حقق تحالف دعم الشرعية إنجازا جديدا في اليمن، حين أجبر ميليشيات الحوثي على الانصياع لإرادة الشرعية من خلال الموافقة على الانسحاب من مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي بموجب الاتفاق الذي أبرم في ستوكهولم برعاية الأمم المتحدة، ليؤكد مرة أخرى على أهمية قراره دعم الحكومة اليمنية لإنقاذ اليمنيين وبلادهم والمنطقة بأسرها من براثن المشروع الإيراني الخبيث.
وبعد أن كان قد تمكن من دحر الحوثيين المرتبطين بإيران من نحو 80 بالمئة من اليمن إثر بد عملياته المستمرة منذ 2015، نجح التحالف العربي بقيادة السعودية، في إجبار المتمردين على العودة إلى طاولة المفاوضات والموافقة على الاتفاق الأخير إثر تضييقه الخناق عليهم في معاقلهم الأخيرة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعلن الخميس الماضي التوصل لحزمة اتفاقات إثر مفاوضات استمرت أيام في السويد، توافق بموجبها ميليشيات الحوثي على الإفراج عن آلاف المحتجزين والانسحاب من الحديدة على البحر الأحمر ومينائها الذي يعد شريان حياة لملايين اليمنيين.
هذا الانتصار السياسي غير المسبوق في الأزمة اليمنية ما كان ليتحقق لولا الضغط العسكري لقوات التحالف العربي الذي بدأ دعمه للشرعية قبل 3 أعوام، للتوصل لاتفاق ينهي الأزمة في اليمن والتصدي للمشروع الإيراني الرامي إلى سلخ البلاد عن محيطها العربي واتخاذها منصة لتهديد دول الخليج العربي.
لكن ماذا لو لم يشكَّل التحالف العربي ويتدخل لحل الأزمة السياسية في اليمن، التي تسببت فيها الميليشيات الحوثية بانقلابها على الشرعية وسيطرتها بالسلاح على مؤسسات الدولة، ودفعها بالبلاد نحو اقتتال طائفي كانت إيران أحد أبرز لاعبيه؟
في قبضة إيران
واعتبر رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب، أن تدخل التحالف في اليمن كان خيارا فرضه الواقع، لأن “الحوثيين أمسكوا بكل زمام القوة الأمنية والعسكرية والمالية، وتمكنوا من السيطرة على كل مؤسسات الدولة بلا استثناء” في سبتمبر 2014، وقت الانقلاب الحوثي على الشرعية.
وأضاف لموقع “سكاي نيوز عربية”: “كان اليمن سيصبح ولاية حوثية، وهي ولاية كهنوتية عنصرية أشبه بالنظرية الخمينية، وربما أشد وطأة منها”.
ويؤكد غلاب أن اليمن تحت الحكم الحوثي “كان سيعيد تشكيل التحالفات داخل المنظومة العربية، لينفذ أجندات ذات امتدادات إيرانية وقطرية، هدفها تحويل اليمن إلى جبهات حرب باتجاه السعودية ودول الخليج”، الأمر الذي كان تأثيره سيتجاوز الأمن العربي، ليمتد إلى السلم والأمن الدوليين.
ومضى رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات يقول: “سيطرة الحوثيين على المشهد كانت ستُستغل لابتزاز الخليج، وخاصة السعودية والإمارات”.
“فعلى غرار ما حدث في سوريا والعراق، كانت إيران ستدفع بدباباتها وأسلحتها وعناصرها من الحرس الثوري في اليمن”، حسب غلاب الذي يرى أن تدخل قوات التحالف حجّم من سيطرة إيران على الساحة اليمينة.
وتابع: “التدخل العربي كان إنجازا، ومنع إيران، التي كانت تتحين الفرصة الحوثية للوصول للحكم، من بسط سيطرتها وانتشارها الكامل (..) السيطرة الحوثية كانت ستصل باليمن إلى القاع”.
خارج السيطرة
وفي السياق ذاته، قال الخبير العسكري والإستراتيجي عبد الله القحطانى، إن اليمن كان سيخرج عن السيطرة ليخضع لإيران، ويتحول إلى ساحة صراع بالسلاح مع السعودية، وبالتالي تهديد أمن دول الخليج.
وأضاف لموقع “سكاي نيوز عربية”: “حينها لن تفوت عناصر الحرس الثوري الإيراني الفرصة للانتشار في كل مدينة يمنية، وعلى جميع سواحل الدولة العربية في بحر العرب، والبحر الأحمر، وخليج عدن ومضيق باب المندب”.
وتابع: “هذا الانتشار العسكري البحري سيهدد أمن الملاحة، ويعرقل إمدادات الطاقة العالمية، وقد يصل مداه إلى قناة السويس”.
وأوضح: “كان الحوثيون سيكررون نموذج حزب الله في لبنان، ليصبحوا هم المتحكمين في اختيار الرئيس والحكومة والسيطرة على الاقتصاد والجيش والعلاقات الخارجية”.