تنشط نقاشات صفقات الاندماج بين البنوك السعودية في الفترة الأخيرة، إذ أعلن البنك الأهلي التجاري السعودي، الشهر الماضي، بدء مناقشات مبدئية مع بنك الرياض لدراسة اندماج البنكين في كيان واحد.
وتعد هذه ثاني حالة اندماج في القطاع البنكي السعودي الفترة الأخيرة، بعد اتفاق ملزم بين “ساب” و”الأول” في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تأتي هذه النقاشات، وسط تباين آراء الخبراء، بين من يرى أنها إيجابية للقطاع والاقتصاد، كونه يخفض التكاليف على الكيانات المندمجة ويؤسس كيانات كبرى قادرة على المنافسة، وبين من يعرب عن خشيته من أن تؤدي إلى ضعف فرص نمو القطاع البنكي و”احتكار القلة” لهذا القطاع الذي يضم 12 بنكا.
والبنكان “الأهلي” و”الرياض”، هما الأكبر من حيث رأس المال في البلاد، بقيمة 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) لكل منهما.
كما أن أصولهما معا بنهاية الربع الثالث 2018، تبلغ 685 مليار ريال (قرابة 183 مليار دولار)، بما يمثل 31 بالمائة من أصول القطاع في البلاد.
وفيما يبدو أن التوجه للاندماجات هو توجه حكومي قبل دخول بنوك أجنبية ضخمة للسوق، بعد أن أصبحت الحكومة السعودية أكثر مرونة في منح التراخيص للبنوك الأجنبية عن السابق.
يؤكد ذلك أن “البنك الأهلي التجاري” مملوك من الحكومة السعودية بنسبة 64.3 بالمائة، فيما “الرياض” بنسبة 47.7 بالمائة، ما يعني أن قرار الاندماج جاء حكوميا.
كان تقرير لوكالة بلومبرج، صدر مؤخرا، قد لفت إلى أن هناك توجه لاندماجات أخرى في القطاع بخلاف المعلن عنها رسميا.
ويبلغ قطاع البنوك في السعودية 12 بنكا وطنيا، وفروعا لـ15 بنكا أجنبيا.
ويُعد حصول البنوك الأجنبية على ترخيص للعمل في السعودية، أمرا في غاية الصعوبة، ولا يسمح لها بافتتاح سوى فرع واحد في البلاد.
إلا أن الدولة خففت كثيرا من تلك القيود، في ظل تراجع أسعار النفط عن أسعار منتصف 2014، رغبة في جذب استثمارات أجنبية لتنويع مصادر الدخل بعيد عن النفط.
كان آخر البنوك الأجنبية الحاصلة على تراخيص لافتتاح فروع في السعودية، المصرف العراقي للتجارة وبنك طوكيو ميتسوبيشي.
** ضعف النمو
قال الكاتب الاقتصادي السعودي والرئيس التنفيذي لشركة أماك للاستثمارات محمد العمران، إن الاندماجات بين البنوك السعودية أصبحت ظاهرة، ومن المتوقع اتساعها الفترة المقبلة.
وذكر في اتصال هاتفي لمراسل “الأناضول”، أن من فوائد الاندماجات تخفيض التكاليف للكيانات المندمجة وخلق كيانات أكبر.
على الجانب الآخر، لفت العمران إلى أن من أهم السلبيات للاندماجات في القطاع البنكي السعودي، أنها ستضعف فرص النمو وتكوين كيانات شبه احتكارية، أو ما يعرف باحتكار القلة.
وأضاف: “بالأساس عدد البنوك في السعودية قليل مقارنة ببقية دول العالم، وسيقل أكثر مع هذه الاندماجات، وهو أمر غير صحي، حيث أنه كلما قل عدد البنوك العاملة كلما برزت الممارسات الاحتكارية ما يؤثر على نوعية الخدمات”.
وقال إنه من المفترض تشجيع زيادة عدد البنوك في القطاع، بدلا من زيادة الاندماجات.
** كيانات قوية
وقال المحلل المالي، محمد الشميمري، إن خبر الاندماج إيجابي للسوق السعودية والاقتصاد ككل، ويصب في رؤية المملكة 2030، التي تستهدف كيانات قوية وكبيرة بالقطاع.
وأضاف في اتصال هاتفي مع مراسل “الأناضول”، الاندماجات تؤسس كيانات أقوى وتقلل من التكاليف وأسرع طريقة للتوسع المالي والجغرافي.
وذكر أن صندوق الاستثمارات العامة يمتلك نسبة 44.29 بالمائة من أسهم البنك الأهلي، ونسبة 21.75 بالمائة من بنك الرياض، وتملك مؤسسة التقاعد 10.26 بالمائة من البنك الأهلي، ونسبة 9.27 بالمائة من بنك الرياض.
وتابع: “تملك مؤسسة التأمينات الاجتماعية، 10 بالمائة من البنك الأهلي، و16.72 بالمائة من بنك الرياض”.
وقال الشميمري، إنه في حال اندماج البنكين سينتج عنه أكبر بنك في السعودية.