تشهد الساحة السياسية في تونس، جدلًا حول تعديل قانون الانتخابات، وسط رفض متزايد له من قبل عدد من الأحزاب والمنظمات.
ويأتي ذلك، قبل يومين من عرض القانون أمام البرلمان، ما أثار مخاوف من أن يربك المسار السياسي في البلاد، قبل أشهر من الانتخابات.
ومن المنتظر أن تنعقد جلسة في مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل، للنظر في مشروع قانون أساسي يتعلق بتعديل وإتمام القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، كان رئيس الجمهورية قد طرحه على البرلمان، بينما طالبت الحكومة بإرجاء الحسم فيه، في ظل غياب التوافق حول النقاط الخلافية فيه.
ويتضمن مشروع القانون المقترح عدة فصول خلافية مثل الفصل الخاص بـ“العتبة الانتخابية“ وهي الحد الأدنى من الأصوات التي يشترط القانون الحصول عليها من قبل الحزب أو القائمة، ليكون له حق المشاركة في الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها في الانتخابات.
ومن بين النقاط الخلافية أيضًا، الفصل المتعلق بمنع أعضاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم زمن فترة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، من دخول عضوية ورئاسة مكاتب الاقتراع.
ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي المرتقب، عاد الجدل، بشكل لافت، حول هذا القانون الذي رأى فيه مراقبون ”ضربًا للتعددية والتنوع داخل البرلمان وتكريسًا لسلطة الأغلبية“.
وقال المحلل السياسي أحمد العثماني، إن ”مساعي الحزبين الأكثر تمثيلًا في البرلمان اليوم (حركة النهضة وحزب نداء تونس)، لرفع العتبة الانتخابية من 3 إلى 5%، يعكس رغبة منهما في تكريس سلطة الأغلبية وإنتاج مشهد سياسي تكون الغلبة فيه لمن يمتلك ماكينة انتخابية أقوى وأقدر على حصد الأصوات وحشدها، والحصول على أغلبية المقاعد داخل البرلمان“.
وأشار العثماني إلى أن ”منظمات وجمعيات وأحزاب وشخصيات مستقلة، رفضت هذا التوجه، باعتباره يمس مسار الانتقال الديمقراطي قبل أشهر من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، ويكرس سلطة الأغلبية الحاكمة“.
وأوضح العثماني لـ“إرم نيوز“، أن ”الجدل بشأن هذا القانون لن ينتهي ما لم تقدم النهضة ونداء تونس تنازلًا عن مطلبهما بالرفع في نسبة العتبة الانتخابية وما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين القوى السياسية حول مشاركة السياسيين الذين انتسبوا سابقًا إلى حزب التجمع المنحل، وتمكينهم من عضوية ورئاسة مكاتب الاقتراع“.
واعتبر المحلل السياسي التونسي، أنّ النقطة الخلافية الثانية يمكن تجاوزها، بما أنّ كثيرًا من أولئك المنتسبين سابقًا إلى التجمع المنحل قد انخرطوا في أحزاب فاعلة على الساحة السياسية اليوم، بما فيها حركة ”النهضة“ وخاصة ”نداء تونس“.
من جانبه، رأى الكاتب السياسي، سالم الخليفي، أنّ عودة الجدل حول هذا القانون اليوم قد تربك الساحة السياسية وتخلق مناخًا من التوتّر قبل أشهر من الانتخابات، خاصة أنّ الأطراف التي تدافع عن تعديل القانون الذي تم تطبيقه في الانتخابات السابقة، معنية اليوم بقوة بالاستحقاق الانتخابي المنتظر ومن مصلحتها أن يكون القانون الانتخابي أقرب إلى تكريس أغلبية الأطراف الأقوى، وفق قوله.
وأضاف الخليفي لـ ”إرم نيوز“ أنّ الحلقة الأضعف في المشهد السياسي اليوم، ستدافع بشراسة عن موقفها الداعي إلى إجراء الانتخابات القادمة دون الالتزام بعتبة انتخابية محدّدة بما يفسح المجال لجميع المترشحين بالتمثيلية في البرلمان المقبل، ويكرّس مبدأ التعددية السياسية ويرسم خريطة سياسية متنوّعة للجميع فيها حظ، بحجم المقاعد المتحصل عليها.