة جديدة عنوانها صدق النوايا وبرهنة ذلك يتم بالتطبيق الفوري والترجمة العملية لبنود اتفاق الرياض، وهي مرحلة حساسة ومفصلية في تاريخ اليمن تستوجب من الجميع الانتصار للوطن، وتغليب المصلحة العليا للشعب اليمني على دونها من المصالح الخاصة والضيقة، والانتصار للوطن لن يتحقق إلا بتوحيد الصف والجهد لإخراجه من الهوة العميقة والنفق المظلم الذي جره إليه الانقلاب الحوثي السلالي العصبوي البغيض، وإفشال مخططاته الإيرانية المنبع والمنشأ، لجعل اليمن والمنطقة تحت نفوذ ووصاية نظام ولاية الفقيه الذي عفا عليه الزمن، وها هو اليوم ينهار في عقر داره (طهران).
ومن هنا نؤكد بأن الفرصة لإنقاذ الوطن والحفاظ على كيانه ونظامه الجمهوري وثوابته ومكتسباته الوطنية؛ ما زالت متاحة لكل الأطراف المخلصة؛ ومعها التحالف العربي الراعي والضامن لبنود الاتفاق؛ وهي فرصة ربما لا تتكرر وتستوجب من الجميع استغلالها وعدم التفريط بالمصالح العليا للوطن، والتفرغ للقضية الأساسية وهي هزيمة المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة الذي لن يهزم إلا باستكمال تحرير باقي المحافظات اليمنية وصولا إلى العاصمة صنعاء، واستعادة الدولة، والقضاء على الانقلاب الكهنوتي المشؤوم.