وصف مراقبون سياسيون حالة التوافق التي خرج بها اجتماع اللجنة الرباعية حول اليمن في وارسو بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات بأنها بداية لبلورة موقف دولي موحد وأكثر وضوحا إزاء الملف اليمني وصياغة رؤية للتعامل مع حالة الرفض الحوثية المزمنة للالتزام باتفاقات السويد.
وأدلى وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت بتصريحات في أعقاب الاجتماع ألمح فيها إلى سحب الحوثيين لقواتهم من مدينة الحديدة وموانئها، ملوّحا بنفاد صبر المجتمع الدولي وإمكانية اتخاذ موقف دولي صارم بحق الطرف المعرقل لاتفاقات ستوكهولم.
وتكتسب التصريحات البريطانية أهمية خاصة بالنظر للدور المحوري الذي تلعبه لندن في إدارة ملف الأزمة اليمنية والاتهامات الموجّهة لها بالمسؤولية عن نهج التساهل مع الميليشيات الحوثية عبر دورها الفاعل في الاتحاد الأوروبي أو من خلال مواطنها ودبلوماسيّها السابق المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
وجاء اجتماع الرباعية الدولية الخاص باليمن على هامش مؤتمر وارسو الذي تمحور حول الخروج بموقف دولي موحد لتحجيم دور النظام الإيراني في الشرق الأوسط، ومحاصرة نفوذ طهران في دول الإقليم وفي مقدمتها اليمن، وهو التطور الذي يسهم، بحسب مراقبين، في ردم الهوة بين الاستراتيجيتين الأميركية والأوروبية في طريقة التعاطي مع الملف الإيراني وأذرعه في المنطقة.
وفي انعكاس لحالة القلق الحوثية من نتائج هذا الاجتماع الدولي وتداعياته على الأزمة اليمنية خلال الفترة المقبلة، انخرط الحوثيون في حملة استباقية لمهاجمة الاجتماع والدول المشاركة فيه وفي مقدمتها دول الرباعية التي وصفها الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام بـ”رباعية العدوان” في معرض انتقاده لنتائج الاجتماع وانعكاساته المنتظرة على مجريات جلسة الأمن الدولي حول اليمن التي تنعقد الاثنين وتناقش مجريات تنفيذ الاتفاقات الموقعة في السويد بين الفرقاء اليمنيين.
وفي بيان له حول مؤتمر وارسو ومشاركة وفد من الحكومة الشرعية فيه، قال عبدالسلام إنه تم تغييب الحكومة من اجتماع الرباعية بينما لم يكن هناك “أي مسوغ لحضور مؤتمر وارسو المشبوه” والمشاركة في “أنشطة سياسية لها تداعياتها الكارثية على مصير الأمة”.
وشهد الموقف الأممي والدولي تصاعدا تدريجيا خلال الفترة الأخيرة في إدانة الخروقات الحوثية، بعد أن كان يوصف بالضبابية والاكتفاء بمنح التبريرات للسلوك الحوثي، حيث صدرت عِدّة بيانات وتقارير الرسمية عن الأمم المتحدة حمّلت الميليشيات الحوثية مسؤولية تدهور الوضع الإنساني في الحديدة ونهب المساعدات الإغاثية.
وفي أحدث موقف أممي اتهم تقرير حديث صادر عن فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي، الحوثيين بممارسة الانتهاكات على نطاق واسع وخرق القوانين الدولية من خلال جملة من الممارسات التي طالت المدنيين والأقليات الدينية والصحافيين والمنظمات المدنية.
وأفرد التقرير النهائي الصادر عن الفريق، مساحة واسعة لرصد انتهاكات وممارسات الميليشيات الحوثية التي قال إنها تفاقم الأزمة الإنسانية المتصاعدة في اليمن، ومن ذلك نهب المساعدات واعتقال العاملين في المنظمات الإنسانية والتدخل في توزيع المساعدات الإغاثية ووضع العراقيل أمام وصولها إلى المحتاجين.
وطالب التقرير بإصدار قرار يلزم الحوثيين باحترام الاتفاقات الدولية واتخاذ جملة من الإجراءات لعكس نتائج الضرر الذي تلحقه الممارسات الحوثية.
ويأمل مراقبون أن تنعكس حالة التوافق الدولي حول اليمن في اتخاذ مواقف أكثر وضوحا وصرامة في مجلس الأمن الدولي لتضييق هامش المناورة أمام الميليشيات الحوثية ووضعها أمام استحقاقات اتفاقات ستوكهولم وفق جدول زمني محدد.
ولوّح رئيس بعثة المراقبين الدوليين في مدينة الحديدة مايكل لوليسغارد، في وقت سابق بتحول قد يطرأ على طريقة التعاطي الدولي والأممي مع آلية تنفيذ اتفاقات ستوكهولم وتصاعد الضغط الدولي لتنفيذ تلك الاتفاقات وخصوصا الجزء المتعلق بالحديدة، في سياق إشارته إلى الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن الدولي الذي سيعقد الاثنين في نيويورك.
وفي الأثناء واصلت الحكومة اليمنية والتحالف العربي إرسال إشارات الامتعاض من عدم التقدم في المسار السياسي بسبب التعنت الحوثي والتساهل الأممي.
وشدد التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، في بيان صادر عنه، الخميس، على استمرار الميليشيات الحوثية في المماطلة في تطبيق اتفاق الحديدة بهدف تعزيز قدراتها العسكرية في المدينة.
ولفت البيان إلى أن انتهاكات الميليشيات في المدينة اليمنية بلغت 1400 انتهاك منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 18 ديسمبر الماضي، محمّلا الميليشيات مسؤولية فشل تطبيق الاتفاق.
وجدّد التحالف حرصه على استمرار نجاح اتفاقات ستوكهولم واستعداده لإعادة الانتشار داعيا الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن للضغط على الميليشيات الحوثية لتنفيذ الاتفاقات وتحميلها مسؤولية فشل هذه الاتفاقات.
ويرى العديد من الخبراء أن تنفيذ مخرجات السويد بات الفرصة الأخيرة لوقف الحرب في اليمن والذهاب نحو تسوية سياسية تحت رقابة دولية صارمة وهو الأمر الذي تتهدده المواقف الحوثية الرافضة لتنفيذ الاتفاق ويتطلب موقفا دوليا أكثر فاعلية لإنقاذ الهدنة الهشة في الحديدة التي يأمل المجتمع الدولي أن تكون حجر الزاوية في اتفاق أشمل لوقف إطلاق النار في مختلف مناطق اليمن.