يواصل التحالف العربي، وتحديداً الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، دورهما الإنساني الرامي إلى انتشال اليمنيين من مأساة إنسانية لم يسبق لها مثيل، ناجمة عن الحرب العبثية التي أشعلتها مليشيا الحوثي الانقلابية.
الرياض وأبو ظبي قدّمتا مُساهمة لبرنامج الأغذية العالمي التابع لمنظمة الأمم المُتحدة، بلغت 240 مليون دولار؛ لدعم الاحتياجات الغذائية للمستضعفين في اليمن.
وأبدى برنامج الأغذية العالمي، ترحيبه بهذه المساهمة، قائلًا: “البرنامج يرحب بمُساهمة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المُتحدة في شهر رمضان الكريم، حيث يُواجه اليمن نقصًا شديدًا في الغذاء، وهذه المُساهمة السخية سوف تُساعد اليمنيين إلى حدٍ كبير على ممارسة عاداتهم وتقاليدهم المتبعة في مثل هذا الشهر المعظم”.
ويُخطط البرنامج لاستخدام هذه المُساهمة في تزويد ملايين من الأُسر بحصص غذائية شهرية من الدقيق، والزيت، والسكر، والملح، وفي المناطق الحضرية التي لا تزال الأسواق تعمل بها سوف تحصل الأُسر على قسائم غذائية لشراء هذه الحصص التموينية من خلال بعض التُجار المحليين، الأمر الذي يدعم الاقتصاد المحلي أيضاً.
ومن المقرر أن يتم توجيه عشرة ملايين دولار من المُساهمة إلى المشروع الخاص بالتغذية الذي ينفذه برنامج الأغذية العالمي، والذي يُعالج سوء التغذية لدى النساء والأطفال ويمنع حدوثه.
وقال ريحان أسد كبير المُوظَّفين ببرنامج الأغذية العالمي: “لا شك أن الدعم الذي يأتي من المُجتمع الدولي له أهمية كُبرى في القضاء على مُعاناة ملايين من الناس في اليمن”.
وأضاف: “نحنُ نعرب عن خالص امتناننا للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المُتحدة لدعم أعمالنا في اليمن”.
ويعمل برنامج الأغذية العالمي على زيادة حجم عملياته لتوفير الغذاء إلى 12 مليون يمني من الأشد احتياجاً، وفي الوقت نفسه يسرع من وتيرة تنفيذ البرامج التي تُمكِّن الناس من إعادة بناء حياتهم بحيث يُمكن لليمن أن يبدأ رحلة التعافي.
وأعلن البرنامج وصول بعثة عمل بقيادته، وبرفقة فريق تقني صغير من موظفي شركة مطاحن البحر الأحمر، إلى موقع المطاحن في الضواحي الشرقية لمدينة الحديدة، للشروع في الجهود الأولية لإنقاذ مخزون يبلغ حجمه 51 ألف طن من دقيق القمح هناك.
وصرح إرفيه فيروسيل المتحدث باسم البرنامج، بأنَّ عمليات الفريق ستستغرق بضعة أسابيع وستتضمن عمليات تنظيف وإعادة تأهيل ماكينات الطحن وتبخير القمح وتنظيفه، وستعقب ذلك مرحلة ثانية، وهي البدء الفعلي في طحن القمح وتوفير الدقيق لنقله إلى أكثر المجتمعات المحلية التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في اليمن.
وحسب تصريح المتحدث باسم “الأغذية العالمي”، فإنَّ البرنامج سيحتاج إلى إرسال مزيد من العمال والخبراء التقنيين في الوقت المناسب، بالإضافة إلى توفير الإمدادات للفريق الذي يعمل الآن في الموقع، وشدد على الحاجة الملحة لإتاحة سبل الوصول الآمن والمتواصل إلى هذه المطاحن، خصوصا أنها تقع بالقرب من مناطق خطوط القتال الحساسة.
وأوضح البرنامج أنَّ نائب المدير التنفيذي للبرنامج أمير عبد الله سافر إلى اليمن في مهمة ميدانية تستغرق ثلاثة أيام، بدأها من عدن حيث التقى رئيس الوزراء اليمني وكبار المسؤولين قبل أن ينتقل إلى صنعاء للقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث وقيادات الانقلابيين الحوثيين.
على صعيد آخر، وصفت المنسقة الدائمة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي عملية تأمين وصول الفرق الأممية إلى مطاحن البحر الأحمر، حيث مخازن الحبوب، بأنها كانت “شاقة وطويلة وصعبة ومحبطة”.
وعبّرت جراندي، في بيان أممي، عن ارتياحها لتوفر سبل الوصول للفريق الفني، واصفةً تعاون الأطراف المعنية في اليمن بالإيجابي، فيما شددت على ضرورة أن يبذل الجميع قصارى جهدهم لضمان أن يعمل الشركاء في المجال الإنساني بحرية وأن يصلوا بشكل غير مشروط وفوري إلى من هم بحاجة إلى العون الإنساني.
وأضافت: “نحن الآن نسابق الزمن لإنقاذ هذه المواد التي يمكن لنا بها إطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر واحد”.
ودقّت أرقام أممية حديثة نواقيس الخطر من جديد بشأن المأساة في اليمن، حيث قال مكتب منسقية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنّ اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية والحماية.
وأضافت الأمم المتحدة أنّ 230 مديرية من مديريات اليمن البالغ عددها 333، تواجه خطر المجاعة، وأوضحت أنّ خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الجاري تتطلب تمويلا بمقدار 4.2 مليارات دولار، بينما تم تمويل العملية بنسبة 14% فقط.
في سياق آخر، تمكّن فريق تابع للأمم المتحدة بقيادة برنامج الغذاء العالمي، من الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر في ضواحي الحديدة لإنقاذ 51 ألف طن متري من دقيق القمح المخزن في المطاحن.
وأوضحت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي أنَّ المنظمة تسابق الزمن لإنقاذ مخزون المواد الغذائية في مدينة الحديدة، الذي يمكن به إطعام ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف شخص لمدة شهر واحد.
وأشارت إلى أنَّ الوصول إلى المطاحن الذي توقف خلال الأشهر الثمانية الماضية، كان صعباً جداً، محذرةً من أنَّ آلاف السكان قد لا يعيشون حتى لحظة الوصول إليهم.
أمَّا مدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن ستيفن أندرسون، فقال إنَّ مساعدة البرنامج ضرورية لتفادي وقوع مجاعة، مؤكدا أن مستوى الاحتياجات لا يزال ضخماً.
واستقبلت مليشيا الحوثي شهر رمضان لهذا العام بإتباع سياسة تجويع المدنيين، عبر افتعال أزمات إنسانية مختلفة بمناطق سيطرتها، وذلك وسط اختفاء مفاجئ لمادتي البنزين والغاز المنزلي، بالإضافة إلى ارتفاع مهول لأسعار السلع الأساسية التي يتسابق الناس عليها قبيل حلول الشهر المبارك.
ومنذ بداية الحرب، كان الوقود والغاز المنزلي التجارة المربحة لقيادات مليشيا الحوثي بحسب صحيفة العين التي أوضحت أنّ ذلك يتم من خلال أسواق سوداء
تبيع بمبالغ مضاعفة عن تلك المقررة في المناطق المحررة، وتفاقمت معاناة سكان هم في الأصل محرومون من مرتباتهم منذ ثلاث سنوات.
وبحسب سكان في صنعاء، فإنّ مادة البنزين اختفت بشكل مفاجئ للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع، ويتم بيع جالون الـ20 لتراً بـ14 ألف ريال يمني، أي بأكثر من الضعف عن السعر الموجود في عدن 6300 ريال.
وتسبَّب انعدام المشتقات في شلل الحياة بصنعاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية التي قفزت إلى الضعف جراء ارتفاع أجور النقل بين المحافظات.
لا تكتفي مليشيا الحوثي بتجويع اليمنيين وحرمانهم من الغذاء فحسب، بل تقوم بحرمانهم من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والأممية، وتمنع وصولها إلى المناطق المستهدفة.