مظلوم هو غطاء الرأس …مظلوم من مؤيديه ومظلوم من معارضيه، مظلوم ممن ارتدينه دفعا لمفسدة أو ارتدينه جلبا لمصلحة… مظلوم ممن ارتدينه خضوعا للمجتمع وممن خلعنه تحديا للمجتمع.
فمؤيدو غطاء الرأس مختلفة توجهاتهم ومعارضوه متباينة أفكارهم لكنهم اتفقوا جميعا على إساءة الفهم…
غطاء الرأس ليس حكرا على المسلمين، الديانة اليهودية حضت عليه، وفى المسيحية دعوة له.، أما فى الإسلام فهو عند مؤيديه فرض على كل امرأة حرة بالغة وإن تعددت أشكاله.
وبتعدد الأشكال يهبط التكليف من مستوى الفرض إلى مستوى السنة حين يتحول غطاء الرأس إلى النقاب الذى لا يظهر من المرأة إلا عينيها.
لكن دعونا من هذا الجدل ذى الطبيعة الدينية، فمسألة غطاء الرأس فى مصر باتت جزءً من ثقافة المجتمع الذى مال خلال العقود الأربعة الأخيرة إلى التمسك بمظاهر التدين أكثر من جوهره، وفى مظاهر التدين ظواهر عدة من بينها غطاء الرأس.
وغنى عن البيان القول بأن غطاء الرأس ليس دليلا على عفة المرأة كما أن “السفور” أو عدم تغطية شعر المرأة ليس دليلا على الانحلال.
وهنا يكمن الظلم متعدد الأوجه الذى أشرت إليه آنفا .، فغطاء الرأس لدى مؤيديه والمدافعين عنه تحول إلى رمز يلخص ما يعتبرونه “قلب معركة الدفاع عن الهوية” وأضحى لدى معارضيه رمزاً للتشدد وعودة لعصر “الحريم” الذى تجاوزته مصر منذ قرن تقريبا.
وحقيقة الأمر أن غطاء الرأس لا هذا ولا ذاك، ولا ضير فى أن يتمسك به البعض أو يرفضه البعض الآخر.
لكن المهم ألا يتحول “غطاء الرأس” إلى “حجاب على العقل” يحول دون انطلاق المرأة للعب الدور المنوط بها خدمة لمجتمعها، والمهم أيضاً ألا يتحول “السفور” إلى رمز لمعركة تقدم المجتمع، فالأمم لا تتأخر بتغطية رؤوس نساءها ولا تتقدم بسفورهن.
يا سادة دعوا الراغبة فى تغطية رأسها وشأنها واتركوا الراغبة فى كشفها فى حالها. وما عليكم إلا أن توفروا للاثنتين بيئةً تحترم المرأة وتعلي قيمة الجوهر على التمسك بالمظهر.
وفروا لهن شارعا آمنا وبيئة عمل محترمة، وفروا لهن فرصا عادلة فى التعليم والصحة والعمل والسكن ووسائل مواصلات تحترم آدميتهن… فكروا فيهن كإنسان مكلف كالرجل تماما وليس فقط كمصدر إغواء أو موطن فتنة.
ساعتها لن نسمع دعوات لمظاهرة لخلع الحجاب ولن نشهد دعوات لارتدائه.