مهن صنعتها ظروف الحرب في اليمن وأخرى أعادتها بقوة إلى يوميات الناس، لتكون جزءًا لا يتجزأ من التفاصيل اليومية المرافقة للحياة، وقد اعتاد اليمنيون على مشاهدتها والتعامل معها، بل وممارستها، نسلط الضوء على ثلاث مهن أنتجتها ظروف الحرب.
بائع الحطب
عادت مهنة بيع الحطب المخصص للطبخ إلى الواجهة بعد أن اندثرت منذ سنوات طويلة، ووجدت الكثير من الأسر اليمنية القاطنة في المدن نفسها مضطرة لشراء الحطب والعودة إلى الحياة البدائية في صناعة الطعام، إثر ارتفاع أسعار اسطوانات غاز الطبخ والتي يصل متوسط سعرها إلى خمسة آلاف ريال يمني 15 دولاراً وتكرار غيابها من الأسواق.
وأنعشت أزمات الغاز المنزلي الحركة التجارية لهذه المهنة، ووسط إقبال المواطنين عليها، حفزت شبابا للانخراط في تجارة الحطب، لمواجهة الظروف المالية ومتطلبات الحياة.
وافترش بائعو الحطب أرصفة بعض الشوارع في المدن الرئيسة، بينما انتشرت الكثير من أماكن بيع الحطب المحاذية للخطوط الإسفلتية الطويلة الرابطة بين المدن، كواحدة من المهن الهامشية التي صنعتها الحرب.
وبحسب بائع يدعى علي ناصر، فإن إقبال المواطنين على شراء الحطب يتفاوت من وقت لأخر، وتكون ذروة البيع عند وجود أزمة في الغاز المنزلي.
وأضاف في حديث قصير “يقول المثل مصائب قوم عند قوم فوائد ومصائب الناس عندنا فوائد”، وأردف عبارته تلك بضحكة، مؤكداً أن بعض أرباب الأسر يشترون الحطب حتى مع توافر الغاز المنزلي، للنكهة والمذاق اللذيذ الذي يكون في الأكل.
مهندس الطاقة الشمسية
بفعل انقطاع التيار الكهربائي في أغلب مدن اليمن، خاصة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في الشمال، تحول اهتمام اليمنيين إلى الطاقة الشمسية، والتي وفرت الكثير من التكاليف وخففت إلى حد كبير المشاكل المترتبة على المواطنين من استخدام الكهرباء في حياتهم اليومية.
ذلك التطور خلق مهنة جديدة هي “مهندس طاقه شمسية” توكل إليه توصيل امتدادات الطاقة الشمسية في المنازل والمحلات التجارية.
ويرى جمال المروني، أن الصدفة هي من قذفت به إلى هذه المهنة، ويروي كيف اقتحم عالم الطاقة الشمسية، قائلاً: “تخرجت من معهد مهني تخصص كهربائيات، وعملت لسنوات في صيانة وإصلاح الأجهزة الكهربائية ومع انقطاع الكهرباء انتهت تماماً مهنة إصلاح الأجهزة الكهربائية أو كادت، لتظهر مهنة الطاقة الشمسية كمهندس تمديدات وإصلاحات وصيانة”.
وأضاف: “منظومة الطاقة الشمسية تحتاج إلى معرفة كافية لتعمل بأقصى قوتها وكفاءتها ولسنوات دون تكاليف إضافية، ووقوع الكثير من المواطنين في أخطاء يفضي إلى تلف هذه المنظومة، جاءت هذه المهنة وهذا العمل”.
وشهدت سوق بيع منظومات الطاقة انتعاشا، وباتت شوارع المدن اليمنية لا تخلو من محال لبيع الألواح الشمسية بمختلف أحجامها وأنواعها.
بيع الملابس المستخدمة
على امتداد الشارع العام بحي باب اليمن، وسط مدينة صنعاء، يصطف بائعو الملابس المستخدمة، في الحراج أو البالة كما يطلق عليها محلياً، وهم يروجون لبضاعتهم بأصوات مرتفعة لجلب الزبائن الذين تغريهم أسعار قطع الملابس مقارنة بالملابس الجاهزة.
والأمر لا ينطبق على حي باب اليمن فقط، فهناك أحياء مثل شميلة وحزيز وهائل والزبيري، تشهد تجمعات لباعة الملابس المستخدمة في صنعاء، وليس هناك أسواق مخصصة لمثل هذه البضاعة، التي تعتمد وفق شاب كان يبيع بناطيل الجينز في باب اليمن على “مدى قدرة البائع على إقناع الزبائن”.
ويقارن الشاب محمد، بين قطع الجينز التي يبيعها وبين التي تبيعها المحلات التجارية، وقال: “أغلى بنطال جينز عندي لا يتجاوز سعره ألفي ريال (7 دولارات) بينما المحلات تبيع بأسعار مرتفعة تصل إلى 7 آلاف ريال (25 دولاراً)”.
وأشار إلى أنه “بدأ في هذه العمل بعد أن توقف مصنع الأغذية الخفيفة الذي كان يعمل فيه، قبل 9 أشهر”، ولدى سؤال “إرم نيوز” عن أعداد من يعملون في هذا المجال، قال: “يتجاوز عددهم 300 شخص، منهم 4 من أصدقائي كنا نعمل سوياً في المصنع يعملون الآن في بيع الحراج”.
ويتم استيراد تلك البضائع من الأسواق الأوروبية والقليل منها يأتي من الدول الخليجية، وتحظى بإقبال كبير وسط اليمنيين الفقراء.
نقلا عن موقع ارم الاماراتي