اليمن الأناضول :نجحت الضغوط الدولية في كبح معركة تحرير الحديدة اليمنية من جماعة الحوثيون للمرة الثالثة.بعد أيام من تصعيد عسكري شهدته غالبية جبهات القتال، يدخل اليمن مرحلة بيات شتوي جديدة، تجعله يتأرجح بين نصف حرب ونصف سلام.
وكانت القوات اليمنية المشتركة المدعومة من التحالف العربي، ، قاب قوسين من تحرير الحديدة التي تعرف بـ”عروس البحر الأحمر”، بعد عملية خاطفة نفذتها ألوية مختلفة من الجيش اليمني والمقاومة الوطنية والتهامية.
وتمكنت القوات المشتركة من انتزاع مواقع استراتيجية في قلب المدينة، واقتربت للمرة الأولى من ميناء الحديدة الاستراتيجي، الذي يُتهم الحوثيين بتسخيره لعمليات تهريب الأسلحة الإيرانية، وهو ما تنفيه الجماعة.
وقالت مصادر عسكرية، للأناضول، إن القوات المشتركة كانت على بعد نحو 3 كيلومترات من ميناء الحديدة، قبل أن تأتي الأوامر بالتهدئة وهو ما جعل القوات تتراجع إلى الخلف خشية القذائف الحوثية.
وأعلن العميد صادق دويد، المتحدث العسكري للمقاومة اليمنية التي يقودها نجل شقيق الرئيس السابق، العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح، أن جماعة الحوثي أبلغت المجتمع الدولي بموافقتها على الانسحاب من ميناء الحديدة وتمسكت بالبقاء في المدينة الساحلية.
ولفت إلى أنهم يؤيدون السلام ووقف العمليات العسكرية، شريطة انسحاب الحوثيين من مدينة وميناء الحديدة بالكامل.
وقال عبدالله العليمي، مدير مكتب الرئاسة اليمنية، في تصريحات نقلتها وكالة سبأ الرسمية، مساء الأربعاء، إن “تحرير الحديدة أمر لا مفر منه، سلمًا أو حربًا”.
وكانت القوات الحكومية المشتركة هي صاحبة الكلمة العليا في المعركة الأخيرة، وأقرت جماعة الحوثي بذلك، معتبرة أن القوات التي تتقدم لتحرير الحديدة، هي ضعفهم عشرات المرات.
لكنها لجأت إلى الألغام الأرضية كسلاح فتاك لكبح جماح تقدم القوات المهاجمة، كما استحدث الحوثيون عشرات الخنادق المفخخة.
ومع اقتراب القوات الحكومية من السيطرة على ما يعرف بـ”خط الشام”، وهو المنفذ الرئيسي الجديد لإيصال الإمدادات القادمة من ميناء الحديدة إلى محافظات الشمال اليمني الخاضعة للحوثيين، تعالت نداءات المجتمع الدولي المطالبة بوقف المعركة، وحذرت من مجاعة.
وأوفدت الأمم المتحدة فريقًا من كبار مسؤوليها إلى الحديدة، بينهم منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، ليز جراندي، والذبن حذروا من “مجاعة وشيكة” بسبب معارك الحديدة، وهو ما جعل حدة القتال تتراجع بشكل مفاجئ.
وقال مصدر عسكري يمني، للأناضول، إن المعركة تجمدت منذ الإثنين الماضي، بأوامر من قيادة التحالف في الساحل الغربي، رغم أن معنويات القوات كانت قد ارتفعت وهي تشاهد ميناء الحديدة على مرمى البصر.
وذكر وزير الدولة الإماراتي، أنور قرقاش، الذي تتولى بلاده الملف العسكري في الساحل الغربي، أن الوضع بالحديدة أصبح هادئا وأن ميناء الحديدة يعمل بشكل طبيعي.
كما أعلن تأييد بلاده لمشاورات السلام التي ستعقد في السويد، خلال الأيام القادمة.
ولاحقا، أعلن التحالف العربي، منح تصاريح لـ6 سفن إلى الموانئ اليمنية بما فيها ميناءي الحديدة والصليف الخاضعين لجماعة الحوثي، في تحول مباشر للحديث عن الشق الإنساني، كما حصل عندما تجمدت المعركة في أغسطس/آب الماضي.
وسيكون المجتمع الدولي بانتظار جلسة حاسمة لمجلس الأمن الدولي حول اليمن، اليوم الجمعة، والتي قد يتم فيها تحديد مسار المشاورات المرتقبة، وتحديد موعدها الزمني، بعد الاتفاق شبه التام على انعقادها في السويد.
ولا يُعرف ما إذا كانت الأرضية قد أصبحت مهيأة فعلا لانطلاق مشاورات سلام جادة، لكن بريطانيا أعلنت أنها حققت اختراقا في إقناع التحالف بإجلاء 50 جريحًا من صنعاء إلى مسقط خلال الأيام القادمة، كحل للعقدة التي تسببت في إفشال مشاورات جنيف 3 في سبتمبر/أيلول الماضي.
ولا تزال الحكومة اليمنية تتمسك بحل سياسي قائم على مرجعيات 3 على رأسها الاعتراف بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي والانسحاب الكامل من ميناء ومدينة الحديدة، فيما لا يبدو أن الطرف الحوثي سيتعاطى بايجابية مع تلك الشروط.
واعتبر “ماجد المذحجي”، وهو المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أن السلام لا يزال ملف بعيد المنال، وأن الحيثيات السياسية لن تتغير بسبب معركة الحديدة.
وقال الباحث اليمني، للأناضول، “المجتمع الدولي كان قد منح التحالف – على ما يبدو – مهلة اللحظة الأخيرة بشأن الحديدة وشاهدنا نتائج عسكرية كبيرة ومتسارعة، لكن الوضع تغير مع اقتراب جلسة مجلس الأمن الدولي حول اليمن”.
وذكر أن جماعة الحوثي قاومت في الحديدة لكي لا تظهر أكثر ضعفًا في أي مشاورات، وبالفعل قد يذهبون للمشاورات المرتقبة، خلافا لجنيف 3 التي تخلفوا عنها.
وأضاف “شروط انعقاد مشاورات جادة لازالت في الحدود الدنيا، ودعوة المبعوث الأممي، مارتن جريفيث، هي دعوة لخطوات بناء الثقة فقط، وتمهيد للسلام وهذا ملف يتعقد أكثر فأكثر كل يوم”.