سبتمبر نت
في ظل سعي المليشيا الحوثية للقضاء على ما تبقى من التعليم والعملية التعليمية في مناطق سيطرتها وتجهيل الشعب اليمني لكي يتسنى لها تمرير خرافاتها وشعوذاتها على المجتمع وجعله يدين لهم بالطاعة والولاء عملت المليشيا على تفخيخ التعليم لتفخيخ أجيال المستقبل لتنفيذ أجندتها المستورة والمتعلقة بتغيير الفكر والهوية اليمنية بفكر إيراني طائفي ممنهج.
وقوبلت نتائج الثانوية العامة التي أعلنتها المليشيا بامتعاض عدد من أولياء الأمور، وكذلك الطلاب وأثارت حالة من الجدل والسخرية بسبب ارتفاع معدلات نجاح التلاميذ فيها، في ظل انتقادات لسير الامتحانات وما صاحبها من عمليات غش كبيرة وتدهور أوضاع قطاع التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية.
أرقام فلكية
وتواصل المليشيا العبث بالنتائج العامة لشهادة الثانوية منذ انقلابها عام 2014م ولم يختلف هذا العام عن سابقيه فقد كان الأكثر تضرراً، حيث أعلنت المليشيا عن النتيجة بنسبة نجاح بلغت 84,49 في المائة، وهي نسبة كبيرة لم تتحقق في السنوات الماضية قبل انقلابها.
على مدار السنوات الثلاث الماضية، حصل نحو 70% من طلاب الثانوية العامة في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية على معدلات مرتفعة لا تتناسب مع قدراتهم وجهودهم الدراسية. والسبب الرئيسي في ذلك: تفشي الغش تسبب ذلك في زيادة نسبة العازفين عن دخول الجامعات بعد التخرج من الثانوية العامة، بسبب عدم تمكنهم من اجتياز اختبارات القبول في الكليات.
بعد شهرين من التأخير المتعمد أعلنت المليشيا النتائج الثانوية بنجاح بأرقام فلكية حيث بلغت نسبة النجاح %84,49، فيما رسب 28 ألف طالب وغاب 11 ألف طالب، وهي أرقام كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة قبل انقلاب المليشيا الحوثية.
تأخير المليشيا إعلان النتيجة لمدة شهرين جاء بطلب من «المشرفين الحوثيين» المسؤولين عن حشد الطلاب للقتال، بمبرر أن التأخير سيتيح لهم وقتاً إضافياً لمساومة المزيد من الطلبة على الذهاب لجبهات القتال مقابل منحهم شهادات ودرجات عالية.
وتلاعبت مليشيا الحوثي في نتائج الشهادة الثانوية ومنح أفضلية في الدرجات العلمية لعناصرها وفئات معينة، ولمقايضة الطلبة بالذهاب لجبهات القتال مقابل منحهم نسب نجاح عالية دون دخولهم قاعات الامتحانات وبدرجات عالية وخلال الاربع السنوات الماضية منحت المليشيا الحوثية شهادات ونتائج إتمام المرحلة الثانوية والأساسية ودرجات عالية للطلاب الذين يقاتلون معها رغم عدم دخلوهم قاعات الامتحانات ولا تخضع أو تعتمد على معايير المثابرة والاجتهاد من قبل الطلاب.
أولياء الأمور فاجأتهم هذه النتائج، وتباينت ردود أفعالهم بين الاستغراب من حصول طلاب لم يحضروا المدارس على معدلات مرتفعة بسبب ما وصفوه بالوضع الكارثي الذي وصلت إليه العملية التعليمية وعدم وقف تنامي ظاهرة الغش وعدم المبالاة من قبل مليشيا الحوثي.
الغش وسيلة حوثية
وعززت المليشيا منذ انقلابها ظاهرة الغش غير المسبوقة في اليمن وزاد خطورةً تفشى ظاهرة الغش بشكل ممنهج بلا ضابط وبكل الوسائل بما فيها تسريب نماذج الامتحانات والفوضى وانتحال الشخصيات، ولم يعد هناك أي قلق من مراقبي اللجان، بل أصبح الطلاب مسنودين بحماية أمنية ليتسنى لهم الغش، وصارت الرشوة فوق كل الاعتبارات حيث تدل نسب النجاح الفلكية في مرحلة الثانوية العامة على الانحدار في مستوى التعليم.
تتنوع أشكال ومظاهر الغش في الامتحانات العامة بمناطق سيطرة الانقلابيين، بين اقتحام مراكز امتحانات بقوة السلاح، وتسريب نماذج، وإدخال كتب للقاعات، واعتداءات على بعض رؤساء اللجان والمراقبين الحازمين وغير المؤدلجين حوثياً، وإطلاق النار على المعلمين بسبب رفضهم السماح بالغش، وحالات فوضى ومشاغبة وتسلق أسوار وجدران مراكز امتحانية.
وحذّر المراقبون من أن ظاهرة الغش باتت اليوم في ظل استمرار قبضة المليشيات على العملية التعليمية، تشكل خطراً وتحدياً كبيراً للمجتمع اليمني ولمستقبل الطلاب.
وبهدف نهب الطلاب عممت المليشيا الحوثية على كل طالب يمتحن دفع مبلغ ألفي ريال على كل مادة اختبار لحصد مبالغ مالية طائلة من داخل المراكز الامتحانية، مقابل السماح لهم بالغش دون ممانعة.
ملايين الأطفال خارج المدارس
وأفرزت الحرب العبثية التي تشنها المليشيا الحوثية على الشعب اليمني أكثر من أربعة ملايين ونصف طفل يمني في سن التعليم، خارج المدارس، بسبب قطع المليشيا لمرتبات المعلمين لأكثر من ثلاث سنوات على التوالي وكذلك تحويل المداس إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة من ناحية، ومن ناحية أخرى إلى مأوى يقصده نازحو الحرب، وتسببت المليشيا في تعطيل %21 من المدارس وأصبحت غير صالحة للعملية التعليمية.
أصبح المشهد التعليمي مخيفاً إزاء تحوُّل المدارس الى مكان لتجنيد الأطفال، ممن لا يزالون في سن التعليم وإقحامهم في جبهات الحرب التي يقتنع المجتمع الدولي بكونها حرباً «عبثية»، ثم يكتمل المشهد فداحةً بتدمير وتضرر أكثر من 2800 مدرسة ومنشأة تعليمية.
المليشيا قامت بعمليات تدمير ممنهج لقطاع التعليم من خلال تدمير 80 في المئة من الأبنية المدرسية التي أصبحت خارج إطار العملية التعليمية وكذلك جعلت من المدارس مقاراً لحشد مقاتليها.
وكشف تقرير نقابي عن سلسلة من الانتهاكات الحوثية بحق العاملين بالقطاع التعليمي. وأكد التقرير مقتل 1500 من العاملين في القطاع التعليمي بينهم معلمون ومعلمات، وإصابة 2400 آخرين على يد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران خلال الحرب الدائرة في اليمن منذ 4 سنوات.
وأشار التقرير إلى توثيق النقابة 32 حالة اختفاء قسري لمعلمين اختطفتهم مليشيا الحوثي من منازلهم ومدارسهم ولم يشاهد أي فرد منهم بعد ذلك، كما لم تتلقَ عائلاتهم أي إجابة من المليشيا بشأن مصيرهم.
كما وثق التقرير قيام المليشيا منذ انقلابها على السلطة بهدم 44 منزلاً من منازل المعلمين وسوّتها بالأرض باستخدام الألغام، في محافظات صعدة وعمران وحجة وصنعاء.
وأشار إلى أن 60% من إجمالي العاملين بالقطاع التعليمي باليمن البالغ عددهم 290 ألف موظف لم يحصلوا على مرتباتهم منذ 3 أعوام بعد أن نهبتها المليشيا الحوثية وسخرتها لأتباعها وللمجهود الحربي.
وحولت المليشيا المدارس إلى ساحة صراع طائفي وتحريضي، وعملت على تغيير وتعديل المناهج التعليمية، وتفخيخها بأجندات طائفية، وبالأخص تلك المتعلقة بمادة القرآن الكريم والتربية الاسلامية، مما ينذر بمخاطر ثقافية وفكرية تشوش عقول الطلاب، وتوجههم الوجهة الخاطئة، ممن لا يزالون في سن الطفولة.
وصارت ساحة المدرسة مكاناً تتعالى فيه صرخة المليشيا المستوردة من إيران وميداناً للتعبئة القتالية ، ما يُعد غسلاً لأدمغة الطلاب إضافةً إلى تعيين مشرفين اجتماعيين على المدارس والكليات فضلاً عن الدورات الثقافية التي تقيمها المليشيا داخلها.
وتاجرت المليشيا بالكتب المدرسية من السوق السوداء في أرصفة الشوارع وبمبالغ كبيرة عجز أولياء الأمور على شرائها رغم ضرورتها للطلبة، فيذهب أغلب التلاميذ إلى مدارسهم في مناطق سيطرة المليشيا دون كتب مدرسية، وأوقفت المليشيا مطابع الكتاب المدرسي وسخرتها لطبع ملازمها وكتبها الطائفية.
وتدخلت المليشيا الحوثية في الإذاعات المدرسية؛ حيث أصبحت هي من توجه الإذاعة الصباحية، وتحديد موضوع معين لها بحيث تندرج في الشحن الطائفي من أجل استقطاب طلاب جدد لجبهاتها.
أزمة الحاضر والمستقبل
لم يكن التعليم الأساسي وحده ضحية المليشيا الحوثية بل كان للتعليم العالي نصيب وافر من سياسات «التوجيه» تحت رحمة المليشيا والانحدار نحو المجهول، وهو ما جعل الشهادة الجامعية كرتاً محروقاً في سوق العمل وفي واقع الحياة عموماً.
فبعد سيطرة المليشيا على التعليم أصبحت الجامعات اليمنية تقع في ذيل قائمة التصنيفات التعليمية العالمية، حتى وصل الأمر إلى حد عدم اعتراف بعض الجامعات العربية بمؤهلات الجامعات اليمنية، وبالتالي انتُزعت الثقة الدولية بالتعليم في اليمن، وتهاوت قيمة الوثيقة الجامعية إن لم تكن قيمة الأكاديمي اليمني.
الحرم الجامعي الحكومي والأهلي يشهد تدهوراً كبيراً نتيجة تعيين المليشيا الحوثية عمداء للكليات «على هوى النفس» فضلاً عن كون الكليات تحت إشراف مشرفين تابعين لها، يلعبون دور الوصي على شؤون الكليات بما يتماشى مع السياسات الخاصة بالمليشيا.
نسبة كبيرة من الطلاب تركوا قاعات الدراسة نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وعدم مراعاة المليشيا الحوثية لظروف الطلاب من أجل إجبارهم على حمل السلاح والقتال معهم.